اعتبر الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء أن البشر يشكلون خطرا على كوكب الأرض يوازي خطر النيزك الذي أباد الديناصورات، وحضّ على وضع حد لإعلانات تروج للوقود الأحفوري بعدما أظهرت بيانات علمية أن الأشهر الـ12 الأخيرة كانت كلها الأكثر حرا على الإطلاق. بالفعل بدأت تحوّلات مناخية دراماتيكية تسبب خسائر فادحة في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى تأجيج الظواهر الجوية القصوى والفيضانات والجفاف، مع ذوبان أنهار جليدية وارتفاع مستويات سطح البحار. ودعا غوتيريش إلى فرض حظر على إعلانات النفط والغاز والفحم، مصادر الطاقة التي تعد العوامل الأساسية للاحترار العالمي، بعد إصدار مراصد مناخية عالمية أرقاما جديدة تؤشر إلى أن الكوكب في خطر. وقال غوتيريش خلال كلمة حول المناخ في متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك "في حالة المناخ، نحن لسنا الديناصورات. نحن النيزك. نحن لسنا فقط في خطر، نحن الخطر". وفق بيانات أصدرها المرصد الأوروبي كوبرنيكوس الأربعاء فإن الشهر الماضي كان الأكثر حرا من بين كل أشهر أيار/مايو وهو ما "يمثل 12 شهرا متتالية من أشد الشهور حرارة على الإطلاق". وقال المرصد إن متوسط درجة الحرارة العالمية بين حزيران/يونيو 2023 وأيار/مايو 2024 كان "أعلى بـ1,63 درجة مئوية من متوسط ما قبل الحقبة الصناعية 1850-1900"، في إشارة إلى الفترة التي سبقت بدء ارتفاع درجة حرارة الكوكب من جراء انبعاثات غازات الدفيئة التي يسببها الإنسان. وفق كوبرنيكوس كان العام 2023 الأكثر حرا على الإطلاق متخطيا بـ1,48 درجة مئوية مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، في إشارة إلى ظاهرة إل نينيو المناخية الطبيعية التي تدفع بدرجات الحرارة صعودا. على الرغم من أن ظاهرة إل نينيو بصدد التبدد، أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالا بنسبة 80 بالمئة أن يتجاوز متوسط الحرارة السنوية حد 1,5 درجة مئوية في واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة. وحذّرت المنظمة من أن البشرية لا تتعامل بجدية مع الأهداف المحددة في اتفاقية باريس للمناخ المبرمة في 2015 والتي تنص على إبقاء الاحترار ضمن هامش 1,5 درجة مئوية. لكن مخاطر التخطي الموقت لهذا الحد تتزايد منذ العام 2015، وفق المنظمة. وقال غوتيريش إن "الانبعاثات العالمية ينبغي أن تنخفض بنسبة 9 في المئة كل عام حتى 2030 للحفاظ على إمكان الإبقاء على الاحترار في حدود 1,5 درجة مئوية. لكنها بدلا من ذلك تنحو منحى خاطئا". في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب28) الذي انعقد في دبي تم الاتفاق على "التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري"، لكن انخفاض الانبعاثات لن يكون وشيكا. وقال غوتيريش "عرابو فوضى المناخ - صناعات الوقود الأحفوري - يحققون أرباحا قياسية ويتنعمون بتريليونات من الإعانات الممولة من دافعي الضرائب". وأضاف "أحض كل البلدان على حظر إعلانات شركات الوقود الأحفوري"، مشبها الأمر بحظر مفروض على منتجات تؤذي صحة الإنسان على غرار التبغ. وتابع "هناك حاجة إلى مخرج من الطريق السريع المؤدي إلى الجحيم المناخي" في حين يتوقّع أن تبدأ الجهات الموقعة على اتفاقية باريس بإعلان نتائج جديدة لانبعاثاتها في مطلع العام 2025. وجدّد غوتيريش الدعوة لفرض ضرائب على أرباح صناعات الوقود الأحفوري لتمويل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، مشيرا خصوصا إلى "رسوم تضامنية على قطاعات مثل الشحن والطيران واستخراج الوقود الأحفوري". وقال "حتى لو وصلت الانبعاثات إلى الصفر غدا، فقد خلصت دراسة حديثة إلى أن فوضى المناخ ستكلف 38 تريليون دولار سنويا على الأقل بحلول عام 2050". وهذا الرقم يتخطى مبلغ 2,4 تريليون دولار تحتاج اليها البلدان النامية، باستثناء الصين، للتخلي عن الوقود الأحفوري والتكيف مع كوكب أكثر دفئا، وفقا لتقديرات خبراء الأمم المتحدة. وقال غوتيريش إنه ألقى خطابه في الوقت الراهن في خضم مخاوف من أن تصبح أزمة المناخ "ضحية لصرف الانتباه" بسبب الحروب والنزاعات الكثيرة. ومن دون التقليل من أهمية إيجاد حلول للنزاعات، قال غوتيريش "لا يمكننا السماح لها بإلهائنا عما هو التهديد الوجودي للبشرية في جميع الأوقات، وهو تغير المناخ". ويأتي في وقت تجري فيه محادثات أساسية حول المناخ في بون بألمانيا لتمهيد الطريق لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب29) الذي سينعقد في أذربيجان في تشرين الثاني/نوفمبر. ترمي المحادثات إلى التوصل لاتفاق جديد بشأن تقديم دول غنية مساعدات مالية إلى بقية دول العالم لتحقيق أهدافها المناخية.
مشاركة :