حكاية جزيرتين - د. عبد الله بن إبراهيم العسكر

  • 4/20/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

إن عدم ممارسة المملكة لمظاهر السيادة على الجزيرتين قبل 1950 وبعده لا يعني عدم تبعية الجزيرتين للمملكة، ذلك أن من الأمور المستقرة في القانون الدولي فقهاً وقضاءً أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخرى له تيران وصنافير جزيرتان سعوديتان تقعان عند مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر. وكلمة تيران: مسمى عربي باللهجة السعودية، وتعني الأمواج البحرية. وهي جمع كلمة تير في لهجة أهل تبوك تحديداً. أما كلمة صنافير: جمع صنفر فهي كلمة عربية وتعني الشيء مجهول الأصل. وربما أُطق عليها هذا الاسم، لأن سكانها في القديم من عرب الحجاز لا ينتسبون لقبيلة معروفة. تبلغ مساحة جزيرة تيران 80 كم مربع، وتمتاز الجزيرة بالجزر والشعاب المرجانية العائمة، كما تعد مقصداً لمحبي رياضات الغوص لصفاء مائها وجمال التشكيلات المرجانية لها، وتمر خطوط الملاحة البحرية من غربها من أمام شرم الشيخ. أما مساحة جزيرة صنافير فتبلغ 33 كم مربع وتبعد عن جزيرة تيران بنحو 2,5 كيلو متر. من الناحية التاريخية والجغرافية لا خلاف إطلاقًا على سعودية الجزيرتين. وسبق أن اطلعت على خريطة نشرتها جريدة الأهرام، وهي خريطة نادرة لجزيرة تيران وصنافير تعود لعام 1895 تظهر فيها تيران وصنافير بلون نجد والحجاز. كما اطلعت على خرائط جغرافية قديمة في مكتبة الكونغرس الأميركي تشير بوضوح إلى تبعية الجزيرتين للسعودية، وأدناه روابط تلك الخرائط (خرائط المنطقة من سنة 1900 -1955): https://www.loc.gov/resource/g7420.ct003769/ الرابط أعلاه لخريطة رسمية سنة 1900 تعين على وجه الدقة حدود مصر بالأحمر، وتظهر الجزيرتان باللون بالأصفر، مما يعني تبعيتهما للحجاز، الذي كان خاضعًا لحكم العثمانيين آنذاك. https://www.loc.gov/item/2009580104/ الرابط أعلاه خريطة أخرى من سنة 1922 تُعيّن حدود مصر بلون أخضر فاتح، بينما رُسمت الجزيرتان بلون مختلف، مما يعني أنهما ليستا ضمن الأراضي المصرية.. https://www.loc.gov/item/2001620692/ الرابط أعلاه خريطة لسنة 1947 وهذه الخريطة منشوره باسم: خريطة الدول العربية ما عدا مصر، وظاهر فيها جزيرة تيران وصنافر باللون الأبيض، وهو اللون نفسه المرسوم به اراضي الجزيرة العربية https://www.loc.gov/item/2013593015/ الرابط أعلاه الخريطة الأخيرة لسنة 1955 وهذه الخريطة فيها خط يُعيّن على وجه الدقة حدود مصر والسعودية البحرية. ويظهر بشكل قاطع أن تيران وصنافير تابعتان لحدود السعودية. أما أطلس التايمز فيحتوي على خريطة تاريخية لمصر والسودان تعود للعام 1895م، حيث تظهر جزيرتا تيران وصنافير بلون شبه الجزيرة العربية، مما يعني تبعية الجزيرتين للبر الشرقي (الحجاز) وليس للبر الغربي(مصر). وقد كتب عالم الجغرافيا المصري: جمال حمدان أن مصر اعترفت أمام الأمم المتحدة (للسعودية الحق في ملكية جزيرتي تيران وصنافير) ونشرت هذه الوثيقة ضمن كتابه: وثائق موسوعة شخصية مصر. وكذلك في كتابه: سيناء في الاستراتيجية والسياسة. وأشارت الوثيقة المذكورة أعلاه إلى الإجراءات التي اتخذتها مصر عقب حرب فلسطين عام 1948، وموافقة المملكة