اعلنت شركة السوق المالية السعودية "تداول" عزمها على إنشاء سوق أسهم يستهدف شريحة الشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك مطلع العام 2017، وأوضحت الشركة أن ذلك جاء بدعم وموافقة هيئة السوق المالية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لتعميق السوق المالية وتعزيز دورها في دعم الاقتصاد الوطني. وأوضحت "تداول" أن هذه المبادرة تأتي نظراً لأهمية دور هذه الشريحة في دعم الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية، وبالنظر لما تواجهه من تحديات تحد من قدرتها على التنافسية والحفاظ على النمو المستدام، مشيرة إلى أن هذا الإدراج في هذه السوق سيوفر فوائد عدة للشركات، حيث انها تعتبر وسيلة لتمويل مشروعاتها، وإبراز أعمالها، بالإضافة إلى أنه يعد دافعاً لها لتحسين مستويات الحوكمة والإفصاح؛ مما يزيد فرص التوسع والنمو وتطور أعمالها. وحول هذا التوجه ل"تداول" رحب د. فهد الحويماني بهذا القرار لافتا إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة تعاني من محدودية فرص التمويل، التي إن وجدت فستكون عن طريق المصارف المحلية التي لا تألو جهدا في فرض شروط وضوابط صارمة قبل أن تتكرم على هذه المنشآت بالموافقة على تمويل متواضع وبفوائد عالية، مضيفا "إنه لأمر مؤسف أن تلجأ الحكومة بنفسها لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أو في أحيان أخرى تقوم بتقديم ضمانات مالية لتلك المنشآت لكي توافق المصارف على إقراضها، حيث يقوم صندوق التنمية الصناعية بتقديم ضمانات تصل إلى 80 في المئة من قيمة القرض للمصارف لتتمكن المنشأة الصغيرة أو المتوسطة من الحصول على ما تحتاج إليه من تمويل، أي أن المصارف السعودية لا تقبل بأي درجة من درجات المخاطرة، والذي يعتبر تحديا صارخا لطبيعة عمل المصارف، التي تشترط إزالة المخاطرة بشكل شبه كامل، لذا لجأ صندوق الاستثمارات العامة أخيرا بإيعاز حكومي إلى إنشاء صندوق صناعي برأسمال مليار ريال بهدف دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة". وبين الحويماني أن واقع الحال أن أبواب السوق المالية السعودية قبل هذا التوجه موصدة أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة، متسائلا إلى متى تبقى السوق المالية ناديا خاصا للشركات الكبيرة، وهل استفدنا بالفعل من السماح للشركات الكبيرة دون غيرها بالاستحواذ على سيولة الأفراد، وهل الشركات الكبيرة أقل خطرا وأكثر أمانا من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهل نحن بحاجة إلى تقديم جرد كامل بالشركات الكبيرة التي سُمح لها وادرجت في السوق، والتي اكتشفنا في نهاية الأمر أنها مجرد شركات عادية معرضة للمخاطر التجارية والاقتصادية كغيرها من الشركات، مبينا أننا بمجرد نظرة سريعة إلى تاريخ الاكتتابات لدينا، يأتينا الجواب دون عناء أو تفكير، مؤكدا على حقيقة أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي التي بالفعل بحاجة إلى التمويل الذي لا تجده بسهولة من مصادره التقليدية، وليست الشركات الكبيرة القائمة التي لديها مصادرها المتنوعة. وأشار الحويماني إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة تشكل نحو 75% من عدد الشركات العاملة في المملكة، 29% من هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة أغلقت أبوابها أخيرا بسبب صعوبات مالية وتمويلية، بحسب تقرير صادر من مجلس الغرف السعودية. وعن الحلول لهذه المعضلة أوضح الحويماني أن الحل يأتي عندما نستوعب أن السوق المالية ليست ناديا حصريا لكبريات الشركات، بل إنها ساحة وطنية لالتقاء رؤوس أموال المستثمرين في المنشآت التجارية الباحثة عن تمويل، وأن الهدف من التمويل هو فقط للنمو والتوسع، لا للتخارج أو لمجرد السماح بالمشاركة الجزئية في ملكية الشركة. ولفت الحويماني إلى أن المستثمرين الأفراد في المملكة تتوافر لديهم سيولة مالية عظيمة، قلما تجد لها مثيلا في العالم، حيث يتأكد لنا يوما بعد يوم أن شهية الأفراد نحو الاكتتابات لا تزال كبيرة، فما أن تطرح شركة كبيرة للاكتتاب الأولي أو الإضافي عن طريق حقوق الأولوية، إلا وتتم تغطية الاكتتاب عدة مرات وهذه في الواقع نعمة عظيمة يغبطنا عليها كثير من الأسواق المالية حول العالم ومن هنا يستفاد منها كمصدر تمويل للشركات المتوسطة والصغيرة.
مشاركة :