انقطاعات الموت.. أسئلة أخلاقية وفلسفية بقالب روائي

  • 4/20/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

"في اليوم التالي لم يمت أحد"! هذه هي العبارة التي افتتحت الرواية المثيرة "انقطاعات الموت" والتي حلقت في عالم افتراضي مدهش أثار الكثير من التساؤلات وفجر الكثير من الألغام. والرواية من تأليف جوزيه ساراماغو، أحد أبرز الروائيين اللاتينيين، والحائز على جائزة نوبل للأدب، وصدرت الطبعة العربية بترجمة صالح علماني، ونشرتها دار مسكيلياني. تدور أحداث الرواية في دولة ما، لم يحددها النص، وفي عصر غير محدد أيضاً، لكنه ينتمي للمستقبل إن لم يكن للحاضر. فهي دولةٌ حديثة فيها هيئات حكومية كالتي نعرفها، وتلفاز وإذاعة، وحرس حدود، وعصابات مافيا. والرواية محاولة للإجابة عن سؤال افتراضي هو: ماذا سيحدث لو لم يمت الناس؟ وفي الجواب يقف القارئ أمام أسئلة أخلاقية واقتصادية وسياسية مدهشة وغير متوقعة، ويكتشف أن للموت فوائده الكثيرة التي لا يفكر فيها الإنسان عادة. ماذا سيحدث -مثلاً- للعائلة التي يتراكم فيها عدد لا متناه من كبار السن الذين يعانون بطبيعة الحال من أمراض لا حصر لها نتيجة تعرض أجهزة أجسادهم للعطب الكلي أو الجزئي، وكيف سيتصرف الأبناء مع وجود أجدادٍ وأجدادٍ، سيضاف إليهم المزيد من كبار السن مع تقدم الأيام، وكل واحد منهم يحتاج إلى لون مختلف وخاص ومكثف من العناية والرعاية بعدما ردوا إلى أرذل العمر. وما هو حال المستشفيات والمراكز الطبية التي لا تشغر أَسرّتها ولا تكفي ممراتها للعملاء الذين لم يعد بعضهم يغادر إلى "ثلاجة الموتى". وكيف ستتصرف الهيئة الحكومية المختصة بالتقاعد والضمان الاجتماعي مع عدد كبير من الذين يخرجون من سوق العمل ولكنهم لا يخرجون من الحياة، ومن حقهم أن ينالوا رواتب تسد رمقهم في حياتهم الطويلة المقبلة. وكيف ستتصرف شركات التأمين التي تؤمّن على الحياة مع انعدام الموت، وما هو مصير الآلاف الذين يكسبون لقمة عيشهم من مهن متعلقة بالموت، كحفاري القبور، وشركات تجهيز الموتى. وقد استطاع ساراماغو أن يضع القارئ أمام ركام من المعضلات غير المتوقعة والتي واجهها الناس بطرق مختلفة تتنازع فيها المثالية الأخلاقية والواقعية التي تعني في حالة "انقطاعات الموت" التخلص من قيود أخلاقية عديدة بضمير مرتاح، أو بلا ضمير على الإطلاق. وفي الرواية أحداثٌ وعقد مختلفة تجاهلها العرض عمداً لكي تكون هذه المراجعة الموجزة حافزاً إلى قراءة الرواية دون أن "تحرق" فيلمها على القارئ.

مشاركة :