وضع جزيرتي: تيران وصنافير تحت تصرف مصر من أجل فرض إجراءات عام 1950 المتعلقة بحماية السواحل المصرية، وتفتيش السفن، وفرض رقابة على حركة النقل البحري لمنع وصول الأسلحة للعدو الصهيوني. وفي رسالة الماجستير للباحث المصري إرشاد فاروق وحصل عليها من قسم التاريخ بجامعة لقاهرة: "إسرائيل والبحر الأحمر" والتي جاء في عرضها الموسع أن ملكية الجزيرتين تخضع لقانون: منح السيادة عليهما للدولة العثمانية، باعتبارها آخر إطار سياسي مشترك بين مصر والسعودية في العصر الحديث. ويضيف الباحث أن القانون الدولي للبحار الدولية ينص على أن الدول المشتركة في ممر ملاحي دولي ذي مساحة محدودة، تقسم السيادة مناصفة بين الدولتين المتشاطئتين لذلك الممر. وبما ان عرض خليج العقبة ميلًا، وبهذا التعيين فإن الجزيرتين تقعان في المياه الإقليمية السعودية. وسبق أن اطلعت على كتابٍ عنوانه: مضيق تيران في ضوء أحكام القانون الدولي ومبادئ معاهدة السلام. ومؤلفه الدكتور عمرو عبدالفتاح خليل، وناشره: الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1980. وفي هذا الكتاب سرد تاريخي موثق يُثبت سعودية الجزيرتين. ويقول المؤلف عن احتلال مصر للجزيرتين عام 1950: نظرا للاتجاهات الأخيرة من جانب إسرائيل، التي تدل على تهديدها لجزيرتي تيران وصنافير، فإن الحكومة المصرية بالاتفاق التام مع الحكومة السعودية قد أمرت باحتلال الجزيرتين. وقد أُبلغت حكومتا أميركا وبريطانيا بهذا التطور (ص 97) وفي وثيقة الخارجية المصرية عام 1990 وتحمل ختم: سري للغاية ورد فيها سعودية الجزيرتين. أما أهم المراسلات بين وزارة الخارجية المصرية والرئاسة المصرية فتتضمن خطاباً سرياً طويلًا مرسلًا إلى الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء، وفيها نتائج الدراسات التاريخية والقانونية وتوصية. والوثيقة تشير إلى رد الوزارة على خطابين سبق أن أرسلتهما المملكة العربية السعودية بشأن الجزيرتين في عامي 1988، 1989 على التوالي. وفي الخطاب بعض الحقائق التالية: 1-ان مصر قامت في عام 1950 باحتلال الجزيرتين: صنافير وتيران، وأبلغت الحكومتين الأميركية والبريطانية، وأنها لجأت إليه في ضوء المحاولات المتكررة من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة العربية السعودية. 2- ان عدم ممارسة المملكة لمظاهر السيادة على الجزيرتين قبل 1950 وبعده لا يعني عدم تبعية الجزيرتين للمملكة، ذلك أن من الأمور المستقرة في القانون الدولي فقهاً وقضاءً أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخرى له، خصوصاً إذا كان هناك اتفاق بينهما، ولم يقم دليل على تنازل الدولة صاحبة الإقليم عنه للدولة التي تباشر مظاهر السيادة عليه. وفي الحقيقة فإن السعودية وإن قبلت بوجود مصري منذ عام 1950 خشية من سيطرة الإسرائيليين على الجزيرتين، إلاّ أنها لم تتنازل عنهما في أي وقت لمصر. 3- مصر لم تحاول في أي وقت من الأوقات أن تدعي بأن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلتا إليها، وأن أقصى ما أكدته أنها تتولى مسؤولية الدفاع عن الجزيرتين. وهو ما ورد في خطاب مندوب مصر لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في مايو 19/ مايو1967 aalaskar53@yahoo.com

مشاركة :