يبدو أن الأهداف الذاتية التي ضربت بطولة «يورو 2024» منذ البداية، لم تكن كافية لوضع حراس المرمى في معاناة مُستمرة، بل جاءت كرة البطولة، فوسباليبه، المعروفة باسم «حب كرة القدم»، لتزيد معاناتهم بصورة غير مسبوقة، حيث باتت مهمتهم أكثر صعوبة خلال التصدي للتسديدات بعيدة المدى بسبب التقنية الحديثة المُستخدمة في تصنيع تلك الكرة، وهو ما أشار إليه هداف إنجلترا، هاري كين، بحديثه حول مدى جودتها بالنسبة للمهاجمين من خلال تجربته، وصعوبة الأمر للحراس، ولهذا لم يكن غريباً أن تتغير الإحصائيات الخاصة بالأهداف المسجلة من خارج منطقة الجزاء بصورة لافتة حتى الآن في البطولة القارية. ولم يتفوق الحصاد الحالي لعدد هذا النوع من الأهداف على حصيلة كأس العالم الأخيرة في 2022، بل تجاوز كل الحدود المعروفة في بطولات «اليورو» السابقة، بجانب زيادة واضحة في معدلات التسديدات بعيدة المدى، مقارنة بنسخ سابقة، وهو ما يعني إدراك اللاعبين بالتغيير التقني الذي تتمتع به «فوسباليبه»، وبالتالي لم يكن زيادة متوسط المحاولات من خارج المنطقة مجرد «مصادفة»، بل بتعليمات فنية مؤكدة من الأجهزة الفنية، التي تعاني على الجانب الآخر مع حراسها، من أجل تفادي تأثير ذلك الأمر، في معادلة معقدة متشابكة جداً. وتشير الأرقام حتى الآن إلى أنه خلال 26 مباراة، تم تسجيل 14 هدفاً من خارج منطقة الجزاء، بمعدل 0.54 هدف في المباراة، وبمتوسط يصل إلى 11 تسديدة بعيدة المدى في كل مباراة، وهو ما يؤكد اقتراب تحطيم أغلب الأرقام القياسية الخاصة بتلك المعدلات في البطولة الحالية، مقارنة بنُسخ «اليورو» بداية من عام 2008، حيث اهتزت الشباك بتسديدات من خارج منطقة الجزاء 19 مرة في «يورو 2020»، خلال 51 مباراة، بمعدل 0.37 هدف ومتوسط 9.1 تسديدة من مسافات بعيدة. وفي «يورو 2016»، لم يتجاوز حصاد الأهداف البعيدة 16 هدفاً، بمعدل 0.31 هدف كل مباراة، وبلغ متوسط التسديدات من خارج المنطقة آنذاك 12.5، لكنها أتت خلال 51 مباراة أيضاً، أي ما يوازي «ضِعف» المباريات التي لُعبت حتى الآن في «يورو 2024»، ورغم اختلاف عدد المباريات بعد زيادتها في النُسخ الأخيرة، إلا أن المقارنة ظلت منطقية مع بطولتي عامي 2008 و2012، حيث شهدت الأولى تسجيل 6 أهداف من خارج منطقة الجزاء في 31 مباراة، بمعدل 0.19 هدف كل مباراة، مقابل 0.26 في نسخة «يورو 2012» ب8 أهداف في نفس العدد من المباريات، مع العلم أن معدلات التسديدات كانت أكبر في البطولتين، بواقع 13.8 و14.7 على الترتيب، وهو ما يعني بالتأكيد أن تأثير «حب كرة القدم»، الكرة التي صُنعت خصيصاً للبطولة الحالية، زاد معاناة حراس المرمى وغيّر كل المعادلات حيث ارتفع عدد الأهداف بصورة «لافتة» مقارنة بكم غير كبير من التسديدات البعيدة!
مشاركة :