سوريون في لبنان يواجهون خيارات المغادرة الطوعية أو الترحيل القسري

  • 6/12/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إدلب، سوريا (أ ب)– على مدى أكثر من عقد من الزمن، كان تدفق السوريين عبر الحدود من بلدهم الذي مزقته الحرب إلى لبنان مستمرا. غير أن المشاعر المعادية للاجئين آخذة في الارتفاع هناك، ما دفع مئات اللاجئين السوريين خلال الشهرين الماضيين إلى السير في اتجاه العودة. يسلك هؤلاء العائدون طرق التهريب المؤدية إلى الوطن عبر مناطق جبلية نائية، على دراجات نارية أو سيرا على الأقدام، ثم يسافرون بالسيارات في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة متجهين إلى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، متجنبين نقاط التفتيش أو ربما يضطرون إلى تقديم رشوة في طريق عودتهم. حتى هذا العام، كانت أعداد العائدين من لبنان منخفضة للغاية لدرجة أن الحكومة المحلية في إدلب – التي تديرها هيئة تحرير الشام المتمردة – لم تتابعهم رسميا. لكن حاليا، قامت الحكومة المحلية بتسجيل وصول 1041 شخصا من لبنان في مايو/أيار، مقارنة بنحو 446 في الشهر السابق. متظاهرون يسيرون خلال احتجاج دعا إليه حزب التحرير الإسلامي لدعم اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان في مدينة طرابلس الشمالية أ ب   وقالت إدارة محلية مدعومة من تركيا تشرف على أجزاء أخرى من شمال غرب سوريا، إن الوافدين من لبنان زادوا هناك أيضا. يستضيف لبنان، البلد الصغير المنكوب بالأزمات، أعلى نسبة من اللاجئين في العالم قياسا على عدد السكان، ولطالما شعر بالضغط. ويوجد حوالي 780 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة هناك، وثمة مئات الآلاف غير المسجلين. على مدى سنوات، وخاصة منذ غرق لبنان في أزمة اقتصادية غير مسبوقة عام 2019، دعا المسؤولون اللبنانيون إلى إعادة اللاجئين إلى سوريا أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى. اشتعال التوتر استعرت التوترات في أبريل / نيسان عندما قتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية القومي المسيحي، هو باسكال سليمان، فيما قال مسؤولون عسكريون إنها عملية سطو فاشلة نفذتها عصابة سورية. وأدى ذلك إلى اندلاع أعمال عنف مناهضة للسوريين قامت بها جماعات تتجاوز القانون. وعلى أثر ذلك، قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية باتخاذ إجراءات صارمة بحق اللاجئين، حيث داهمت وأغلقت الشركات التي توظف عمالا سوريين لا يحملون وثائق. وفي مئات الحالات، قامت السلطات بترحيل اللاجئين. كما نظمت الحكومة اللبنانية رحلات «عودة طوعية» للراغبين في العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، لكن القليل منهم قام بالتسجيل، خوفا من انتقام الحكومة السورية وقوات الأمن. وعلى الرغم من خطورة الوضع في لبنان، إلا أن معظم اللاجئين ما زالوا يفضلون العيش في شمال غرب سوريا، الذي يخضع لسيطرة خليط من الجماعات المسلحة والذي يتعرض لقصف منتظم تقوم به القوات الحكومية السورية. كما تعاني هذه المنطقة من تراجع المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية التي تقول إن الموارد ستذهب إلى أزمات جديدة في أماكن أخرى من العالم. بالنسبة لوليد محمد عبد الباقي، الذي عاد إلى إدلب في أبريل / نيسان، فإن مشكلات البقاء في لبنان تفوق مخاطر العودة. قال عبد الباقي «الحياة في لبنان كانت جحيما، وفي النهاية فقدنا ابننا». اختفى علي (30 عاما)، ابن عبد الباقي الذي قال إنه يعاني من انفصام الشخصية، لعدة أيام مطلع أبريل/نيسان بعد توجهه من وادي البقاع