الكاتبة ليلى يوسف الصالح تخيل أن ترى الألوان عند سماع الموسيقى أو تتذوق النكهات عند قراءة الكلمات. هذا ليس مجرد خيال، بل واقع يعيشه الأشخاص الذين يعانون من حالة نادرة تعرف بالسينستيزيا (Synesthesia) او الحس المرافق. هذه الحالة العصبية تكشف عن تعقيدات مذهلة في عمل الدماغ البشري، حيث تتحفز الحواس بشكل متداخل وغير إرادي.  ما هي السينستيزيا؟ السينستيزيا، التي تعني حرفياً “الإحساس المشترك” او الحس المرافق من اللغة اليونانية، تأتي في أشكال متعددة، منها: – الألوان الصوتية:رؤية ألوان عند سماع أصوات معينة. – الأرقام الملونة: ربط الأرقام أو الحروف بألوان خاصة. – التذوق الصوتي: ربط الأذواق بأصوات محددة. – اللمس البصري: الشعور بإحساس اللمس عند رؤية أشياء معينة. آلية العمل والتفسير العلمي على الرغم من أن الأسباب الدقيقة للسينستيزيا لا تزال غامضة، يعتقد العلماء أن زيادة التوصيل العصبي بين المناطق الحسية في الدماغ تلعب دورًا أساسيًا. قد يكون هذا نتيجة لتشابك غير طبيعي في الوصلات العصبية، إلى جانب عوامل وراثية.  تجارب الأشخاص المصابين بالسينستيزيا بالنسبة للأشخاص المصابين بالسينستيزيا، تكون هذه التجارب جزءًا طبيعيًا من حياتهم. يصف أحدهم الموسيقى بأنها ألوان متحركة، بينما يجد آخر أن الأرقام تحمل “شخصيات” معينة. ومن المثير للاهتمام أن هذه الحالة تُعتبر ميزة عند البعض، حيث تسهم في الإبداع والتفكير الفريد. العديد من الفنانين والموسيقيين والكتاب المشهورين يُعتقد أنهم عانوا من السينستيزيا، مثل فاسيلي كاندينسكي ونابوكوف.  تأثير السينستيزيا على تجربة السائح تضفي السينستيزيا بعدًا إضافيًا على تجربة السائح، حيث يجعل التداخل الحسي التجارب أكثر غنى وعمقًا. على سبيل المثال: – التجارب البصرية والصوتية الغامرة: يمكن للسائح أن يستمتع بالألوان التي يراها عند سماع موسيقى تقليدية، مما يعزز تقديره للثقافة المحلية. – تذوق الثقافة بشكل فريد: تصبح وجبات الطعام التقليدية تجربة حسية متعددة الأبعاد، حيث ترتبط الأذواق بألوان أو أصوات، مما يجعل تناول الطعام لا يُنسى. -الشعور بالتاريخ والمعالم: يعزز التداخل الحسي من الفهم العاطفي والتاريخي للمكان. – *الاسترخاء والتأمل في الطبيعة:* تتيح السينستيزيا للسياح تجربة أعمق عند التفاعل مع الطبيعة. التطبيقات والأبحاث المستقبلية تفتح دراسة السينستيزيا آفاقًا جديدة لفهم معالجة الدماغ للمعلومات الحسية. يمكن أن تسهم الأبحاث في تطوير أساليب علاجية جديدة للاضطرابات العصبية وتحسين تقنيات التعليم والإبداع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الفهم الأعمق لهذه الظاهرة في تطوير تجارب تكنولوجية وتصميمية متعددة الحواس، مثل الواقع الافتراضي والوسائط المتعددة. تبقى السينستيزيا واحدة من أكثر الظواهر العصبية إثارة وإلهامًا. إذ تفتح لنا نافذة على تعقيد الدماغ البشري وإمكانياته الهائلة. فهم هذه الحالة يمكن أن يعزز الإبداع والابتكار، ويؤثر بشكل إيجابي على نوعية الحياة للأشخاص المصابين بها. أما بالنسبة للسياحة، فإن السينستيزيا تقدم تجارب غامرة وفريدة تترك بصمة دائمة في ذاكرة السائح، مما يعزز من متعة واكتشاف العالم بطرق غير تقليدية.