طفلة المصعد والتحرش

  • 1/11/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يطالب كثير من المثقفين والمواطنين الطيبين عامة سن قوانين ضد التحرش. أهم شيء في نظري ألا يدخل مجلس الشورى في الموضوع. ربما لأن معظم أعضائه يحبون الفرقعات مثلنا ككتاب. قوانين الخبز والإسكان والسفر رائعة إذا تلت (لا أن تكون سبقت) القوانين الأساسية التي ترتبط بجوهر وجود الإنسان. فهذا المجلس العتيق ظل بعيدا عن القضايا الأساسية مع الأسف. الرفاهية الحقيقية تبدأ من إحساس الإنسان بكرامته وحريته وامنه. ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. شاهد كثير منا الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام. الفيديو الذي تظهر فيه صورة رجل يعتدي (جنسيا) على طفلة أمام المصعد. هذا الاعتداء لاشك أثار استياء وقرف وغضب الشرفاء من الناس. لا أظن ان مثل هذا الاعتداء قليل الحدوث. المرضى بحب الطفولة الجنسي متخفون في كل ناحية من نواحي حياتنا. لا يمكن تحديدهم والاستدلال عليهم بسهولة. الطبيعة المحافظة للمجتمع والمنافقة في بعض الأحيان تعطي هؤلاء غطاء يتحركون تحته. هذا المرض من جهة أخرى يفرض نفسه بصورة مكشوفة ومتبجحة متذرعا بجواز الزواج من القاصرات. ما جاء في الفيديو يطرح سؤلا خطيرا مهما. هل الاعتداء على الفتاة الصغيرة جنسيا (دون السن القانونية) او التحرش بها هو اعتداء على الطفولة أم يدخل تحت قانون التحرش الجنسي بالنساء وفقا لمنطق من يجيز الزواج من القاصرات؟ وإذا أخذنا هذا الأمر إلى مداه سنطرح السؤال: هل تتحمل الطفلة التي تم الاعتداء عليها في المصعد جزءا من مسؤولية ما حصل لها لأنها وقفت في الشارع دون إسباغ العباءة السوداء على كامل جسدها وأهملت غطاء الوجه الصفيق وبذلك تكون شجعت إلى حد ما هذا الرجل على الاعتداء عليها. وإذا ابتعدنا قليلا في هذا الأمر سيكون سياق هذا المنطق كالتالي: إذا كان هناك من يجيز زواج فتاة في هذه السن (العاشرة تقريبا) فحالتها الجسدية ورغباتها الجنسية يجب أن تكون مماثلة لامرأة بلغت الرشد. وإذا انتقلت قانونيا إلى مرحلة بلوغ الرشد لتصبح زوجة تكون مسؤولة عن تصرفها فتتحمل جزءا مما يحدث لها حسب ما تقرر الآراء التي تقول إن أحد أسباب التحرش هو المرأة التي تخرج من بيتها متبرجة (ملاحظة مهمة: لم يتفضل أحد ويشرح لنا معنى كلمة متبرجة حتى الآن رغم أنها من أكثر الكلمات التي طاردت المرأة في الثلاثين سنة الماضية).. حسب هذا الرأي المرأة المتبرجة مسؤولة عما يحدث لها، وعليه يجب معاقبة هذه الطفلة على الجزء الخاص بها من الجريمة. طالما فتاة العاشرة مرشحة لتكون مسؤولة عن فتح بيت الزوجية وتقوم بواجبها الجنسي تجاه رجل يشاركها الفراش وبعد اشهر قليلة ربما تنجب وتنضم إلى فريق (مربيات الأجيال) فبالتأكيد هي مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل تصرفاتها. إذاً فكل من شعر بالقرف أو بالغضب أو الاستياء من هذا الفيديو الذي ظهر فيه رجل يحتضن طفلة صغيرة عليه مراجعة موقفه: هل هو مع زواج القاصرات أم ضده؟ إذا كان من مؤيدي الزواج من القاصرات فيجب الا يثير عنده هذا المنظر سوى الغضب من هذه الطفلة التي سولت لها نفسها الخروج متبرجة. النبل الإنساني والأخلاق الكريمة لا يتجزآن.

مشاركة :