خرج الاقتصاد البريطاني من الركود المسجل منذ أواخر 2023 بتحقيقه نموا أعلى مما كان متوقعا في الربع الأول من السنة على ما أعلن مكتب الإحصاءات الوطني الجمعة بعد مراجعة طفيفة للأرقام، ما يشكل دعما لرئيس الوزراء ريشي سوناك قبل الانتخابات التشريعية الأسبوع المقبل التي من المتوقع أن يمنى فيها حزبه بالهزيمة. وارتفع الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 0.7 % خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة بحسب مكتب الإحصاءات، بعدما كانت التوقعات تشير إلى 0.6 %، وذلك فيما لم تكن الأسواق تتوقع تغييرا في الأرقام. وتؤكد هذه البيانات أن البلد خرج في الربع الأول من العام من الركود المسجل منذ أواخر 2023 وشهد انتعاشا اقتصاديا أسرع من المتوقع. وكان الناتج الداخلي الإجمالي في بريطانيا قد تراجع بنسبة 0.3 % في الربع الأخير من 2023، بعد انخفاضه بنسبة 0.1 % في الربع الثالث من العام. ويعرّف علماء الاقتصاد الركود "التقني" على أنه انكماش اقتصادي خلال فصلين متتاليين. وشكلت إعادة النظر في النمو صعودا في الربع الأول من العام مفاجأة، في حين كان خبراء الاقتصاد يتوقعون عموما الإبقاء على التقديرات الأولى. وتحقق النمو المحدود المفاجئ بدفع من قطاع الخدمات الذي سجل نشاطات أقوى بقليل في مجال الخدمات الاحترافية والنقل والتخزين. وجاء ذلك في وقت يسجل حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة بزعامة كير ستارمر، تقدما على المحافظين بزعامة سوناك في استطلاعات الرأي الوطنية قبل الانتخابات المقررة الخميس المقبل. ويصوت البريطانيون في الرابع من يوليو في انتخابات يتوقع أن يفوز فيها العماليون، ما سيضع حدا لحكم المحافظين المستمر منذ 14 عاما. ورأى بول دايلز المحلل في معهد "كابيتال إيكونوميكس" للاستشارات أنه "أيا كان رئيس الوزراء (المنتخب) الأسبوع المقبل، فقد يستفيد من انتعاش اقتصادي أعلى بقليل من توقعاتنا". وأوضح أن "النفقات الاستهلاكية ستشكل المحرك الأساسي" للنمو هذه السنة والسنة المقبلة، مع التوضيح أنها "قد تؤدي أيضا إلى أن يخفض بنك إنكلترا نسب الفوائد بوتيرة أبطأ بقليل مما كان سيقوم به". وفي مسعى إلى احتواء ارتفاع الأسعار التي ازدادت بشدة خلال السنوات الأخيرة، أبقى بنك إنكلترا الأسبوع الماضي نسب الفوائد الرئيسية على أعلى مستوياتها منذ 2008، وذلك بالرغم من تباطؤ التضخم إلى 2 % في خلال سنة في أيار/مايو. وبالنسبة إلى الأفراد والشركات في بريطانيا، تنعكس نسب الفوائد الرئيسية العالية ارتفاعا في تكلفة القروض، لا سيما العقارية منها. غير أن الانتعاش ليس مضمونا، "فبيانات أجدد للناتج الداخلي الإجمالي تعود إلى أبريل أظهرت أنه من المحتمل أن يكون الاقتصاد البريطاني قد تباطأ من جديد في الربع الثاني من العام"، بحسب كاثلين بروكس المحللة لدى "اكس تي بي". وتماشيا مع التوقعات، بقي الناتج الداخلي الإجمالي راكدا في أبريل، بسبب طقس ممطر على نحو غير اعتيادي انعكس سلبا على قطاع البناء ومبيعات التجزئة، بحسب ما أعلن مكتب الإحصاءات الوطني في مطلع حزيران/يونيو. وأظهر مؤشر "بي ام آي فلاش" الذي صدر الأسبوع الماضي عن "اس اند بي غلوبال"، وهو مؤشر مطور للنمو، أن أنشطة القطاع الخاص تباطأت في يونيو في البلد، ما يعكس خصوصا عدم اليقين السائد في أوساط قطاع الأعمال مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 4 تموز/يوليو. واعتبرت ليندساي جيمس من "كويلتر انفسترز" أنه "طالما لم تصدر ميزانية (الحكومة المقبلة) التي تحدّد بوضوح مشاريعها في مجال الضرائب والنفقات، فمن غير المرجح أن تستثمر الشركات على نطاق واسع، الأمر الذي سيؤخر بعد أكثر أي تسارع ملحوظ في نمو الناتج الإجمالي الداخلي".
مشاركة :