مقالة خاصة: سكان مخيم البقعة في الأردن يحلمون بالعودة إلى وطنهم فلسطين

  • 6/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عشت منذ طفولتي في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن وأحلم بالعودة إلى فلسطين، هكذا لخص المحامي خالد عرار حلمه في اليوم العالمي للاجئين الذي يوافق 20 يونيو من كل عام. وقال عرار البالغ من العمر 67 عاما، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن أبناء المخيم هدفهم في الحياة تحقيق هذا الحلم والعودة إلى وطنهم الأم فلسطين. وشهد عرار تطور المخيم منذ أن قررت الحكومة الأردنية تجميع اللاجئين الفلسطينيين من منطقة الأغوار إلى المخيم الذي يبعد 27 كيلومترا شمال العاصمة عمان، بعد أن شهدت تلك المناطق حالة حرب استنزاف مع إسرائيل. وعرار من مواليد مخيم قلنديا قرب القدس ونزح مع عائلته إلى الأردن بعد حرب 1967، وبعد أقل من عام قررت الحكومة الأردنية إنشاء مخيمات البقعة والحصن وجرش وحطين. وأشار عرار إلى أنه تم إنشاء المخيم عام 1968 بالتعاون بين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والحكومة الألمانية وجمعية الكاريتاس على أرض حمراء كانت تزرع بالحبوب، حيث تم توزيع الخيم على العائلات. ولفت إلى أنهم عانوا في ذلك الوقت كثيرا لعدم وجود الشوارع المعبدة وكانوا يغوصون في الوحل في فصل الشتاء، مما جعل الحياة قاسية جدا في هذا الفصل. وجرى تقسيم المخيم إلى مناطق بأسماء القدس ونابلس والخليل والكرامة، وكانت الأونروا تقدم الخدمات في ذلك الوقت في الخيم الكبيرة حيث كانت العيادات الصحية ومراكز توزيع الطعام والمساعدات الغذائية والإغاثية توجد في وسط المخيم. وبعد سنوات تبرعت الحكومة الألمانية ببناء 8 آلاف وحدة سكنية لإسكان نحو 40 ألف نسمة، وكانت هذه الوحدات صغيرة من مادة الاسبست ومسقوفة من الزينكو على مساحة أرض تبلغ مائة متر مربع، وكانت الحمامات جماعية مشتركة وعملية تعبئة المياه كانت مشتركة أيضا. وأوضح عرار أن نمو السكان فرض التوسع والحاجة إلى البناء الأسمنتي ولكن السقف ظل من الزينكو حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، حيث سمح للسكان بالتوسع العمودي والبناء الطابقي من الخرسانة وذلك لمن يرغب وعلى نفقته الخاصة. ويعتمد سكان المخيم في معيشتهم على العمل في المهن الحرة خارج المخيم والتجارة والزراعة في الأراضي المجاورة وكذلك في وظائف الخدمات الحكومية. وأكد عرار أن أبناء المخيم حريصون على التعليم والتعليم الجامعي على الرغم من عدم توفر الوظائف الحكومية لهم إلا في مجال الصحة والتعليم، لافتا إلى أبناء المخيم يتطلعون إلى العودة الى وطنهم الأم ولا ينظرون إلى منافسة الأردنيين في الوظائف السيادية. وأضاف "أنا لدي 12 فردا من الأبناء والبنات وجميعهم حاصلون على الشهادات الجامعية ولكن لا أحد يعمل بالوظائف الحكومية لأن بعضها ممنوعة على سكان المخيمات وخاصة بعد فك الارتباط مع الضفة الغربية". وأوضح أن الأونروا كانت تقدم خدمات الإعاشة والغذاء والتدفئة والصحة والتعليم في السابق إلا أن خدماتها تقتصر في الوقت الحالي على التعليم والصحة وصرف الأدوية في عياداتها وتحويل الحالات الخطرة إلى المستشفيات خارج المخيم على نفقتها. ويعيش حاليا في المخيم نحو 120 ألف نسمة يشكلون الجيل الثالث والرابع من الأبناء والأحفاد، وجميعهم، بحسب عرار، يتطلعون إلى العودة إلى وطنهم الأم، وعلى الرغم من تسهيل الحياة في الوقت الراهن إلا أن "أعينهم على فلسطين التاريخية وليست أجزاء