مع التقدم المستمر لمبادرة الحزام والطريق، شهدت مدينة هورجوس، المدينة الحدودية الواقعة في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم شمال غربي الصين، تعزيزا كبيرا لعلاقاتها مع العالم. إذ أسهمت قطارات الشحن بين الصين وأوروبا في ضخ حيوية جديدة في هذه المدينة الساحلية الداخلية. منذ انطلاق أول قطار شحن بين الصين وأوروبا من محطة هورجوس في عام 2016، شهد ميناء المدينة مرور أكثر من 36,000 قطار شحن بين الصين وأوروبا وآسيا الوسطى. وارتفع العدد السنوي لهذه القطارات من أقل من 400 قطار في عام 2016 إلى أكثر من 7,000 قطار في عام 2022. كما سجلت هورجوس مرور 7,762 قطار عام 2023، وهو ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 9.8 في المائة. كانت يي منغ تينغ، وهي موظفة في شركة شينجيانغ تشونغليان هايتونغ الدولية المحدودة للشحن، مشغولة في الآونة الأخيرة بإجراءات التخليص الجمركي للبضائع المنقولة عبر قطارات الشحن بين الصين وأوروبا. وتشمل هذه الإجراءات عمليات التحقق من التفاصيل المختلفة المدونة على سندات الشحن الدولية، مثل معلومات عن المرسل والمرسل إليه، ماهية البضائع والكمية، إضافة إلى مسالك النقل والتكاليف. وأضافت يي منغ تينغ أن كل حاوية مرتبطة بسند شحن دولي، وهو ما يضمن حسن إدارة البضائع وتتبعها بشكل صحيح أثناء عملية النقل، مشيرةً إلى أن الشركة تتعامل مع حوالي 200 سند شحن يومياً. وتعمل يي في هذه الوظيفة منذ أكثر من عامين وشهد عملها تطوراً كبيراً في كفاءة إجراءات التخليص الجمركي. وفي هذا السياق، قالت الموظفة "مع تحسين عمليات التخليص الجمركي وتبسيطها، مثل التخلي عن المعاملات الورقية وتعويضها بالوسائل الإلكترونية، أصبح باستطاعتنا إتمام العملية في غضون ساعة أو ساعتين على أقصى تقدير. ففي السابق وبسبب طول وتعقيدات الإجراءات الورقية، كنا ننجز عمليات التخليص الجمركي لقطارين فقط في اليوم. أما في الحاضر، فيمكنها إتمام إجراءات حوالي أربع قطارات كل يوم". من جهته، أبرز يوي رونغ، نائب مدير مركز قيادة إنتاج السلامة في محطة هورجوس في شركة مجموعة أورومتشي الصينية للسكك الحديدية المحدودة الصينية، الزيادة الكبيرة في حركة القطارات. فذكر أن الميناء كان يتعامل في البداية مع قطارين فقط في اليوم محملين ببضائع تصل إلى مئات الأطنان من الملابس والأحذية بشكل أساسي. أما اليوم، فيتعامل الميناء مع أكثر من 20 قطارًا يوميًا بحمولة تصل إلى أكثر من عشرة ألف طن من البضائع تتضمن أكثر من 200 نوع مختلف من المنتجات. وأضاف يوي أن وجهات القطارات توسعت بدورها لتصل إلى 18 بلدا، مفيدا أن رحلات قطارات الشحن بين الصين وأوروبا شهدت تطورا مطردا عبر السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس التطور السريع لهذا الميناء المزدهر. وبكثير من الفخر، قال أحد العمال ويدعى يلريك دويسانبي، إن "التعامل مع المزيد من قطارات الشحن بين الصين وأوروبا في محطتنا لا يعني فقط زيادة عمليات فحص البضائع، بل يعني أيضًا زيادة في الأرباح". وأيدته في ذلك كازاخية تدعى أديليا سعيدولاييف حين ذكرت كيف استفادت من قطارات الشحن بين الصين وأوروبا. إذ شهدت شركتها، التي دخلت مجال الأعمال في هورجوس في عام 2016، نمواً ملحوظاً على مدار السنوات التالية. هذا النجاح فتح أمام شركتها أبوابا أخرى تمثلت في إنشاء العديد من المتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية والبنوك في مركز هورجوس للتعاون الحدودي الدولي بين الصين وكازاخستان، وهي أول منطقة تعاون عبر الحدود بين الصين والدول الأخرى. وتُعد منطقة التجارة الحرة التجريبية في الصين (شينجيانغ)، التي أُنشئت في نوفمبر 2023، أول منطقة تجارة حرة تجريبية في المناطق الحدودية الشمالية الغربية للصين وأحدثها. وتغطي هذه المنطقة حوالي 180 كم مربع، وتمتد على مساحات من محافظة كاشغار وأورومتشي وهورجوس. ويُعد مركز هورجوس للتعاون الحدودي الدولي بين الصين وكازاخستان في هورجوس الآن جزءًا أساسيًا من عمليات منطقة التجارة الحرة التجريبية في هورجوس. وقالت سعيدولاييف "يتم نقل منتجاتنا بسلاسة عبر قطارات الشحن بين الصين وأوروبا، وهي خدمة أكثر فعالية من حيث التكلفة من النقل الجوي والبري. وقد عزز هذا الأمر عملياتنا التجارية في مركز التعاون بشكل كبير". وأضافت أنه وبفضل مركز التعاون، فقد بات بإمكان العديد من الزوار الصينيين اقتناء ما يبحثون عنه من منتجات في منطقة التجارة الحرة دون الحاجة إلى التنقل إلى كازاخستان. ويعمل يانغ جيايي في مجال الشحن الدولي في هورجوس منذ تسع سنوات، متخصصا في السنوات الأخيرة في تصدير مركبات الطاقة الجديدة (NEVs). وفي هذا العام، شهدت أعمال شركته في تصدير هذه المركبات زيادة كبيرة مقارنة بالعام الماضي. وحققت شركته حتى الآن معاملات شملت تصدير أكثر من 9000 مركبة من مركبات الطاقة الجديدة والتي يتم نقلها إلى دول آسيا الوسطى وأوروبا عبر قطارات الشحن بين الصين وأوروبا. وقال يانغ: "بصفتي مواطنًا محليًا، فقد شهدت بأم عيني التطور السريع لقطارات الشحن بين الصين وأوروبا في هورجوس"، مضيفا "لقد شهدت على مر السنين إنشاء المحطة وتوسعها. وواصلت الحكومة المحلية أيضًا مراجعة سياساتها الاستثمارية واستقطاب الكفاءات من مختلف المناطق وعملت أيضا على تعزيز التوظيف من السوق المحلية". وأشاد يانغ بهذه الخطوات قائلا إنها ساهمت بشكل كبير في تعزيز التنمية المحلية. أما على الصعيد الشخصي، فقد ساهمت في تطور مساره المهني.
مشاركة :