مقالة خاصة: حرائق واسعة تلتهم مساحات من الأراضي الزراعية بجنوب لبنان بسبب القصف الإسرائيلي

  • 6/9/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أسبوع وعلى مدى عدة أيام متواصلة يتصاعد دخان أسود داكن في الأجواء على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل بفعل حرائق واسعة ناجمة عن القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويتواصل القصف وإطلاق النار المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على جانبي الحدود بشكل يومي منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل. وتسبب القصف المتبادل في سقوط مئات القتلى والجرحى وخسائر مادية كبيرة واندلاع حرائق ضخمة، خاصة في الجانب اللبناني. -- حرائق غير مسبوقة وفي أحدث هذه الحوادث، اندلعت حرائق واسعة اليوم (السبت) في عدة مناطق بجنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي. ففي الطرف الشرقي لبلدة ميس الجبل شرق جنوب لبنان، شب حريق كبير نتيجة إطلاق الجيش الإسرائيلي قذيفة حارقة، وفق مصادر بالدفاع المدني اللبناني. وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية الإسلامية بالتعاون مع عناصر من الجيش اللبناني واليونيفيل تمكنت من السيطرة على الحريق". وتابعت أن الحريق حاصر موقعين للجيش اللبناني والكتيبة النيبالية ضمن قوات اليونيفيل بجنوب لبنان. وأضافت المصادر أنه "خلال إخماد النيران انفجرت عدة ألغام كان الجيش الإسرائيلي قد زرعها بمحاذاة الخط الحدودي الفاصل في هذا المحور". كما اندلعت حرائق اليوم في أطراف بلدتي علما الشعب، وعيتا الشعب، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية. وذكرت الوكالة "أن المدفعية الاسرائيلية قصفت بالقذائف الفوسفورية الحارقة أطراف بلدة علما الشعب، حيث خلف القصف حرائق بالأحراج امتدت إلى محيط بعض المنازل، وأتت النيران على مساحات واسعة من أشجار الزيتون". وأضافت "أن العدو الإسرائيلي أشعل مساء اليوم الحرائق في حرش خلة وردة في أطراف عيتا الشعب، وهو ما زال يعمل على تمشيط المنطقة بالقنابل الحارقة ورشها بمواد تزيد من اشتعال النيران". وتكثفت الحرائق منذ منتصف شهر مايو المنصرم، إذ غطت مساحات واسعة على طول الخط الحدودي الفاصل بين لبنان وإسرائيل الممتد من الناقورة غربا وحتى مرتفعات شبعا شرقا بطول حوالي 100 كيلومتر وبعمق بلغ 4 كيلومترات شمالي الخط الحدودي، بحسب مصادر مسؤولة في الدفاع المدني اللبناني بجنوب لبنان. وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الحرائق الناجمة عن القذائف الإسرائيلية لم تشهد المنطقة مثيلا لها من حيث عددها وكثافة نيرانها واستمرارها لعدة أيام متتالية وما خلفته من خسائر مادية جسيمة في القطاعين الزراعي والحيواني". وأضافت أن "توسع وامتداد الحرائق عائد لاستعمال الجيش الإسرائيلي القذائف الفوسفورية والحارقة ولسقوط عشرات البالونات الحرارية يوميا من الطائرت الحربية، بالإضافة إلى جفاف الأعشاب والحشائش في ظل طقس حار يخيم منذ عدة أسابيع على لبنان بشكل عام". ووفق آخر إحصاء للحرائق التي افتعلها الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 3 مارس 2024، فقد تجاوزت 803 حرائق في 55 بلدة حدودية، بحسب المكتب الإعلامي لوزارة الزراعة اللبنانية. ومع تواصل اندلاع الحرائق في جنوب لبنان تجهد مراكز الدفاع المدني اللبناني بالتعاون مع مؤسسات أخرى لمواجهتها وإخمادها وسط صعوبات. -- استنفار وتأهب ولدى الدفاع المدني اللبناني 13 مركزا مجهزة بسيارات إطفاء ومعدات انتشال للمصابين وإزالة الأنقاض في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان، وفق رئيس مركز الدفاع المدني الإقليمي في النبطية بجنوب لبنان حسين فقيه. وقال فقيه ل(شينخوا) إن "جميع هذه المراكز في حالة استنفار وتأهب لتقديم خدمات الإسعاف والإخماد وعمليات الإنقاذ ونقل المصابين بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني". وتابع "هناك تعاون جدي في إنجاز مهماتنا مع الهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة الإسلامية والجيش