أكد د.محمد حسن المريخي أهمية خلق الحياء في الإسلام، مشيراً إلى أن لكل أمة خلقاً تتميّز به عن غيرها وأمة الإسلام تتميّز بالحياء. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور إن الحياء وهو شعور داخلي يبعث على الكفّ عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثّ على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها، لافتاً إلى أنه من أجلّ الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، مستشهداً بقول ابن رجب رحمه الله (هو من خصال الإيمان بل من أعلى خصال الإيمان ودرجات الإحسان)، وقول ابن مسعود رضي الله عنه: الاستحياء من الله أن يحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى. وأضاف د.المريخي: إن الحياء يكون من الله تعالى ومن رسوله والناس، يكون من الله تعالى حين يعرف العبد ربه ويعرف عظمته وقربه منه واطلاعه عليه وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ويتولد الحياء عند العبد ويستقرّ في قلبه وفؤاده حين يطالع نعمة الله عليه ويطالع تقصيره نحوها في شكرها، ويكون الحياء من رسول الله حين يعرف حقه عليه وما قدّمه له رسول الله من التسبب في الهداية والنجاة من النار فيكثر من الصلاة عليه ويجعل في نفسه تعظيماً له صلى الله عليه وسلم وتوقيراً فيحب سنته ويقدّمها على كل قول بعد قول الله تعالى، ويحترمه ويصدّقه ويتبعه احتراماً وتوقيراً وطاعة لله تعالى وعرفاناً وجزاءً. زينة للإنسان ولفت إلى أن الحياء زينة الإنسان رجلاً كان أو امرأة، مشيراً إلى أنه أوكد للمرأة حيث إنه خلق النبيين والمرسلين والصالحين والصحابة والأئمة والفائزين والناجين في الحديث الصحيح (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه) رواه البخاري. واستطرد قائلاً: إن الله تعالى وصف بنت شعيب عليه السلام بأنها كانت تتحلى بهذا الخلق الكريم فقال سبحانه (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)، وقال عليه الصلاة والسلام (إن موسى كان حيياً ستيراً لا يُرى من جلده شيء استحياءً من الله فآذاه من آذاه من بني إسرائيل .....) رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم واصفاً عثمان بن عفان رضي الله عنه بهذا الخلق الكريم (ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة) رواه مسلم. وكان رسول الله كاشفاً عن فخذه مضطجعاً في بيته فدخل عليه أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما فلم يزل على حالته فلما دخل عليه عثمان سوّى ثيابه وجلس. وشدّد فضيلته على أن الحياء من الإيمان، منوهاً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه مصدر الخير فإذا تحلى العبد بالحياء جاءته كل الحلى تباعاً، رأى رسول الله رجلاً يعظ أخاه في الحياء كأنه يقول له: أضعت بسببه خيراً كثيراً، أو فاتك خير كثير بسبب حيائك، فقال له (دعه فإن الحياء من الإيمان) وفي رواية قال (الحياء لا يأتي إلا بخير)، وقال: (الحياء خير كله) رواه البخاري ومسلم، فإذا أراد الله بعبده خيراً زينه بهذا الخلق وحلاه به. غياب الحياء واستنكر فضيلته غياب فضيلة الحياء عن بعض البشر قائلاً، ما أقبح الإنسان بلا حياء ولا أدب يقترف القبائح ويفعل ما شان من الرذائل والسواقط والدنايا، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري. يقول ابن رجب: المعنى أن من لم يستح صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وقال: الحديث فيه التهديد والوعيد. واستنكر الخطيب حياة بعض المسلمين التي بدأت تطرد هذا الخلق الكريم وتعمل عبثاً على تفريغ المسلمين منه، مضيفاً إننا في زمان الحياء فيه عيب وسبة وعار، زماننا أو تصرفات بعضنا يقول لسان حاله: لا تستحِ واترك الحياء جانباً فقد ولى زمن الحياء. وتابع: إننا نعاني من قلة الحياء في اللباس والهيئة، فالهيئة النسائية ليست إلى خير تسير ولكنها إلى شر مستطير، التشبّه بالكافرات المشركات اللائي لا يؤمنّ بالله ولا بلقائه، اللباس الواصف والمفصل والمفتح والفاتن والشفاف. وتعجب فضيلته من قلة الحياء عند الذكور من التشبه بالنساء واستعمال حوائج النساء كالأصباغ والعطور وما شابه ذلك ومخالطتهن والتطبع بطبائع الإناث، وقال إن قلة الحياء تظهر أيضاً في اختلاط المرأة بالرجل باسم المسميات المتعدّدة والأعذار الواهية والتعليلات الهزيلة، فتظهر المرأة أمام الرجل الأجنبي عليها وتخاطبه كأنها تخاطب زوجها أو أباها أو وليها وتناقشه ويناقشها وكأن تحذيرات القرآن والسنة لم تكن ولا كأن الله تعالى لم يأمر بفصل الجنسين عن الآخر، حتى تجرأ البعض فجاء بالرجال المغنين يغنون لهم في الأعراس فأدخلوهم على النساء، حسبنا الله ونعم الوكيل.
مشاركة :