العوامل الرئيسية وراء فوز دونالد ترامب في مناظرة 2024

  • 7/1/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في حدث كان متوقعًا بشدة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024، خرج الرئيس السابق دونالد ترامب منتصرًا في أول مناظرة تلفزيونية ضد الرئيس جو بايدن. قبل المناظرة، أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة “سي إن إن” تقدم ترامب على بايدن بخمس نقاط مئوية، حيث حصل ترامب على 55 في المئة مقابل 45 في المئة لبايدن. بعد المناظرة، اتسع تقدم ترامب بشكل كبير، حيث أيده 67 في المئة من الناخبين مقارنة بـ33 في المئة لبايدن. ساهمت عدة عوامل رئيسية في نجاح ترامب في المناظرة، مما لاقى صدى لدى الناخبين وأدى إلى تحول التصور العام لصالحه. قبل الخوض في أسباب نجاح ترامب في المناظرة، من الضروري فهم سبب تفضيل الناخبين الأميركيين لترامب على بايدن. العامل الأساسي هو المخاوف المتعلقة بعمر بايدن وقدراته المعرفية، مما صب في مصلحة ترامب. على الرغم من أن الفارق العمري بين المرشحين هو سنتان فقط، إلا أن الناخبين أكثر قلقًا بشأن بايدن بسبب أدائه المعرفي. يعتبر الأميركيون بايدن كبيرًا في السن جدًا لتولي منصب الرئيس بنسبة 67 في المئة مقارنة بنسبة 37 في المئة لترامب. العامل الثاني هو ما قام به الديمقراطيون من “تسييس القانون”، وقد غذت هذه التحولات تصرفات المدعين العامين الديمقراطيين والحزبيين بشكل واضح، وحتى المحاكم العليا في الولايات، الذين اعتبروا أنهم يستهدفون الرئيس السابق ترامب. من خلال اتباع هذا المسار في محاولة واضحة لاستبعاد المرشح الجمهوري المفترض، يمكن القول إن الحزبية التي مارسها اليسار خلقت عن غير قصد وضعًا ارتد عليهم بنتائج عكسية، يشبه وحش فرانكشتاين الذي انقلب على خالقه. في ظل هذا السياق، فإن أحد الأسباب التي جعلت ترامب يفوز بالمناظرة هو أن مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، من الأميركيين قد اعتبروا التكتيكات المستخدمة ضده غير شريفة. وربما أيقظ هذا التصور الكثيرين على الاحتمال المزعج: “إذا كان بوسعهم أن يفعلوا ذلك مع رئيس سابق ملياردير، فبوسعهم أن يفعلوا ذلك معي أو مع أي شخص في عائلتي”. أسلوب ترامب الواثق من نفسه استحوذ على الانتباه وأبرز صفات القيادة، مما عزز صورته كزعيم حازم وحاسم أما العامل الثالث المهم هو الاقتصاد. بينما تتمتع النخب الراسخة من كلا الحزبين بفقاعات من الرفاهية والغطرسة والإنكار، فإن هذه المجموعة المتميزة تمثل جزءًا ضئيلًا من السكان. يكافح عشرات الملايين من الأميركيين لدفع فواتيرهم ويصارعون يوميًا للبقاء على قيد الحياة. يعتقد جزء كبير من السكان أن “تضخم بايدن” يؤدي إلى تآكل جودة حياتهم بسبب ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع الاقتصادية، ويشعرون أنهم كانوا في حال أفضل أثناء رئاسة ترامب مقارنة بالوضع الحالي. كذلك، قضية الحدود تُعتبر بالنسبة إلى الملايين من الأميركيين مرتبطة بزيادة جرائم المهاجرين العنيفة، وذلك من خلال السماح لأكثر من 18 مليون مهاجر غير شرعي بدخول البلاد، والكثير منهم هاربون من السجون ومن مؤسسات الصحة العقلية، مما أدى إلى تزايد التهديدات الإرهابية في المجتمع. يُعتقد أن الدافع وراء هذا السماح هو جعل هؤلاء المهاجرين ناخبين محتملين للحزب الديمقراطي. ركز ترامب بفعالية على هذا الموضوع أثناء المناظرة، في حين افتقر بايدن إلى دفاع مقنع عن أوجه القصور في إدارته. وأخيرًا، نصل إلى ضعف هيبة الولايات المتحدة في نظر العالم، والذي أبرزته إخفاقات السياسة الخارجية المتعددة لإدارة بايدن في الشرق الأوسط وخارجه. تشمل هذه الإخفاقات الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في أغسطس 2021، وإدارة الصراع بين إسرائيل وغزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك سوء التعامل مع الصين والذي نتج عنه أكبر عجز معها، وكذلك التعامل مع روسيا والحرب في أوكرانيا التي كلفت الولايات المتحدة أكثر من 200 مليار دولار دون نتائج تذكر في صالح أوكرانيا، بالإضافة إلى ارتفاع الدين الفيدرالي، والشعور العام بأن الأمور لا تسير على ما يرام. هذه السياسات المعيبة زعزعت استقرار الولايات