من رحم معاناة الألم والحروب، ولدت مسيرة البرتغالي باولو، ابن فونسيكا العسكري الذي قرر أن يترك لشبونة بسبب ثورة «القرنفل» قبل 50 عامًا، ونجله لم يكمل عامه الأول، متجهًا إلى باريرو البلدة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن 37 كلم مربعًا، ليترعرع باولو فوق أرضها حتى أصبح شابًا يافعًا أقرب رفاقه كرة قدم. من هناك انطلقت رحلة المدرب الذي وقع عقده مع فريق ميلان الإيطالي الـ13 من يونيو 2024، في واحدة من أهم التحديات في حياته المهنية، والبداية لاعبًا مع باريرينسي فريق الدرجة الثالثة ممثّل باريرو، وبعدها شق طريقه الكروي، وعلى الرغم من أنه وقع مع أشهر فريق في البرتغال «بورتو» إلا أنه قضى 3 أعوام من عقده ذاك، وهو معارٌ بين أعوم 1995ـ1998، قبل أن يختتم المدافع البالغ طوله 188 سم مسيرته لاعبًا في عام 2005، دون أن يشكل ذكرى تبقى عالقة في أذهان الرياضيين. ولكن بوصفه مدربًا عانق المجد 9 مرات، تخلدت ذكراها بثلاثة قمصان، في مقدمتها عملاق البرتغال بورتو عندما فاز معه بلقب كأس السوبر عام 2013، ثم تولى مهمة الإشراف على شاختار الأوكراني، وهناك فاز بـ7 بطولات أهمها الدوري 3 مرات، وفي الطريق كأس البرتغال حينما كان مدربًا لفريق براجا. وبعد تجربة تلامس الـ 20 عامًا، قطف فونسيكا ثمار عمله الدؤوب في ملاعب كرة القدم التي قص شريطها عام 1984 وهو لاعب برعم حتى وصل إلى عامه الـ51 مشرفًا على ميلان ثاني أكبر أندية أوروبا من حيث عدد البطولات القارية في دوري الأبطال، ميلان الذي أنهى علاقته مع ستيفاني بيولي بعد شراكة دامت نحو 5 أعوام، حصد الأحمر خلالها لقب الدوري في موسم 2022ـ2023. وبالوصول إلى إيطاليا، لن تكون تلك الرحلة الأولى لفونسيكا في بلاد الموضة، إذ سبق أن زار الكالتشيو وكان أحد مدربيه من بوابة العاصمي روما، بين 2019 و2021، ولكنها لم تسجل له تجربةً يشار إليها بالنجاح الكبير، إلا أن التفوق المنشود قد يُكتب من المسابقة ذاتها، مع الفريق الأكثر جاهزية، ورغبة. فرصة أخرى تتاح لفونسيكا، وربما أن عائلته فرّت قبل 50 عامًا من ضغوط الثورة، إلا أن باولو تمسك بفرصة العودة إلى المكان الذي أقيل منه، ليقول كلمته بالقميص الأعرق.
مشاركة :