الحج في قريحة الشعراء

  • 6/8/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ارتبطت فريضة الحج الحج بالشعائر الدينية والتجليّات، وأصبح الركن الخامس من الإسلام شعيرةً يطهّر بها الإنسان عن خطاياه، لكن الحقيقة أن الحج كان منبراً للشعراء ومكان يأتلفه الأدباء والمتعاكظون كل عام، حتى أصبحت أسواق العرب الثلاثة عكاظ وذي مجاز ومجنة أحد أشهر أعمدة التاريخ والتي من خلالها بدأت ثورة الشعر بمعلقاتٍ سبع علقت على أستار الكعبة. لأدب الحج مفاهيم عديدة سطّرها التاريخ العربي، فمذ جاءت قوافل العرب إلى مكة، ترابطت ألسنة العرب وعقدت العقود والأحلاف حتى أصبح الشعر والتدوين والتأريخ الرابط الأقوى بين العرب. حازت فريضة الحج على براعة كثير من الشعراء والمؤرخين وأصبحت التأملات الشعرية المرتبطة بالوجدان أشهر ما روي على لسان العرب. ومن أشهر ما كتب في أشعار الحج، قصيدة لشوقي عبّر فيها عن مشهد مهيب يصف فيها اختلاف أصناف الحجاج من ملامحهم وبلدانهم ولكنهم في مكان واحد، خاشعون لإله واحد، وفريضة واحدة وحّدت القلوب والأبصار . فيصف شوقى ذلك المشهد قائلاً : لك الدين يا رب الحجيج جمعتهم لبيت طهور الساح والعرصات أرى الناس أصنافا ومن كل بقعة إليك انتهوا من غربة وشتات أما عن أدب الرحلات ففي عام 1325 م .. خرج ابن بطوطة للحج وكتب عن تلك الرحلة : "رحلت وحيداً لم أجد أحداً يؤنس وحدتي بلفتات ودية، ولا مجموعة مسافرين أنضم لهم، مدفوعا بِحكمٍ ذاتي من داخلي، ورغبة عارمة طال انتظارها لزيارة تلك المقدسات المجيدة قررت الابتعاد عن كل أصدقائي، ونزع نفسي بعيداً عن بلادي. وبما أن والديَّ كانا على قيد الحياة، كان الابتعاد عنهما حملاً ثقيلاً علي. عانينا جميعاً من الحزن الشديد". وعن أدب الحج كتب الكاتب النمساوي "ليوبولد فايس " محمد أسد كما يحب أن يسمي نفسه كتاب وصف بالمعجزة أسماه " الطريق إلى مكة ألّفه في رحلة حجه بعد إسلامه وسقوط عباءة اليهودية عنه؛ واقتطفت من جمال ما كتب : " ما أرويه في هذا الكتاب لا يُعد سيرة ذاتية لإمرىء يشعر بالفخر لدور قام به في الحياة العامة، كما لا يعد رواية لمغامرات خضتها، على الرغم أنني صادفت مغامرات عجيبة، فإنها لم تمثل لي أكثر من مجرد أحداث مرافقة ومصاحبة لما كان يدور فى داخلي وما أصادفه، عدا كل ذلك فهو لا يعد قصة حياة رجل يفتش بقصد ونية عن إيمان عميق أو عقيدة بذاتها، فذلك الإيمان حل علي عبر رحلة السنين دون أن أسعى إليه، حكايتى ببساطة هى حكاية اكتشاف رجل أوروبي للإسلام كدين متكامل في أي مجتمع إسلامي". وأما عن أسفار الحج، فللإمام الرافعي مؤلف دون فيه رحلته بصبغة تاريخيّة بعنوان " الإيجاز في أخطار الحج " أدب الحج، بابٌ يفتح فلا يغلق، ومعنى لا نهاية له.. لكنني أوجزت القول حتى يأخذ القول مجراه في النفس، ويرقى للقراءة الوجيزة.

مشاركة :