المتحدة والعالم، وأدت إلى تمكين المنظمات الإرهابية، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي. كل هذه العوامل ساهمت في فوز ترامب في المناظرة، مما يشير إلى أن فشل بايدن لا يمكن أن يُعزى إليه وحده. السياسات المضللة للحزب الديمقراطي وإدارة بايدن، المتأثرة بأجندات أقصى اليسار، كانت من الأسباب الرئيسية لفشل هذه المناظرة. وبالتالي، فإن فكرة أن العديد من الديمقراطيين يفكرون الآن في استبدال بايدن بمرشح آخر تبدو غير عملية ومتأخرة للغاية. أي مرشح ديمقراطي سيرث حتما السجل الذي أسسته إدارة بايدن ويترشح بناءً عليه، وهذا السجل يشمل تضخمًا كبيرًا أدى إلى تآكل الدخول الحقيقية للأسر، وانتكاسات عديدة في السياسة الخارجية، وسوء إدارة واسع النطاق. بالإضافة إلى ذلك، الوقت أصبح متأخرًا لاستبدال بايدن، حيث تم شراء وقت البث التلفزيوني وإنتاج الإعلانات التجارية، وسيكون من الضروري إعادة صياغة شاملة إذا تم استبدال المرشح. ومن المرجح أن هذه الفكرة قد تؤثر على المانحين وتضعف الحملة بشكل عام، مما قد يؤدي إلى الاعتراف بأن بايدن لا يمكن إنقاذه. ترامب وفريقه يدركون هذه الظروف تمامًا، وبناءً على ذلك وضعوا إستراتيجية لإجراء مناظرة ناجحة، حيث استغلوا نقاط ضعف وإخفاقات إدارة بايدن بشكل فعال. طوال المناظرة، حافظ ترامب على رسالة واضحة ومتسقة حققت تأثيرًا إيجابيًا لدى قاعدته الانتخابية والناخبين غير الحاسمين على حد سواء. بدا واثقًا في عرض رؤيته للبلاد، وتناول قضايا حيوية مثل التعافي الاقتصادي والأمن القومي وإصلاح الرعاية الصحية. هذا الوضوح النادر يبرز تباينًا واضحًا مع مواقف خصمه السياسية الملتبسة، مما زاد من صورة ترامب كزعيم حاسم ومتحكم. حنكة ترامب تشد انتباه الجميع بالإضافة إلى ذلك، خطاب ترامب أثر بشدة على العواطف الشعبية، حيث صاغ نفسه كمدافع عن الطبقة العاملة وناطق بمصالحها. استهدف مخاوف الأميركيين العاديين مباشرة، وأكد على إعطاء الأولوية لمصالحهم قبل المصالح السياسية والنخبة. لقد لاقى هذا النداء الشعبوي ترحيبًا كبيرًا من الناخبين المتعبين من السياسة التقليدية، مما زاد من دعمه لدى مجموعات الناخبين الحيوية. كما نجحت حملة ترامب بشكل إستراتيجي خلال فترة المناظرات في تعزيز حضورها الإعلامي القوي، وضمان تغطية إعلامية إيجابية تؤثر في السرد المتعلق بالقضايا الحيوية. ومن خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتجمعات والجهود الشعبية بشكل فعّال، تمكنت هذه الإستراتيجية الإعلامية الشاملة من تعزيز نجاحه بشكل كبير في جذب الناخبين غير الحاسمين وتعزيز الدعم بين قاعدته الشعبية. وقد انعكست هذه الإستراتيجية على تغريدات الأميركيين على موقع إكس بعد المناظرة؛ فبتحليل عينة مكونة من 3000 تغريدة وإعادة تغريد وردٍّ، لوحظ تقدم ترامب بنسبة 78.6 في المئة، مقابل 21.4 في المئة لصالح بايدن. وأخيرًا، استخدم ترامب، الذي اشتهر بأسلوبه الكاريزماتي الساخر والحازم، تكتيكات المناظرة الفعّالة للسيطرة على المسرح بنجاح. نجح في صد الانتقادات بمهارة، واستغل نقاط قوته، وواجه بقوة تناقضات ونقاط ضعف خصمه. أسلوب ترامب الواثق من نفسه استحوذ على الانتباه وأبرز صفات القيادة، مما عزز صورته كزعيم حازم وحاسم. إن فوز دونالد ترامب في مناظرة عام 2024 يمكن أن يُنسب إلى مجموعة من العوامل الرئيسية، بما في ذلك الرسائل القوية، وتكتيكات المناظرة الفعّالة، والجاذبية الشعبوية، وجهود التعبئة، والإدارة الإستراتيجية لوسائل الإعلام، بالإضافة إلى استغلال إخفاقات إدارة بايدن ونقاط ضعفها. من خلال استثمار هذه العناصر بشكل متقن، نجح ترامب في تعزيز نفسه كمرشح مفضل بين الناخبين الذين يبحثون عن القيادة، الوضوح، والابتعاد عن السياسة التقليدية. وعلى الرغم من أن أداء ترامب الناجح في المناظرة، الذي يمكن أن يؤثر على تصوّرات الناخبين وبالتالي على نتيجة الانتخابات، إلا أن الانقسامات الكبيرة والاستقطاب داخل المجتمع الأميركي تبقى أمرًا مهمًا للملاحظة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هناك ناخبون يدعمون بايدن في المقام الأول بسبب معارضتهم وكرههم لترامب، مما يعكس تعقيد الديناميكيات الانتخابية في المشهد السياسي التنافسي الحالي.

مشاركة :