منها". بدوره، قال صالح عبد ربه بنات (64 عاما) من بلدة عجور قضاء الخليل، إن عائلته نزحت إلى منطقة الكرامة في غور الأردن عام 1948، وهو من مواليد الكرامة عام 1960. وفي عام 1967 نزحت عائلته إلى منطقة الأشرفية بعمان، وفي ثمانينات القرن الماضي اشترت العائلة وحدة سكنية ورحل إلى مخيم البقعة للعيش بجانب عائلته الكبيرة المتدة. وعمل الرجل الستيني الذي يعرف أيضا بأبو محمد في مجال المهن الحرة وأعمال البناء ثم اتجه إلى العمل في تصنيع العصي والعكازات لكبار السن وكذلك المهباش (آلة خشبية لطحن حبوب القهوة) والمحامص المخصصة لصناعة القهوة العربية. وروى أبو محمد قصة كفاحه في الحياة حيث عمل وقام بتربية أولاده السبعة وبناته الخمس وتعليمهم وتأمين مستقبلهم، وقال إن جميعهم متزوجون وهو يعيش مع زوجته في بيته المتواضع المبني من الجدران الخرسانية والمسقوف بصفائح الزينكو المعزولة بالخشب. وأشار إلى أن الطلب على المهباش تراجع في الآونة الأخيرة بشكل كبير نتيجة الابتعاد عن التراث العربي الأصيل، وقال إنه يركز على صناعة العصي والعكازات لكبار السن. ويعمل أبو محمد بالطرق اليدوية التقليدية القديمة حيث يستغرق صنع العصا الواحدة أسبوعا كاملا في مشغله الذي هو جزء من بيته. ويتعامل أبو محمد مع الخشب بكل رقة وخفة يد كي تخرج من تحت يديه عصي جميلة يستخدمها كبار السن، ويصل سعر العصا الواحدة 50 دينارا (ما يعادل 70 دولارا). ويشكو أبو محمد من صعوبة الحياة المعيشية في الوقت الراهن لأن فرص العمل قلت والأشغال تراجعت بسبب الوضع الاقتصادي العام، موضحا أنه قبل عشر سنوات كان هناك إقبال على العصي والآن تراجع الطلب بشكل كبير. وأشار إلى أن أولاده السبعة يعملون في الخدمات والزراعة والأعمال الحرة وهم يساعدونه في التغلب على مصاعب الحياة. وقال "أتمنى العودة إلى بلدي فلسطين وترك المخيم لأن الحياة هناك ترد الروح كما وصفها لي والدي"، موضحا أنه كان يزور القدس قبل احتلالها عام 1967 ويتذكر معالمها السياحية والدينية والتراثية. وتابع "أتمنى أن يعود كل اللاجئين إلى وطنهم ويعيشون بسلام ورخاء". وعن الخدمات في المخيم، قال أبو محمد إن الحياة سهلة وجميع الخدمات متوفرة فيه والمياه تصل ثلاثة أيام في الأسبوع، مشيرا إلى أن وكالة الأونروا تقوم بتقديم خدمات الصحة والتعليم من خلال مراكزها ومدارسها ولكن على الرغم من ذلك فإن الحياة الاقتصادية داخل المخيم تراجعت بسبب التضخم والبطالة بين الشباب. من جانبه، يتمنى غيث موسى (85 عاما) أن يعود إلى وطنه ولو دقيقة واحدة حتى يموت هناك ويدفن في بلده. وقال غيث إنه نزح من قرية عنابة في قضاء الرملة عام 1948 مع عائلته إلى منطقة رام الله لمدة 8 سنوات حيث عمل بالزراعة وتربية الماشية وانتقل إلى عقبة جبر في أريحا حتى عام 1967. وعندما انتقل إلى عمان مع أفراد عائلته سكنوا في المدارس ونقلتهم الحكومة إلى مخيم جرش، ونتيجة الفيضانات التي داهمت الخيم تم ترحيلهم إلى مخيم دامية في منطقة الأغوار الوسطى، وبسبب حرب الاستنزاف بين الأردن وإسرائيل تم ترحيلهم الى مخيم البقعة، وفق غيث. وأضاف أنه عاش 40 عاما في المخيم بكل معاناته، لافتا إلى أن الحياة في المخيم في ذلك الوقت كانت صعبة جدا خاصة في الشتاء لأن الشوارع كانت غير معبدة وكانوا يعانون من الوحل وبرودة الشتاء القارص. وقال غيث إنه عمل بالمقاولات والبناء وخرج من المخيم إلى منطقة عين الباشا القريبة من المخيم بسبب الاكتظاظ، حيث اشترى قطعة أرض وشيد عليها عمارة له ولأبنائه وأحفاده.

مشاركة :