كيف حولت السعودية الصيف إلى موسم ساخن بالفعاليات والوجهات السياحية؟

  • 5/28/2024
  • 16:09
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في علوم التنمية البشرية، لا يكمن النجاح الحقيقي في تغيير ما تملكه، بل في استغلاله جيدا، وتحقيق أقصى استفادة منه، ومنذ سنوات قليلة لو سألت أحدا عن صيف السعودية، لن يخطر على باله إلا الطقس الحار الذي يدفع المسافرين إلى اختيار وجهات أخرى باردة حول العالم، هروبا من أشعة الشمس. لم يتغير طقس السعودية، لكن ما حدث هو استثماره بصورة مختلفة، إلى درجة بات فيها موسم الصيف في السعودية، عنوانا لأحد أقوى مواسم الترفيه والسياحة في الشرق الأوسط، ويدلل على ذلك، إطلاق الهيئة السعودية للسياحة برنامج صيف السعودية 2024 "تراها" الذي يستمر على مدى 4 أشهر في 7 وجهات سياحية متنوعة، ويضم أكثر من 550 منتجا سياحيا و150 عرضا خاصا للفئات المختلفة من العائلات والأطفال ومحبي المغامرة، كما سيكون هناك نصيب للباحثين عن السياحة الفاخرة والاستجمام والمهتمين بالثقافة والتاريخ. رحلة التحول تلك اعتمدت في الأساس على ما تملكه السعودية من تنوع جغرافي وحضاري فريد، سواء جدة عروس البحر الأحمر ومدينته الغنية بالثقافات المختلفة، أو العلا بأوديتها الخضراء وجبالها الشاهقة، إضافة إلى غابات عسير، وسهول الطائف، وطبيعة الباحة المميزة، فضلا عن الرياض العاصمة بكل ما تملكه من وسائل ترفيه وحضارة، وإذا كانت تلك هي المعطيات، فإن السعودية لم تكن تحتاج سوى استغلالها جيدا وهو ما حدث. فخلال السنوات القليلة الماضية، وبحسب التصريحات الرسمية، استثمرت السعودية نحو 800 مليار دولار في عديد من الوجهات السياحية والمدن، وهي استثمارات بعضها حكومي وأخرى خاصة مدعومة من صندوق التنمية السياحي، وأبرز الأمثلة على ذلك العلا التي حظت بملياري دولار من أجل توسعة مطارها وتعزيز بنيتها التحتية وتطوير الأصول السياحية فيها مثل منتجع عشار وقاعة مرايا، وما حدث في العلا تكرر في بقية المدن بطرق مختلفة، بداية من طرح الفرص الاستثمارية في جدة، ووصولا إلى تطوير الدرعية الذي يتكلف وحده 63 مليار دولار. وإضافة إلى الوجهات الموجودة، عملت السعودية أيضا على إخراج وجهات جديدة مثل وجهتي البحر الأحمر وأمالا، وهما يجسدان طموح السعودية في المستقبل، وبالنسبة إلى وجهة البحر الأحمر التي استقبلت أول ضيوفها العام الماضي، انضمت إلى "تراها" ليستمتع السائحون بتجربة سياحية فاخرة غير مسبوقة من خلال متنزهات وفنادق وإطلالات ساحرة. وبالتزامن مع تطوير المناطق السياحية واستغلالها جيدا، كان قطاع الترفيه هو الآخر ينمو بسرعة الضوء، بعد أن رصدت له السعودية 64 مليار دولار في الفترة من 2018 وحتى 2028، وخلال سنوات قليلة انعكس ذلك على السعودية بفعاليات تخطت الخمسة آلاف فعالية في العام الواحد، وبتنوع غني من الحفلات الموسيقية إلى عروض المصارعة الحرة وبطولات كرة القدم العالمية وحتى المعارض الفنية للفنانيين العالميين. كل ذلك أدى في النهاية، بحسب وزير السياحة أحمد الخطيب، إلى وصول عدد سياح الداخل إلى 81 مليون سائح أنفقوا ما يزيد على 114 مليار ريال خلال العام الماضي، كما وصل عدد سياح الخارج إلى 27 مليون سائح، أنفقوا أكثر من 141 مليار ريال في العام نفسه، وجسد قطاع الترفيه وحده 10 % من الإنفاق السياحي، إذ يعد عامل جذب لسائحين من جميع أنحاء العالم. وهؤلاء السياح المتوقع ارتفاع عددهم إلى 150 مليون سائح في 2030، لم يأتوا إلى السعودية إلا لأنها صارت توافق أذواقهم، فمحبو الشتاء سيجدوا في شتاء طنطورة ما يريدون، ومفضلو الخريف ينتظرهم موسم الرياض، والآن، صار لعاشقي الصيف "تراها" ليقضوا الأشهر الحارة في الوجهات السياحية المميزة في البحر الأحمر، أو يشاهدون بطولات الملاكمة العالمية في جدة، كما صار بإمكانهم في ظل تسهيلات كثيرة قدمتها السعودية، أن يجعلوا الصيف موسما استثنائيا بحضور أول بطولة للعالم للرياضات الإلكترونية في الرياض.

مشاركة :