«مهرجان طرابلس للأفلام» يجتذب نجوم السينما إلى مدينة لبنانية منسية

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عجزت غالبية الأنشطة الثقافية المغرية التي شهدتها طرابلس، وبشكل كثيف وحيوي، في السنوات الثلاث الأخيرة، بعد هدوء الحرب الطاحنة بين جبل محسن وباب التبانة، عن إقناع البيروتيين بأن في المدينة ما يستحق أن يُكتشف. «مهرجان طرابلس للأفلام» الذي افتتح دورته الثالثة مساء الأربعاء الفائت، كسر الحواجز، لم يأت بأهل بيروت فقط، بل جاء ضيوفه من مصر وفرنسا وألمانيا وسويسرا، وغيرها، وتمكن تدريجيًا، وبوقت وجيز، من أن يحول افتتاحه إلى مناسبة بمقدورها أن تجذب النجوم وجديد الأفلام، وتلك التي حازت على جوائز في مهرجان «كان». المهرجان الذي خرج من رحم المعارك، وعشرين جولة قتال، وأصر على أن تكون طرابلس مركزه، كسب الرهان. المشوار لا يزال في أوله، لكن التقدم حثيث ومتواصل. هذه السنة من أصل 227 فيلما وصلت للمهرجان، تمكن من اختيار 8 أفلام طويلة ونحو 40 فيلما قصيرا، في حين لم يكن أمامه للاختيار في دورته الأولى سوى 59 فيلما، واكتفى بالأفلام الوثائقية ولم يتمكن من الحصول على أي فيلم طويل واحد حينها. وبعد أن كانت لجنة التحكيم محلية وتكتفي بمن هم في المحيط، تشكلت اللجنة هذه السنة من الناقد الفرنسي فيليب جالادو، والروائية والسينمائية اللبنانية الفرنسية، ياسمين خلاط، والمخرج المصري أمير رمسيس، والمخرجة اللبنانية ميشال تيان، والكاتب والناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة، والمنتج اللبناني محمود القرق. الافتتاح في «مركز الصفدي الثقافي» لبس حلة المهرجانات الدولية. أعلام الدول المشاركة ترفرف حول المبنى، السجادة الحمراء لدخول الضيوف باللباس الرسمي. تألق نجوم فيلم «بتوقيت القاهرة» الذي حضر ضيوفه بمناسبة اختيار فيلمهم ليكرم كآخر ما مثله نور الشريف قبل رحيله، واحتفاء بالعرض الأول للفيلم على الأراضي اللبنانية. سمير صبري إلى جانب الفنانة درة بكامل هندامها، كاتب الفيلم ومخرجه أمير رمسيس، والمنتج سامح العجمي، إضافة إلى ضيوف آخرين رافقوا أفلامهم، وجاءوا ليساهموا في الإجابة على أسئلة المتفرجين بعد العروض. مهرجان السينما الذي بدأ صغيرا ومتواضعا حقق وثبة مفاجئة. مدير المهرجان إلياس خلاط، وصاحب المبادرة، بدا سعيدًا جدًا بعرض فيلم التحريك القصير «موج 98»، للمخرج اللبناني الشاب إيلي داغر، الذي نال السعفة الذهبية في مهرجان «كان» العام الماضي، في حفل الافتتاح. إنجاز صغير لكنه خطوة مهمة. يقول خلاط: «بعض الأفلام التي تعرض هنا تذهب إلى (كان) مباشرة بعد ذلك. هذا أمر ليس بقليل لمهرجان يحبو في مدينة هُمشت طويلا، وبقيت خارج الخريطة الثقافية اللبنانية». على الرغم من أن طرابلس كانت رائدة في الدور الذي أدته في السينما اللبنانية، أو في أسبقيتها إلى افتتاح صالاتها السينما وكثافة عددها، فإنها عاشت انتكاسة كبرى، ها هو السعي كبير لإخراجها منها. خصص المهرجان عرضا خاصا من خارج المسابقة لفيلم «بتوقيت القاهرة»، ونظم لقاء مع نجوم الفيلم وصناعه، في اليوم التالي للافتتاح. الفيلم الحائز على 16 جائزة في مهرجانات دولية، قدم للمرة الأولى في عرض للصحافيين صباحًا، وعرض آخر مساء قبل أن يطلق في الصالات اللبنانية. القصص الثلاث المتوازية التي تجري في يوم واحد، تروي قصة الممثل سامح كمال (سمير صبري) والممثلة ليلى السماحي (ميرفت أمين) بعد انطفاء الشهرة، وذبول المجد، ومريض الألزهايمر (نور الشريف) والشاب الذي يتاجر ببيع المخدرات (شريف رمزي)، والشاب والشابة سلمى ووائل (أيتن عامر وكريم قاسم) اللذين يعيشان قصة حب منذ ثلاث سنوات، وينفردان للمرة الأولى في شقة بمفردهما وما يعانيانه من ارتباك في المعايير والقيم في هذه اللحظات. تنتهي القصص جميعها إلى مصب واحد، في انتصار للحياة على التطرف والحب على الخديعة. تُعرض أفلام المهرجان في «مركز الصفدي الثقافي» و«بيت الفن» في طرابلس، وخصصت عروض ثلاثة للشباب في «جامعة بيروت العربية» يوم 26 أبريل (نيسان) الحالي. ومن لطيف مبادرات هذا المهرجان تخصيصه عرضًا لفيلم «بتوقيت القاهرة» في الهواء الطلق في باب التبانة، وتحديدًا في شارع سوريا الذي لا تزال آثار المعارك ماثلة للعيان، لكل من يزوره، وعرضًا آخر لفيلم فلسطيني طويل يحمل عنوان «حب وسرقة ومشاكل أخرى» في جبل محسن. ومن الأنشطة المميزة الموازية للمهرجان «منتدى» يعقد على مدى يومين متتاليين، يتناول موضوع إشكالية الإنتاج السينمائي في لبنان وفرص التمويل المتاحة، ويشارك حصريًا في حلقاته سينمائيون منتجون وموزعون، وصناديق دعم للإنتاج السينمائي في لبنان والخارج، وهذه فعالية مغلقة ومقتصرة على أهل الاختصاص. ويبقى المهرجان الذي يحمل شعارًا يصور ورقة شجرة الليمون، التي اشتهرت بها طرابلس، يعمل أيضا بهمة متطوعين شباب من أهل المدينة، ارتأوا مساندته كجزء من وفائهم لمدينتهم.

مشاركة :