ـ قدم الشيخ راشد الغنوشي نفسه عبر سنوات طويلة واعظاً ومن ثم مفكراً إسلامياً لا تأخذه في الله لومة لائم، ولطالما انتقد وحارب الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة ووصفه بأقذع الأوصاف بسبب بعض قراراته التي يرى الشيخ أنها تتعارض مع الشريعة.. لقد كان الشيخ يذب عن محارم الله كما يقولون. ـ يومها لم يشك أحد في صدق نيات الشيخ راشد، واعتبروه لفترات طويلة من أولئك الفضلاء الورعين الذين يجعلون دين الله نصب أعينهم في كل تصرفاتهم، ولا يمكن أن يتغيروا أو يغيروا في كل ما يمس مسائل الحلال والحرام مهما كانت الظروف والصعوبات التي يواجهونها. ـ المدهش أن لذة السلطة أو بالأحرى التسلط تغير من مواقف الناس، وتجعلهم يتنازلون عن أشياء كثيرة لم تخطر على البال، وخصوصاً حينما يتعلق الأمر بالحلال والحرام، وهذا أخطر مضمار يلعب به وفيه سدنة الإسلام السياسي في أيامنا هذه، ولا شك أنهم يستطيعون إقناع أتباعهم بأي منحدر يصلون إليه مستغلين في ذلك غياب عقل التابع، وعلى الله المشتكى. ـ بورقيبة حرم تعدد الزوجات بنص الدستور التونسي، ويومها لم يبق شيخ في طول العالم الإسلامي وعرضه إلا ونال منه وانتقده بشدة على تحريمه ما حلل الله بمن فيهم الشيخ راشد الغنوشي نفسه، وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم حتى أصبح ملعوناً ومشكوكاً في قواه العقلية في كل بلد عربي. ـ السؤال البديهي: لماذا حارب الشيخ راشد الغنوشي الرئيس بورقيبة ودستوره عندما منع تعدد الزوجات ثم سار على خطاه عندما أصبح هو في السلطة؟ هل نسي الشيخ ما قاله في حق بورقيبة بسبب تلك المادة في الدستور تحديداً؟ أم أن الحقيقة أن الشيخ يستخدم التقية السياسية كي يبقى ولا يهمه حتى لو حرم بها حلالاً؟ ـ أرجو من الذين يعتقدون الطهرانية في راشد الغنوشي ورفاقه في غير بلد عربي أن يعيدوا التفكير ويقرأوا جيداً في أدبيات هؤلاء قبل أن يستسلموا للتزكيات المجانية من أي أحد.. إذ لا فروق جوهرية بين الذين رحلوا وبين الذين أتوا؛ فكلهم عبيد للكراسي، وإن اختلفت المسوح!!
مشاركة :