عنونت صحيفة الفورين بوليسي في عددها الصادر أمس بأن المملكة هي أعظم حليف للولايات المتحدة في المنطقة. وأوردت في مقال للكاتب مايكل برجنت (ضابط متقاعد في استخبارات الجيش الأمريكي) بأنه في الوقت الذي تواصل فيه طهران نثر بذور الإرهاب عبر الشرق الأوسط لا يزال في الوقت ذاته مفتاح استقرار المنطقة بيد الرياض. وهذا ليس هو الوقت الملائم لواشنطن للتخلي عن السعودية. وأوضحت الصحيفة أن الحقائق تؤكد أن واشنطن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى للسعودية من أجل هزيمة داعش والقاعدة، وفروعهما المنتشرة عالميا. وأفصح الكاتب في مقاله بأنه على رغم التقارير الأمريكية التي تزعم تدخل السعودية في هجمات الحادي عشر من سبتمبر إلا أن الحقائق تثبت عكس ذلك تماما. وفي الوقت نفسه لا يوجد أي دليل على أن الحكومة السعودية تدعم أو تمول القاعدة. وعلى هذا الأساس رفضت المحكمة الفيدرالية الأمريكية دعاوى قضائية تتهم المملكة برعاية الإرهاب في ثلاث مناسبات في أعوام 2006 و2008 و2015. وبين الكاتب أن السعودية منذ أمد بعيد تخوض حربا مع القاعدة وفروعها المتطرفة، وأنشأ وزير الدفاع السعودي ائتلافا من 39 بلدا عربيا وإسلاميا لمكافحة القاعدة وداعش، والمنظمات المتطرفة. وقوات الأمن ومكافحة الإرهاب في السعودية على الخطوط الأمامية في كل يوم تخوض معارك مع القاعدة. وهناك مئات من رجال الأمن السعودي ضحوا بحياتهم في سبيل أدائهم لواجبهم لحماية وطنهم من جنود وضباط، ضد تلك الجماعات الإرهابية. وأشار إلى أن مسؤولين أمريكيين في أجهزة الاستخبارات والأمن وصفوا بشكل واضح أهمية الدور الذي لعبته المملكة في قطع الشبكة العالمية المتطورة للتمويل غير المشروع التي يستخدمها الإرهابيون. ووفقا لوزارة الخارجية الأمريكية فإن عدم نجاح تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مرده جهود الحكومة السعودية المحلية المستمرة لمكافحة الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة العنيفة. وأفادت بأن الحقيقة هي أن الأمريكيين أكثر أمانا اليوم لأن المملكة قد أحبطت عدة مؤامرات إرهابية للقاعدة تستهدف الأراضي الأمريكية. وأشاد وكيل وزارة الخزينة للإرهاب والاستخبارات المالية آدم ج. سزوبين أخيرا بالموقف الحازم للمملكة ضد الإرهاب باعتباره يعكس «قوة التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية بشأن مكافحة تمويل المنظمات الإرهابية». ومع ذلك يأتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليتهم السعودية بدعم الإرهاب ويوصي بمشاركة النفوذ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع إيران. إن تلك حقيقة مزعجة لأولئك الذين يحاولون إثبات أن هناك مساواة أخلاقية بين إيران والمملكة العربية السعودية. ولكن طهران هي من تواصل تخريب الجهود الأمريكية في مكافحة الإرهاب. وتساءلت الصحيفة: كم من المؤامرات الإرهابية ساعدت فيها إيران الولايات المتحدة بإحباطها؟ لا يوجد. هل أوقفت إيران حليفها بشار الأسد من فتح الحدود لتنظيم القاعدة للدخول إلى العراق لاستهداف جنود التحالف في العراق؟ طبعا لا. وكتب قائلا: من المرارة أن تسعى واشنطن إلى «تطبيع» العلاقات مع طهران، فالأفعال الإيرانية سيئة بما فيه الكفاية، وحلفاؤها من المنظمات الإرهابية في المنطقة أسوأ من ذلك بكثير. وقد أعلنت المملكة إدراج «حزب الله» كمنظمة إرهابية، ولم تخطئ بذلك. وفي الوقت نفسه، الولايات المتحدة منذ «الثورة الإسلامية» في إيران عام 1979 واجهت الأعمال والتصريحات العدائية الصريحة من دولة تلتزم بدستورها بتصدير الطائفية إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط. فإيران ماهرة في ارتداء الأقنعة، فهي تسعى لإيجاد الظروف المواتية لنشر الإرهاب والتطرف، في حين تظهر بقناع آخر يخفي أطماعها الاستعمارية لا يراه إلا أوباما وإدارته فقط. حتى المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي لم تتغير لهجته المناهضة لأمريكا في أعقاب الصفقة النووية. ولكن النظر إلى إيران كعلاج للتطرف الإسلامي العالمي وتجاهل الدور الحقيقي للسعودية وإنجازاتها الحثيثة في مكافحة الإرهاب ستكون حماقة خطيرة. والآن وأكثر من أي وقت مضى، علينا أن نعمل مع حلفائنا في السعودية لكبح النفوذ الإيراني، ومنعه من الحصول على سلاح نووي، والحيلولة دون زيادة زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
مشاركة :