تعرّضت مناطق عدة في قطاع غزة، أمس، إلى قصف دام، وسط استمرار المعارك بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بينما تتزايد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى هدنة مع تمسّك الطرفين بشروطهما التي قد تعيق استئناف المفاوضات التي يدعو إليها الوسطاء. وتواصلت المعارك العنيفة في مناطق في شمال القطاع ووسطه وجنوبه، بعد قرابة 8 أشهر من الحرب. وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، أن عدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ 241 على قطاع غزة ارتفع إلى نحو 120 ألف قتيل وجريح. وقالت: إن حصيلة العدوان ارتفعت إلى 36479 قتيلاً و82777 جريحاً منذ السابع من أكتوبر الماضي، لافتةً إلى أن آلاف الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، قالت في خبر سابق، أمس، نقلاً عن مصادر طبية: إن 21 شخصاً قتلوا، منذ فجر الاثنين، في غارات متفرقة على وسط وجنوب قطاع غزة. وأكد متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أمس، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعتبر مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن لإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة «غير مكتمل». ويوم الجمعة، عرض بايدن خطة إسرائيلية من ثلاث مراحل لإنهاء القتال في قطاع غزة، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. ونقل المتحدث باسم الحكومة ديفيد مينسر عن نتنياهو قوله: إن «الخطوط العريضة التي قدمها الرئيس بايدن غير مكتملة»، مشيراً إلى أن «الحرب ستتوقف بهدف إعادة الرهائن ومن ثم تجري مناقشات حول كيفية تحقيق هدف الحرب». وفي بيان منفصل صادر عن مكتب نتنياهو، جاء أن «الادعاءات بأننا وافقنا على وقف إطلاق النار دون تلبية شروطنا غير صحيحة». بدورها، قالت الفصائل الفلسطينية، إنها «تجهز نفسها للرد بإيجابية على المقترح الأميركي في حال حصلت على ضمانات مكتوبة تجبر إسرائيل على الالتزام بأي اتفاق معها». وقال مصدر فلسطيني وأحد المطلعين على سير عملية المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل: إن «الفصائل تنظر بإيجابية للمقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن، خاصة وأنه يتضمن غالبية مطالبها، ولكننا لن نعطي ردنا النهائي ما لم نحصل على ضمانات رسمية ومكتوبة». وأضاف المصدر الفلسطيني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «الفصائل ترى بأن مقترح بايدن يمكن أن يكون مقدمة لوضع حد نهائي للحرب الإسرائيلية على غزة في حال مارس ضغوطاً رسمية على إسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو». وأكد خبراء ومحللون سياسيون أهمية نجاح جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة، خاصة في ظل المقترح الأميركي للتهدئة، موضحين أن الوضع الإنساني يفرض على جميع الأطراف ضرورة الاستجابة لخارطة طريق إنهاء الحرب. ورأى المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، أن مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن فرصة لجميع الأطراف يمكن أن تشكل أساساً لأي مفاوضات بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، ويمكن أن تمنح فرصة للجهود العالمية من أجل الوصول لوقف الحرب. وأضاف حرب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن أطراف الحكومة الإسرائيلية لا زالوا يؤكدون على أهداف الحرب التي وضعوها بعد 7 أكتوبر، والتي تشير إلى أن إسرائيل غير راغبة في الوصول لاتفاق رغم جهود الوساطة وإعلان بايدن. وتابع حرب: «الآمال ما زالت معقودة على إمكانية قبول الطرفين من حيث المبدأ خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس الأميركي من أجل الوصول لاتفاق الفترة المقبلة»، مشيداً بالجهود العربية المتواصلة لإنجاح المقترح المعلن لإنهاء الحرب. وعبر عن أمله في أن تتكلل هذه الجهود بالنجاح، خاصة أن الفلسطينيين باتوا يحتاجون إلى الهدوء والعودة إلى منازلهم، وتفقد أحبائهم والعودة للحياة تدريجياً دون أن يكون هناك قصف إسرائيلي وموت يلاحقهم أينما كانوا. وفي السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية، الدكتور محمد المصالحة، أن اقتراح وقف إطلاق النار مهم لوقف الحرب في غزة، مشيراً إلى أهمية جهود الوساطة في هذه المرحلة لتليين موقف الأطراف للقبول بالمقترح ووقف إطلاق النار. وقال لـ «الاتحاد»: إن تكلفة الحرب أصبحت كبيرة على إسرائيل في الداخل والخارج مع بروز القضية الفلسطينية على أجندة العالم مرة أخرى، وفي المقابل يتعرض المدنيون في فلسطين للموت ويريدون وقف الحرب. واعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي الأردني، الدكتور عامر السبايلة، أن تطبيق المقترح الأميركي ليس سهلاً في ظل وجود عقبات متعددة على الأرض، موضحاً أن فكرة إيقاف الحرب مهمة، وهي السائدة الآن في الإدارة الأميركية الحالية. وشدد السبايلة، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أنه لا يمكن تحقيق أي استقرار إقليمي في منطقة الشرق الأوسط إلا من خلال وقف الحرب في غزة، موضحاً أن الطرح الدبلوماسي غير قادر على إيقاف ما يجري على الأرض لكنها تبقى محاولات مهمة وممكن تنفيذها حال موافقة الأطراف.
مشاركة :