إلى بيروت لزيارة أخته والبحث عن عمل. وفي النهاية عثرت عليه أسرته في مركز للشرطة في بلدة بعبدا. كان على قيد الحياة، لكن «جسده بالكامل كان لونه أسود وأزرق»، بحسب عبد الباقي. وليد محمد عبد الباقي، يتحدث وهو يحمل صورة ابنه القتيل علي – أ ب قالت بعض التقارير الصادرة عن جماعات ناشطة إن علي تعرض للضرب على يد عصابة عنصرية، لكن عبد الباقي أكد أن مخابرات الجيش اللبناني اعتقلت ابنه لأسباب غير واضحة. وأضاف أن نجله علي وصف تعرضه للضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية. وتوفى بعد عدة أيام. وقال الطبيب فيصل دلول، خبير الأدلة الجنائية الذي فحص علي، إن الأخير كان مصابا بعدة جروح سطحية لكن فحوص رأسه وصدره لم تخلص إلى أي شيء غير طبيعي، وخلص إلى أن وفاته كانت طبيعية. كان عبد الباقي قلقا لدرجة دفعته إلى اقتراض 1200 دولار ليدفع للمهربين مقابل نقله هو وابنه الآخر البالغ من العمر 11 عاما إلى شمال غرب سوريا، وهي رحلة تضمنت جولة شاقة عبر الجبال سيرا على الأقدام. وقال «قضينا أسبوعا على الطريق وكنا خائفين طوال الوقت». يقيم عبد الباقي وابنه حاليا الآن مع أقربائهما في إدلب. وكان منزل الأسرة تضرر في غارة جوية ثم سطا اللصوص على محتوياته. في السياق، قال محمد حسن، مدير مركز «وصول» لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية تتابع أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، إن «موجة منسقة من خطاب الكراهية والعنف ضد اللاجئين، والتي يبررها القادة السياسيون» تدفع البعض إلى المغادرة بسبب الخوف وإلا فسيتم ترحيلهم قسرا. وفي حين حذر المسؤولون اللبنانيون من هجمات المتجاوزين للقانون على اللاجئين، فإنهم يلقون باللوم على السوريين بشكل دوري في ارتفاع معدلات الجريمة ودعوا إلى فرض مزيد من القيود عليهم. وقال محمد حسن إن الطرق من لبنان إلى إدلب «تخضع لسيطرة عصابات التهريب اللبنانية والسورية المرتبطة بميليشيات محلية وعابرة للحدود» وهي غير آمنة. هذه الطرق محفوفة بالمخاطر بشكل خاص بالنسبة لأولئك المطلوبين للاعتقال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية بسبب التهرب من الخدمة العسكرية أو الانتماء الفعلي أو المشتبه به للمعارضة. رمزي يوسف يسقي النباتات بجوار خيمته في مخيم للنازحين، في معرة مصرين، بالقرب من إدلب، بسوريا – أ ب انتقل رمزي يوسف، وهو من جنوب محافظة إدلب، إلى لبنان قبل الحرب الأهلية في سوريا من أجل العمل. وبقي كلاجئ بعد بدء الصراع. وعاد إلى إدلب العام الماضي مع زوجته وأبنائه، حيث دفع 2000 دولار للمهربين، مدفوعا «بالعنصرية وضغوط الدولة والانهيار الاقتصادي وانعدام الأمن في لبنان». في حلب، تم إيقاف الأسرة عند نقطة تفتيش واحتجازها بعد أن أدرك الجنود أنهم قدموا من لبنان. وقال يوسف إنه تم نقله بين عدة أفرع عسكرية والتحقيق معه. وأضاف «تعرضت للتعذيب كثيرا رغم أنني كنت خارج البلاد منذ عام 2009 ولا علاقة لي بأي شيء في الحرب. لقد حملوني مسؤولية أفعال أشخاص آخرين من أقربائي». نفت الحكومة السورية تقارير عن التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء في مراكز الاحتجاز، واتهمت الحكومات الغربية بشن حملات تشهير ضدها ودعم «الإرهابيين». وفي نهاية المطاف، تم إطلاق سراح يوسف وإرساله إلى الخدمة العسكرية الإجبارية. وبعد أسابيع هرب وتوجه مع أسرته إلى إدلب. وقال يوسف إنه لم ينظر إلى الوراء، وأضاف «رغم الفقر والعيش في خيمة وكل شيء، صدقوني أنا سعيد ولحد الآن لم أندم أنني رجعت من لبنان». ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد

مشاركة :