اللبناني، وفي الكثير من الحالات تنضم للمساعدة عناصر من قوات اليونيفيل". ومنذ الثامن من أكتوبر وحتى اليوم نفذ الدفاع المدني اللبناني بالتعاون مع هذه المؤسسات "أكثر من 600 مهمة، منها إخماد حرائق وإزالة أنقاض ونقل مصابين إلى المستشفيات"، وفق مفوض الدفاع المدني في جمعية كشافة الرسالة الإسلامية التابعة لحركة (أمل) حليف حزب الله ربيع عيسى. وقال عيسى إن هذه الهيئات "تمكنت وبصعوبة حتى الآن من حماية مئات المنازل التي هددتها النيران ليلا في بلدات الخيام وشبعا وكفرحمام وراشيا الفخار شرق جنوب لبنان". لكنه يشكو من الرياح الشمالية الناشطة في هذه الفترة والجو الحار والجفاف كعوامل "تصعب وتعيق عملية إخماد الحرائق"، بالإضافة إلى استئناف الجيش الإسرائيلي قصفه العشوائي مع إخماد أي حريق لتندلع الحرائق من جديد. وخلال هذه الجهود لم يسلم عناصر هذه المؤسسات من الضرر، إذ سقط للدفاع المدني اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية وجمعية الرسالة المخولة بإخماد الحرائق وإنقاذ مصابي القصف "17 عنصرا" منذ الثامن من أكتوبر، بحسب حسين فقيه. وبجانب الخسائر البشرية، تعرض القطاع الزراعي في لبنان لخسائر وأضرار كبيرة بسبب هذه الحرائق، وفق عيسى. -- خسائر زراعية وتجاوزت الأضرار التي لحقت بالمحاصيل الزراعية جراء الحرائق الإسرائيلية المفتعلة منذ الثامن من أكتوبر وحتى اليوم في تقدير أولي ثلاثة مليارات دولار، حسب ما أفاد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن. وقال الوزير اللبناني لـ(شينخوا) "إن الدمار طال حقول الخضار وبساتين الفاكهة". وتابع "أن من نتائج القصف السلبية هجرة اليد العاملة والتي عطلت الحياة الزراعية مما انعكس ارتفاعا في أسعار الخضار والفاكهة وفقدان بعضها من الأسواق". وأضاف أن "الانتاج الزراعي بجنوب لبنان يقدر ما بين 25 إلى 30 في المائة من الناتج المحلي الزراعي اللبناني". وأكد أن "الدولة وفور وقف الحرب سوف تقوم بإحصاء وتخمين الأضرار تمهيدا لدفع التعويضات المستحقة لأصحابها، وذلك بالتعاون مع الهيئات المانحة والدول الصديقة للبنان". وأشار الوزير اللبناني إلى "تشكيل لجنة فنية ضمت مختصين وخبراء بيئيين مهمتها أخذ عينات من التربة التي تعرضت للقصف بالفوسفور الأبيض وإخضاعها للفحوصات المخبرية لمعرفة مدى تأثيره على القطاع الزراعي". وتجاوزت مساحة الأراضي المحروقة بالكامل أكثر من 2150 دونماً (الدونم 1000 متر مربع)، فيما بلغت مساحة الأراضي المتضررة بين حرجية وزراعية 6000 دونم، وتم حرق أكثر من 55 ألف شجرة زيتون معمرة، بحسب المكتب الإعلامي لوزارة الزراعة. وتابع أنه "تم استهداف 55% من المناطق الحرجية و35% من الأشجار الزراعية والحمضيات، و10% من الأعشاب، فيما نفق 340 ألف طير دجاج، و970 رأساً من الماشية، وتضررت 91 خيمة زراعية، و3310 قفير نحل ودمرت 8 مزارع دجاج وحيوانات أليفة. ويشكو المزراع سعيد الزهران من خسارة ثلاثة مواسم زراعية منذ الثامن من أكتوبر في سهل وادي خنسا شرق جنوب لبنان على غرار كافة مزارعي المنطقة الحدودية. وقال الزهران ل(شينخوا) "إن الجيش الإسرائيلي يتعمد إطلاق القذائف الفوسفورية على سهولنا بشكل شبه يومي لتندلع الحرائق التي يصعب إخمادها بسرعة". وأضاف "أتت الحرائق على بستاني الذي يحوي حوالي ألف شجرة كاكا (خرما) احترقت بالكامل، كما أتت على حقل بمساحة 11 دونما مزروع بالخضار، وطالت حوالي 7 دونمات مزروعة بالفول والحمص والعدس لتصل خسارتي إلى نحو 75 ألف دولار". فيما قال المزارع سالم جبور إن قذيفة إسرائيلية حارقة سقطت قبل يوم واحد من موعد حصاد حقل قمح في سهل مرجعيون، وأتت النيران على مساحة 12 دونما قبل أن يتمكن الدفاع المدني من إخماد الحريق، حيث نجت خمسة دونمات فقط. وأضاف أنه "في حال استمرت المعارك فسوف نكون عاجزين عن استغلال موسم الخريف القادم في ظل خطر الحرائق وهجرة اليد العاملة بنسبة تجاوزت 90%." ويعيش مزارعو المنطقة الحدودية في سباق لحصاد مزروعاتهم المتبقية المحصورة فقط بنسبة قليلة من الحبوب والتين الشوكي بعدما خسروا مواسم الخضار والفواكه جراء الحرائق، وفق جبور.

مشاركة :