قصة قصيرة من وحي الأيام الغابرة

  • 1/11/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

حاجة مغربية محمد ربيع الغامدي كنت قد أنهيت الطواف حول البيت العتيق سبعة أشواط، وأضفت لها سبعة أشواط أخرى سعيا بين الصفا والمروة، وهي خلفي ممسكة طرف جبتي السوداء كي لا تضيع في زحام الحجاج الطائفين، وكنت أقول الدعاء الذي أحفظه عن ظهر قلب جملة بعد جملة، والمرأة المغربية تردد ورائي بصوت خافت خاشع، وعندما اعتلينا ظهر المروة في خاتمة السعي طلبتها أن تقف خلفي ممسكة طرف جبتي السوداء، ثم وقفت مستقبلا الكعبة المطهرة وشرعت أردد دعاء ختم السعي. هكذا نفعل مع كل الزبائن الذين نطوف بهم ونسعى، وغالبا ما نحسن الدعاء ترقيقا لقلوبهم كي يحسنوا العطاء، وللحق فقد كانت هذه المرأة في غاية التأثر حتى وهي تختتم ذلك الدعاء بقراءة سورة الفاتحة، وحتى وهي تخرج أجرتي من قلب حقيبة بنية اللون كانت تدفنها في قلب ملابسها. وضعت المال في جيبي وانصرفت باتجاه المطاف باحثا عن زبون جديد، لم ابتعد كثيرا حتى سمعت صوت أنثى من خلفي ينادي: لو سمحت يا ولدي، التفت وإذا بها المرأة المغربية ذاتها، فتوقفت لها وأدنيت رأسي منها لتقول لي بشيء من الخجل والأدب: هل تخدمني خدمة لوجه الله؟ وعندما قلت لها بعفوية حجازية: أبشري، قالت: يا ولدي لي ابنة في بني ملال من أرض المغرب وهذه هي أيام ولادتها، وهي تتعب كثيرا حتى توشك أن تتعسر ولادتها في كل مرة، فهل تتلطف بشيء من دعائك لييسر الله ولادتها؟. وعلى الفور استقبلت الكعبة المشرفة وقلت لها: كوني خلفي يا أماه وامسكي بطرف جبتي السوداء ثم شرعت في دعاء تتفطر لرقته القلوب، كنت مؤمنا بحاجتها إلى الدعاء، ولذلك كانت روحي تتفلت من داخل القفص توشك أن تطير بي إلى عنان السماء، وفي لحظة خاطفة اختلست نظرة لوجه المرأة وقد أحمر وغمرته الدموع، دمعت عيناي لأول مرة منذ زمن، فأحسست أننا قريبان منا في تلك اللحظة، وأيقنت أنه لن يتخلى عن ابنتها أبدا ليس بسبب دعائي مدفوع الثمن هذا، ولكن بسبب تلك الدموع الطاهرة.

مشاركة :