تتحدى نتائج دراسة حديثة الأسطورة الشائعة القائلة بأن ممارسات البستنة القديمة لسكان جزيرة الفصح تسببت في "انهيار" سكاني كارثي. ولطالما تم طرح جزيرة الفصح (Rapa Nui)، المعروفة أيضا باسم جزيرة القيامة، "كمثال لكيفية قيام الاستغلال المفرط للموارد المحدودة بالتسبب في انهيار سكاني كارثي"، ودمار بيئي، وتدمير ثقافة من خلال الاقتتال الداخلي. وتشير النظرية إلى أنه منذ مئات السنين، مارس المزارعون في الجزيرة الواقعة في جنوب المحيط الهادئ زراعة تعتمد على قطع أشجار النخيل بمعدل غير مستدام لإنشاء حدائق، وحصد الوقود، ونقل التماثيل، وهو ما أدى إلى كارثة. ووفقا لأسطورة شعبية، كان سكان الجزر يركزون بشدة على البستنة الصخرية (تقنية زراعية قديمة تُعرف أيضا باسم التغطية الصخرية)، وإقامة المئات من التماثيل الحجرية العملاقة، ما أدى إلى انهيار حضارتهم. وعندما اكتشف الأوروبيون جزيرة الفصح في عام 1722، وجدوا مجتمعا يعيش في حدود إمكانياته، ويزرع الكثير من طعامه في البساتين الصخرية في مناظر طبيعية غير قابلة للزراعة، ما أدى إلى افتراض أنه عدد السكان أقل بكثير مما كان عليه قبل هذا التاريخ بسبب وقوع "إبادة بيئية" أدت إلى انهيار عدد سكان الجزيرة. ومع ذلك، تقدم الدراسة الجديدة نظرية معاكسة تماما تقول إن جزيرة الفصح هي قصة عن كيفية قيام شعب معزول بإنشاء نظام مستدام، ما سمح لمجموعة صغيرة ومستقرة من السكان بالازدهار لعدة قرون حتى أول اتصال مع القوى الاستعمارية الأوروبية في أوائل القرن الثامن عشر. وتوضح الورقة البحثية المنشورة في مجلة Science Advances: "أحد العناصر الحيوية في هذه الرواية هو أن الارتفاع والانخفاض السريع في معدلات النمو السكاني في منطقة جزيرة الفصح كان مدفوعا بالبناء والإفراط في استغلال الحدائق الصخرية الواسعة النطاق. ومع ذلك، فإن نطاق البستنة الصخرية على مستوى الجزيرة، على الرغم من أنه أمر أساسي لفهم النظم الغذائية والديموغرافيا، يجب أن يتم فهمه بشكل أفضل". وخلافا للاعتقاد الشائع بأن البستنة الصخرية كانت سيئة للتربة، تقول الدراسة إن هذه الممارسة "عززت إنتاجية النبات من خلال زيادة مغذيات التربة المتاحة والحفاظ على رطوبة التربة". وجاء في الورقة البحثية: "بالنظر إلى فوائد البستنة الصخرية في زيادة إنتاجية التربة، وبالتالي نمو النباتات، كانت ممارستها جزءا حيويا من حياة جزيرة الفصح. ما يقارب من نصف النظام الغذائي للجزيرة يتكون من الأطعمة الأرضية". واستخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية بالأشعة تحت الحمراء ذات الموجات القصيرة (SWIR) والتعلم الآلي لتحديد أن عدد سكان جزيرة الفصح كان على الأرجح أقل مما كان يُزعم سابقا، ما يتحدى الأسطورة القائلة بأن عدد سكان الجزيرة في عام 1722 كان أقل بكثير مما كان عليه قبل مئات السنين من ذلك التاريخ. وتوصلت النتائج إلى أنه باستخدام التقدير المحدث لعدد البساتين، حسب الباحثون أن نحو 3901 شخص فقط كانوا يعيشون في جزيرة الفصح في وقت الاتصال الأوروبي وليس 17 ألف شخص حسب تقديرات الدراسات السابقة. المصدر: فوكس نيوز تابعوا RT على
مشاركة :