أكد الرئيس الأميركي جو بايدن عزمه على مواصلة خوض السباق الرئاسي رغم أدائه السيئ في المناظرة التي خاضها الخميس في وجه منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب. وقال بايدن أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية "لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة". وأضاف "أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية تأدية هذه المهمة، أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأميركيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجددا". وتحدثت وسائل الإعلام الأميركية عن "ذعر" حقيقي خلّفته المناظرة في صفوف الديموقراطيين، قبل أربعة أشهر من الانتخابات وقبل نحو ستة أسابيع من المؤتمر المفترض أن يُنصَّب فيه الرئيس الأميركي مرشّحا رسميا للحزب. لكن حاليا، لم تُعبّر أي شخصية وازنة في الحزب الديموقراطي عن هذا الشعور علنا. وبدا الجمعة في كارولاينا الشمالية أن بايدن يقول الكلمات التي شاء أنصاره أن يقولها خلال المناظرة، لكنه لم يتمكن من ذلك. وتابع الرئيس الأميركي "هل شاهدتُم ترمب الليلة الفائتة؟ أعتقد أنه حقق رقما قياسيا جديدا لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة". وقال أيضا "لم أكُن لأترشّح مجددا لو لم أكُن مؤمنا من كل قلبي بأنّني قادر على تأدية هذه المهمة". وشدد بايدن على أن "ترمب أكبر تهديد لهذه الأمّة. إنّه تهديد لحرّيتنا. إنّه تهديد لديموقراطيّتنا. إنّه حرفيا تهديد لكلّ شيء تدافع عنه أميركا". ولتبيان مدى سوء الوضع إثر المناظرة، تكفي المقالة اللاذعة لتوماس فريدمان الذي يطرح نفسه "صديقا" للرئيس الأميركي، الصادرة الجمعة في صحيفة نيويورك تايمز. وكتب الصحافي أنّ بايدن "رجل طيّب، رئيس جيّد، لكنّه ليس في وضع يسمح له بالترشّح لولاية ثانية"، كاشفا أنه "بكى" لدى رؤيته الرئيس الديموقراطي البالغ 81 عاما والذي بدا منهكا في بعض الأحيان، ومتلعثما خلال مناظرة استمرت 90 دقيقة أمام كاميرات شبكة سي إن إن الإخباريّة. وكتبت ماريا شرايفر، ابنة شقيقة جون كينيدي، الرئيس الأميركي الذي اغتيل عام 1963، وحليفة بايدن، على منصة إكس، "قلبي مفطور". من جهته، كتب الرئيس الديموقراطي الأسبق باراك أوباما على إكس "يُمكن أن تحدث مناظرات سيّئة"، لكن الانتخابات "لا تزال خيارا بين شخص ناضل من أجل الناس العاديين طوال حياته وشخص لا يهتمّ إلا بنفسه. بين شخص يقول الحقيقة ويعرف الصواب من الخطأ... وشخص يكذب من أجل مصلحته الخاصة". وأضاف أوباما "الليلة الماضية لم يتغيّر ذلك، لذا فإنّ أمورا كثيرة على المحكّ في نوفمبر". وعاد ترمب أيضا إلى الحملة الانتخابية الجمعة، وخاطب تجمعا حاشدا في فيرجينيا حيث شن هجماته المألوفة على بايدن. وقال ترمب "الأمر لا يتعلّق بعمره، بل بكفاءته". وأضاف "السؤال الذي يجب على كل ناخب طرحه على نفسه اليوم، ليس إذا كان جو بايدن يستطيع النجاة من أداء مناظرة مدتها 90 دقيقة، لكن إذا كان بإمكان أميركا البقاء أربع سنوات أخرى تحت حكم المحتال جو بايدن". وتابع ترمب "يقول كثير من الناس إنه بعد أداء الليلة الماضية، سيترك جو بايدن السباق. لكن في الحقيقة أنا لا أصدّق ذلك، لأنه يحقق في استطلاعات الرأي نتائج أفضل من أي من الديموقراطيين الآخرين الذين يتحدثون عنهم". من جهتها دعت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية العريقة الجمعة بايدن إلى الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض غداة مناظرته مع منافسه الجمهوري دونالد ترمب. وكتبت الصحيفة في افتتاحية نشرت مساء الجمعة "بايدن كان رئيسا مثيرا للإعجاب. في ظل قيادته، ازدهرت الأمة وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترمب في الالتئام. لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه". وفي هذا المقال الافتتاحي بعنوان "لخدمة البلاد، يجب على الرئيس بايدن أن يغادر السباق" إلى البيت الأبيض، وصفت نيويورك تايمز بايدن بأنه "ظل زعيم"، بعد أن "فشل" الرئيس البالغ 81 عاما "في اختباره الخاصّ". يرى محللون أن اختيار الديموقراطيين بديلا من بايدن سينطوي على مخاطر سياسية عدة، وسيتعين على بايدن أن يقرر بنفسه الانسحاب لإفساح المجال أمام مرشح آخر قبل مؤتمر الحزب. والمرشّحة الأبرز للحلول محله هي نائبته كامالا هاريس التي دافعت بإخلاص عن أدائه الخميس مع اعترافها بأنّ انطلاقته كانت "صعبة". أما رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون فأكّد أنّ بايدن "ليس قادرا على أن يكون رئيسا، ولا يمتعنا قول ذلك لأنّ الأمر خطير جدا". إذا قرّر بايدن الانسحاب، سيجتمع الديموقراطيون في أغسطس في شيكاغو في ما يُعرف بالمؤتمر "المفتوح"، حيث سيعاد خلط الأوراق ولا سيما أصوات المندوبين الذي صوّتوا للرئيس. وسيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ عام 1968 حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل من الرئيس ليندون جونسون بعد أن سحب الأخير ترشّحه في خضم حرب فيتنام. وتم ترشيح نائب الرئيس حينها هوبرت همفري الذي خسر الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون. 1
مشاركة :