"المعيقلي" يتحدث عن سماحة وعدل الإسلام في خطبة الجمعة بهونج كونج

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

ألقى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، خطبة الجمعة اليوم، في جامع كاولون الكبير في هونج كونج، تَحَدّث خلالها عن سماحة وعدل الإسلام ومساواته بين البشر.   وأكد في خطبته أن الإسلام نهى عن الظلم؛ بل وتوعد الله الظالمين بالعذاب الأليم؛ مشيراً إلى أن أي مظلوم كان؛ فإن دعوته ليس بينها وبين الله حجاب؛ فالظلم ظلمات يوم القيامة.   وأشار إلى أن هذه المعاني النبيلة لم تكن مجرد قواعد نظرية؛ بل كانت ظاهرة في معاملات وقضاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؛ مضيفاً: النفس الإنسانية في الإسلام هي نفس مكرّمة بصرف النظر عن لونها أو جنسها أو دينها {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً}.   وقال إن الرسول كان يعامل يعامل مخالفيه؛ بل وحتى وأعداءه، بالحكمة والموعظة الحسنة، يغشى مجالسهم، يتلطف ويتودد إليهم، يصبر على أذاهم، لعل الله تعالى أن يهدي قلوبهم؛ فعن ربيعة الديلي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بَصُر لعيني بسوق ذي المجاز يقول: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ويدخل في فجاجها)، والناس متقصفون عليه؛ فما رأيت أحداً يقول شيئاً وهو لا يسكت يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا؛ إلا أن وراءه رجلاً أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول إنه صابئ كاذب؛ فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبدالله وهو يذكر النبوة. قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمه أبو لهب.   وأردف يقول: لقد كانت الرأفة والرحمة واللين من أخلاقه وطبعه صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من أحد؟ قال: (لقد لقيت من قومكِ ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل؛ فلم يجبني إلى ما أردت؛ فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب؛ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني؛ فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم؛ فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بكل رأفة ورحمة: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم مَن يعبد الله لا يشرك به شيئاً).   واستطرد "المعيقلي": لقد فَقِه الصحابة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يصلون المشركين من أقاربهم، ويحسنون إليهم، ويرجون هدايتهم.. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب رأى حلة عند باب المسجد.   فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة، وللوفد إذا قدموا عليك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما يلبس هذه مَن لا خلاق له في الآخرة)، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل؛ فأعطى عمر منها حلة؛ فقال عمر: يا رسول الله! كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لم أُكْسِكَهَا لتلبسها)؛ فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة؛ أهداها عمر رضي الله عنه أخاً له مشركاً بمكة. هكذا بمنتهى التسامح والرحمة؛ فهي شريعة خاتم المرسلين، قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.   وأضاف: لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مبدأ المساواة بين البشر؛ فأعلن ذلك في حجة الوداع بقوله: (يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)، (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).   وزاد: لذلك علينا أن نحرص على التعايش السمح فيما بيننا.. بيعاً وشراء.. قضاء واقتضاء.. ظعناً وإقامة.. ولنصلح فيما بيننا من خلافات؛ فالإصلاح بين الناس من أعظم القربات.. ففي سنن أبي داود بسند صحيح من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟.. قالوا بلى يا رسول الله.. قال: إصلاح ذات البين)، وصدق الله تعالى إذ يقول: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً)، ولقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية أشرفَ حِلف شهدته العرب قبل الإسلام.. ألا وهو حلف الفضول.. وكان ذلك في نصرة المظلومين.. وقال صلى الله عليه وسلم: (لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جدعان.. ما أحب أن لي به حمر النعم.. ولو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت)، قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.

مشاركة :