سائق تاكسي يوثق يومياته لـ45 ألف متابع على «سناب شات»

  • 4/20/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

«صباح الورد والفل والياسمين والزنبق.. أتمنى لكم يوما منورا ومشعشعا». بهذا الترحيب الحميم والابتسامة العريضة يخاطب سائق سيارة الأجرة، الأردني ليث علي، متابعيه على حسابه في «سناب شات» خلال عمله اليومي. حيث يقدم يومياته بطرائفها ومشاكلها وتفاصيلها لأكثر من 45 ألف متابع حول العالم. واستطاع خلال أقل من ثلاثة أشهر التفاعل مع متابعيه ليصبحوا أهله وجزءا لا يتجزأ من حياته اليومية من الثامنة صباحا وإلى العاشرة ليلا. وفي مسيرته الأولى من نوعها، يهدف ليث من خلال مقاطع الفيديو التي يحملها، نقل صورة حقيقية لجمال الأردن ومجتمعها المترابط. ويتبرع هذا الشاب الطموح بـ20 في المائة من دخله إلى مركز الحسين للسرطان. كما اختار الطالب الجامعي أن تكون هذا المركبة الصفراء، والتطبيق الذكي محور مشروع تخرجه تحت عنوان «توظيف التواصل الاجتماعي في مجالات الحياة ووسائل النقل العام». ليث أصبح قدوة للشباب في الوطن العربي مؤكدا أن «الشغل ليس عيبا»، إذ جرد أي أحكام مسبقة عن سائقي التاكسي. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» حول تجربته، يكشف علي (24 عاما) أنه لطالما اختار أن يعمل خلال سنواته في المدرسة والجامعة. إذ يقول: «امتهنت الكثير من المجالات منذ صغري منها وظائف في محلات الأحذية والملابس النسائية والإكسسوارات وفي مكتبة للقرطاسية وبمتجر للستائر عندما كنت طالبا في المدرسة». ويضيف: «بعدها سجلت في جامعة الزيتونة كطالب تسويق، أصبح من الصعب أن أترك عملي لأنني اعتدت أن أكون منتجا، وسرعان ما انتهت محاضراتي يوميا، سارعت بالذهاب إلى العمل». واختار ليث عندها العمل في مجال تخصصه، فأصبح يعمل في شركة تسويق، إلا أن التوفيق بين الدراسة والعمل لطول ساعات الدوام بات مستحيلا، وأصبحت وظيفته تأثر على دراسته. إلى ذلك، يقول ليث: «قررت البحث عن مهنة ليس لدي مدير فيها ولي القرار بتحديد أوقات وساعات عملي، لذا اخترت أن أعمل كسائق سيارة أجرة لأكون حر نفسي». يذكر أنه خلال شتى وظائفه، كان ليث يدون يومياته وتجاربه اليومية الطريفة والمحرجة والإنسانية منها التي تحدث في ساعات عمله على موقع «آسك إف إم». وبعد فترة، أصبح للشاب الأردني أكثر من 20 ألف متابع على الموقع، ينتظرون بفارغ الصبر مدوناته الشيقة. لذلك، عندما قرر ليث أن يصبح سائق سيارة أجرة، أعلن على صفحته على «آسك إف إم» الخبر، وزود متابعيه برقم للحجوزات وانهمرت عليه المكالمات إذ سكن المتابعون فضولا للتعرف على الشاب وراء هذه المدونات. ومع انشغال ليث بتوصيل الزبائن، تزايد مضمون يومياته، وأصبحت المدونات غير كافية لنقل صورة وافية عن نهاره في التاكسي. وعندها قرر علي تحميل تطبيق «سناب شات» وتوثيق تجاربه اليومية لمتابعيه من خلال مقاطع الفيديو. وفي غضون أقل من ثلاثة أشهر، أصبح 45 ألف مستخدما للتطبيق يتابع ليث. وحول اختياره لسناب شات، يقول: «هذا التطبيق شبابي جدا، ويلقى إقبالا عاليا في الوطن العربي خاصة، ومن خلاله يستطيع المرء توثيق أحداث يومه واختصارها بمقاطع فيديو لا تتعدى العشر ثوان». وعن متابعيه يضيف علي بقوله: «لا تقتصر مجموعة