حساسية الأسواق المالية مرتفعة اتجاه أي أخبار او احداث نظراً لسهولة حركة المال فيها في البيع او الشراء، وبعد أن واجه العالم عدة تحديات كبرى من بداية الازمة المالية عام 2008 الى جائحة كورونا ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك الهجوم الوحشي لإسرائيل على غزة إضافة لانعدام اليقين في توجهات الاقتصاد العالمي بفعل عوامل تأثيرات كل تلك الاحداث التي رفعت التضخم وأجبرت صناع السياسة النقدية في العالم لاتخاذ إجراءات مشددة فإن كل ذلك لم يمنع الأسواق من الارتفاع رغم التقلبات التي عاشتها، وذلك بسبب تجدد الفرص والسياسات المالية والنقدية والخطط الاقتصادية المضادة لمعالجة تداعيات تلك الأزمات. لكن ذلك لا يعني ان المرحلة القادمة خالية من التحديات او لا تحمل فرص التي عادة تولد من رحم الازمات فمن اهم التحديات على المستوى الاقتصادي تظهر الحرب التجارية بين اميركا والصين فهما يشكلان حوالي 42 بالمائة من الاقتصاد العالمي، وتأثير تفاقم هذه الحرب بينهم سيطال العالم كله لأنه مهدد قوي لتراجع الاستثمارات والطلب على السلع وأيضا الضغط على الشركات المصدرة للسوقين الأكبر بالعالم مما قد يؤدي لخسائر كبيرة تلحق بهم، وسيقلل ذلك من فرص عودة النمو عالمياً بالوتيرة المطلوبة إضافة لتأثيرات ذلك على السياسات المالية والنقدية في الدولتين، واثر ذلك على الاقتصاد العالمي سلبياً حيث ستمتد فترة عدم اليقين باتجاهات الاقتصاد لفترة أطول خصوصاً ان الحكومة الامريكية التي بدأت هذه الحرب بعهد الرئيس السابق ترمب لم تتغير في عهد حكومة الرئيس بايدن، واذا عاد ترمب للسلطة فإن ذلك يعني استمرار هذه المواجهة بينهما لأمد أطول، وقد تدخل مرحلة تكسير العظام ما لم يتم الاتفاق بينهم على صيغة توقف هذه الحرب التجارية. اما التحدي الذي لا يقل خطورة هو استمرار الحرب الروسية الأوكرانية واتساع نطاقها بعد تهديد اوكرانيا بزيادة الضربات داخل روسيا على مواقع مهمة فإن ذلك يعني انتقال روسيا لمرحلة استخدام أسلحة تقليدية اكثر تدميراً، واذا ما أرسلت اوروبا قوات تدخل هذه الحرب كما لمح الرئيس الفرنسي فإن ارض المعركة ستتوسع لتشمل دولا عديدة، وفي هذه الحالة قد يتم استخدام أسلحة غير تقليدية وهو ما يشكل خطراً كبيراً لنشوب حرب عالمية ثالثة وهو ما سيكون مدمراً للاقتصاد العالمي، ورغم ان هذا الاحتمال مازال ضعيفا جداً لكنه قائم، وتم التلميح له من اطراف الحرب من باب الردع وزرع المخاوف لتحقيق مكاسب سياسية في حال رضخ أي طرف منهم لتلك التهديدات. اما التحدي الاخر وهو سياسي أيضاً يتمثل في توجه إسرائيل لتوسيع حربها لتشمل لبنان فإن ذلك يعني نشوب حرب إقليمية وزيادة في التأثير السلبي على الملاحة في الشرق الأوسط عموما مما سيرفع من تكلفة نقل السلع والبضائع وما لذلك من تأثير برفع التضخم وتغيير واسع بخطط الانفاق بدول المنطقة عموماً وحتى على مستوى قرارات البنوك المركزية الكبرى باستمرار سعر الفائدة المرتفع لفترة أطول مما يضعف النمو الاقتصاد الدولي. رغم كل تلك التحديات والتي تبقى مجرد احتمالات الا ان الفرص بالأسواق مازالت كفتها راجحة مع التوسع في قطاعات حديثة، وأيضا التغير بسياسات الدول نحو الخصخصة وتيسير القوانين والأنظمة لجذب الاستثمارات مع وجود رغبة دولية بتحجيم المخاوف السياسية ومنع توسع الحروب والنزاعات، كما ان بداية بنوك مركزية مهمة في العالم بخفض سعر الفائدة مع التوقع بأن يلحق بهم الفيدرالي الأمريكي يعطي إشارات إيجابية للأسواق، إضافة للتقييمات والتوقعات الجيدة من البنوك العالمية للأوضاع الاقتصادية واتجاهات السيولة للاسهم مجدداً في شهر يوليو القادم .
مشاركة :