تبادل تهاني العيد والزيارات بين الأهل والأصدقاء هو جزء لا يتجزأ من تقاليد وطقوس العيد، هذه التقاليد تضفي على العيد أجواءً من الفرح والبهجة، وتقوي الروابط الاجتماعية والعائلية، ومن خلال تبادل التهاني وزيارات العيد، يعبّر الناس عن مشاعر المحبة والاحترام والامتنان لبعضهم البعض، مما يعزز الألفة والمودة بينهم، حيث تستعد البيوت والمجالس بعد صلاة العيد لاستقبال المهنئين لتطال الفرحة الكبار والصغار، مما يجعل العيد مناسبة سعيدة تجمع أفراد المجتمع، ضمن عادات وتقاليد راسخة ومتوارثة عبر الأجيال، ولها وقعها وقيمتها وأثرها في النفوس. استقبال العيد تقول الباحثة في التراث مريم سلطان المزروعي، إن للعيد طقوساً وعادات جميلة تتعدد وتتنوع صور ومظاهر الاحتفاء به، فقديماً كانت تُعّد الوجبات التقليدية التراثية، ومنها «الهريس والخبيص واللقيمات والبلاليط»، ولا ننسى سيدة المجلس القهوة العربية ذات الرائحة الزكية التي تُحمّس بكل حب وفرح، وتقدم دليلاً على كرم صاحب المنزل، فيما تبدأ نساء الحارة في الاستعداد للعيد بأعمال الحياكة، حيث تخيط كل امرأة لها ولزوجها وأبنائها ووالدها وإخوتها، في تعاون ونشاط ومحبة لإنجاز العمل قبل يوم العيد، وخلال ذلك نرى الضحكات والحكايات والأغاني الشعبية تصدح في المكان ابتهاجاً بقدوم العيد، ولا ننسى الحناء التي تمثل الأصالة، وتعتبر من أقدم العادات ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وإنْ اختلفت وتعددت النقوش والأشكال الجميلة كالنقش الهندي والسوداني، كما كانت النسوة يجمعن الزوالي «السجاد»، وأثاث المنزل لتنظيفه وغسله، وهذه العادة لا تزال منتشرة إلى اليوم، لكن بنسبة قليلة. روابط اجتماعية يرى الإعلامي محمد البلوشي، أن مع تكبيرات العيد التي تصدح بها المآذن وتتعلق القلوب بها، وتلهج الألسن بذكر الواحد الأحد، تتسارع الخطى إلى مصليات العيد التي تكتظ بالناس لأداء الصلاة، في مشهد يجسد عظمة هذا اليوم عند المسلمين كافة في جميع أنحاء العالم، ضمن مشهد يؤكد تكاتف وترابط الأفراد في مجتمعاتهم، وبعد الصلاة يتبادل المصلون التهاني والتبريكات بالعيد وينطلق المهنئون لمعايدة أسرهم وجيرانهم وأقاربهم. نكهة خاصة كان الآباء قديماً يصنعون الدرفانة أو «الأرجوحة» لبناتهم حتى يتشاركن الفرحة ويتأرجحن حتى غروب الشمس، وكانت الأغاني والأهازيج الجميلة المريحة للنفس تتردد صداها في أرجاء الفريج، لذا العيد في الماضي كانت له نكهة خاصة، حيث يمتزج بعبق الماضي الجميل، ويدخل السرور إلى القلوب، فيما أصبح اليوم تطغى عليه مظاهر الحداثة والتكنولوجيا. أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تطلق مبادرة لـ«التفريغ النفسي» لأطفال غزة الهلال الأحمر الإماراتي ينفذ مشروع الأضاحي في باكستان كبير العائلة تصف مريم المزروعي تفاصيل صباح العيد في كل بيت، قائلة «في يوم العيد، تكون شوارع الفرجان أشبه بخلية النحل، حيث يتسابق الجميع للصلاة، وتستعد النساء لتجهيز المجالس لاستقبال الضيوف»، وتذكر والدتي أنه في يوم العيد بعد الصلاة يتبادلون التهاني والتبريكات فيما بينهم، ويجتمعون في مجلس كبير العائلة، ولا بد أن يأخذ بركات «أمنا العودة»، فقد كان لديها ما يسمى بـ«البضاعة»، وهي عبارة عن قطعة قماش توضع فيها مجموعة من الزهور ذات الرائحة العطرة، وكل من يسلم عليها تمنحه بعضاً من هذه البضاعة، أما الأضحية فكان يتم تجهيزها بعد الذبح لتوزيعها على الفقراء والمساكين، وكان والدها، رحمه الله، يضع لها نصيباً منها. وتوضح المزروعي أن «العيدية» كانت عبارة عن دراهم بسيطة أو حلويات كبديل عنها، لكن اليوم يا للأسف تغيرت بعض المعتقدات وتبدلت بسبب التطورات السريعة التي مرت على مجتمع الإمارات، فاليوم الطفل لا يرضى إلا بمئات الدراهم، وأصبحت العيدية ليس لها نكهة بعد أن أصبحت تتحول إلى الحسابات البنكية دون الشعور بقيمتها وفرحتها، على عكس السابق، حيث كنا نشعر بمعناها وقيمتها رغم قيمتها الزهيدة. بيئة إيجابية أشار محمد البلوشي، قائلاً «الاحتفاء بالعيد ليس فقط عادة متوارثة، إنما هو قيمة دينية وجب الابتهاج به، ونجد الكثير من الآباء يحرصون على صلة الأرحام وخصوصاً في الأعياد والمناسبات مما ينعكس إيجابياً على الأبناء»، مؤكداً أن على رب الأسرة تشجيع الأبناء على زيارة الأهل والأقارب، دون الاكتفاء بالتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لخلق بيئة إيجابية ترسّخ قيمة التزاور بين العوائل، فالحرص على هذا التوازن يعلي من قيم التكافل والترابط الاجتماعي.
مشاركة :