متابعيّ على سكان الأردن، بل أصبح لدي متابعين من جميع أنحاء العالم كدول الخليج وفلسطين والولايات المتحدة وروسيا وغيرها». ويستطرد: «انقل للمتابعين حول العالم معالم العاصمة عمان، ولذلك أصبحت أتلقى مكالمات من الفنادق للحجوزات من قبل المتابعين السياح لأخذ جولة معي». ولم يتوقع علي أن تلقى فكرته إقبالا بهذا الكم، إذ يعتبره الناس في الأردن خاصة شخصية مشهورة يشارك ببرامج تلفزيونية، ومناسبات افتتاح معارض، وفعاليات لشركات، ويحل ضيفا على الكثير من البرامج الإذاعية. ولذلك قرر ليث أن تصبح مركبته الصفراء محور مشروع تخرجه الجامعي هذا العام تحت عنوان: «توظيف التواصل الاجتماعي في مجالات الحياة ووسائل النقل العام». تاكسي ليث ليس سيارة أجرة تقليدية بل يحرص فيها على الاعتناء بالزبائن من خلال توفير «إنترنت» مجاني ومشروبات مرطبة، وحرية اختيار الأغاني في الرحلة. ويقول ليث: «أعي معاناة طلاب الجامعات والمدارس والموظفين لذلك أقدم لهم عروضا ورحلة مريحة». وبعيدا عن المرطبات والموسيقى، تتحول هذه المركبة الصفراء إلى مجلس يشارك من خلاله ليث وركابه المواهب والأفكار والقصص الإنسانية مع الآلاف من متابعيه على «سناب شات». وبهذا، تصبح «ماي ستوري» أو تغطية ليث اليومية أشبه ببرنامج اجتماعي وثقافي وفكاهي وحتى سياحي. ولم يكتف ليث بالوصول لقلوب المتابعين فحسب، بل قرر أن ينظم مبادرة أشد إنسانية. ويكشف علي عن المبادرة بقوله: «قررت أن أتبرع بـ20 في المائة من دخلي اليومي لمؤسسة الحسين للسرطان، كما سأوفر الفرصة لركابي بالتبرع من خلال دفتر كوبونات». وينظم ليث أيضا رحلات سياحية داخلية في الأردن عن طريق الإعلان عنها عبر «سناب شات». ويقول: «معظم متابعي طلاب جامعات، فأردت أن أجمعهم لنخرج للترفيه عن أنفسنا في رحلات سياحية داخلية للبتراء والعقبة ووادي رم وغيرها من معالم الأردن الجميلة». ويضيف: «أفتخر ببلدي وأريد من تسجيلاتي على التطبيق أن أنقل صورة جميلة وحقيقية له». ومن ضمن مبادرات شبابية يعمل عليها ليث حاليا لإفادة البلد، صمم قميصا «فريق ليث علي» لمتطوعين للمشاركة في مشاريع تنظيف الشوارع والأغوار وغيرها. وعندما حظي علي بالشهرة انهالت عليه عروض العمل من شركات ضخمة ومرموقة في الأردن، وبرواتب مغرية، إلا أن الشاب يرفضها تكرارا لأنه مصر على التخرج من الجامعة، ولأنه اعتاد على «التاكسي». ويقول: «أصبح متابعيّ مثل عائلتي، فأنا معهم من الساعة الثامنة صباحا وحتى العاشرة مساءا، ولو غبت عن تحميل لقطات الفيديو ولو ساعة تساءلوا عن مكاني». ويضيف: «ولن أستطيع التخلي عنهم، فإنا احكي همومهم وأتعلم منهم». وبهذا استطاع الشاب الأردني أن يصبح قدوة للشباب العرب. ويشرح بقوله: «الشغل ليس عيبا، بل على الجميع السعي وراء أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع». ويستطرد: «عندما قررت أن أصبح سائق أجرة، انتقدني البعض لوجود الأحكام المسبقة عن هذه المهنة، وسرعان ما تراجعوا عن كلامهم عندما رأوا نجاح مبادرتي البسيطة». ليث شاب طموح يمثل نموذج من الكثير من الشباب العرب الذين اختاروا توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لصالح مبادرة فاعلة، والعنصر الأهم هنا هو المثابرة وتحدي الانتقادات.

مشاركة :