في التاسع والعاشر من يوليو الجاري، وبعد بضعة أيام من انتهاء احتفالات الأميركيين بيوم استقلالهم، سيتوجه قادة الدول، إلى جانب الدبلوماسيين، والعديد من الشخصيات المهمة إلى العاصمة الأميركية، واشنطن، لبدء احتفال من نوع آخر، وهو مرور 75 عاماً على إنشاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وسيكون هناك جو من الاحتفال في الهواء الطلق، يشبه رحلة عائلة كبيرة وسعيدة إلى منزل الجدة، للاحتفال بعيد ميلادها. ويمكنك أن تتوقع إشارات لا تعد ولا تحصى من قبل المشاركين حول كون «الناتو» أقدم وأنجح تحالف عسكري في تاريخ العالم، وكيف حفظ الحلف أوروبا الغربية خارج براثن الهيمنة السوفييتية، وكيف أنه لايزال يثبت قيمته وجدارته على الرغم من انهيار الاتحاد السوفييتي منذ فترة طويلة. ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك عملاً مهماً للغاية يجب الاهتمام والعناية به على خير وجه. وسيكون موضوع الحرب في أوكرانيا هو الأولوية الأولى والثانية والثالثة بالنسبة لقمة الحلف التي ستستمر يومين. وهذا أمر جيد وغير جيد في آن واحد، فهو جيد لأن الحرب كانت أكبر قضية أمنية بالنسبة لأوروبا خلال العامين والنصف الماضيين، وهو أمر غير جيد أيضاً لأنه من المرجح أن يتجدد التوتر بين أعضاء الناتو والقيادة السياسية الأوكرانية التي سئمت سماع الشيء ذاته فيما يتعلق بالعضوية المحتملة مراراً وتكراراً. أعظم بائع وعقد حلف «الناتو» آخر اجتماع لقادة دوله قبل نحو عام تقريباً، خيّم على الاجتماع سجال عام حول هذه المسألة على وجه التحديد. وشعر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي وصفه الرئيس السابق دونالد ترامب بأنه «أعظم بائع على الإطلاق» بالحرج الشديد، لعدم تمكن الناتو من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن موعد ضم أوكرانيا إلى الحلف. ولكن البيان الذي جرى تسميته بيان قمة فيلينيوس، على اسم عاصمة لاتفيا، كان صامتاً بشأن هذه القضية، وتعهد فقط بأن أوكرانيا «ستكون مستقبلاً عضواً في حلف الناتو، وأن كييف ستصبح عضواً في الحلف في وقت ما في المستقبل. ولم يتعامل الأميركيون والبريطانيون بلطف مع نوبات غضب زيلينسكي، فقد وصف مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان، زيلينسكي بأنه جاحد «دون أن يلفظ هذه الكلمة بالتحديد» بالنظر إلى كل الدعم العسكري والاقتصادي الذي قدمته الولايات المتحدة لكييف. ونصح وزير الدفاع البريطاني بن والاس في حينه الأوكرانيين أن يكونوا أكثر صبراً. وقال: «نصيحتي للأوكرانيين في بعض الأحيان هي انظروا، أنتم تقنعون الدول بالتخلي عن مخزوناتها من الأسلحة» مضيفاً أنه ليس لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مستودع مملوء بالأشياء الجاهزة للتبرع بها. قتال متواصل ولا يتطلب الأمر الكثير من العبقرية لفهم مدى إحباط زيلينسكي، إذ إن بلاده تتعرض للقصف بلا هوادة. وتسيطر القوات الروسية على نحو 20% تقريباً من أراضي أوكرانيا كما أنها سيطرت هذا العام على أكثر مما سيطرت عليه خلال الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا طيلة عام 2023. ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملتزم بالحرب هذه الأيام كما كان عند بدايتها. وتتمحور فكرته للسلام حول انسحاب أوكرانيا من المناطق الأربع (خيرسون، وزابورجيا، ودونيتسك، ولوهانسك) التي ضمتها روسيا في سبتمبر 2022، ما يوضح أنه ليس يائساً تماماً للتوصل إلى اتفاق سلام حقيقي في الوقت الحالي. وأصبحت القوات الأوكرانية، التي تقاتل دون توقف منذ 28 شهراً، متعبة وتتساءل عمّا إذا كان السياسيون في كييف سيقومون بحملة تعبئة حتى يتمكنوا من الحصول على قسط من الراحة. ولم تصل الأمور إلى حد الانهيار بالنسبة لأوكرانيا، لكنها في الوقت ذاته ليست رائعة. وبالطبع يدرك زيلينسكي كل ذلك، فمهمته أن يحمي بلده من الجيش الروسي. وتتلخص مهمته في حماية بلاده مما يمكن أن نطلق عليه الحرب الدائرة الآن مع روسيا. وسوف يبذل كل ما في وسعه من أجل الحفاظ على سيل المساعدات العسكرية التي يقدمها الغرب، وسوف يستخدم كل سلطاته في الإقناع، لإدخال أوكرانيا في تحالف عسكري تدعمه قوة عظمى. ولذلك لا يمكن أن نعتبر زيلينسكي قد أخطأ لكونه يصر على مطالبه. النادي الدولي وقد يكون حلف «الناتو» هو الذي ارتكب خطأ، ليس لأنه لم يقبل أوكرانيا في الحلف حتى الآن، ولكن لأن قادته، بمن في ذلك الرئيس الأميركي جو بايدن، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي المنتهية ولايته ينس ستولتنبرغ، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مازالوا يرددون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر. وهم يصرون مراراً وتكراراً على أن القرار بشأن عضوية حلف شمال الأطلسي قد تم اتخاذه بالفعل، وأن التوقيت هو القضية الوحيدة. وعلى الرغم من كل التصريحات الشكلية بشأن إبقاء باب حلف شمال الأطلسي مفتوحاً أمام الأعضاء الجدد، فإنه من الواضح تماماً الآن أن الحلف لا يريد أوكرانيا في النادي الدولي. وبالطبع فإن حلف الناتو يقدم الدعم الكبير لكييف، فهو يرسل المال وجميع أنواع الأسلحة إلى أوكرانيا حتى يتمكنوا من استنزاف الجيش الروسي، الذي يعتبرونه عدواً رئيساً للناتو. ولكن تصرفاتهم حتى الآن أظهرت أن الصراع المباشر مع روسيا المسلحة نووياً نيابة عن أوكرانيا، ليس أمراً وارداً بالنسبة للحلف. وعندما دعا جنرالات أميركيون سابقون إلى إقامة منطقة حظر جوي في أوكرانيا خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحرب، رفض الناتو ذلك باعتباره خياراً غير واقعي، لأنه سيتطلب من طائرات الناتو إسقاط الطائرات والصواريخ الروسية. وعندما اقترح ماكرون في فبراير الماضي أن يتم نشر جنود من الدول الغربية في أوكرانيا، نأى الأميركيون والبولنديون والألمان بأنفسهم عن الموضوع برمته وانتقدوا ماكرون على خطابه، وبعد شهر من تقاعده كأمين عام للحلف، قال ستولتنبرغ لمجلة «إيكونوميست» على الرغم من أهمية تزويد أوكرانيا بالقدرة على الفوز في الحرب، فإن من المهم أيضاً بالنسبة لحلف شمال الأطلسي «منع هذه الحرب من أن تصبح حرباً شاملة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في أوروبا». وتنتظر أوكرانيا عضوية حلف الناتو منذ زمن بعيد، وستواصل الانتظار، وعلى الأرجح أن هذا الانتظار سيكون بلا نهاية، بغض النظر عن الكلام الفارغ الذي يقوله القادة الغربيون لزيلينسكي. عن مجلة «نيوزويك» . لم يتعامل الأميركيون والبريطانيون بلطف مع نوبات غضب زيلينسكي، فقد وصفه مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان بأنه جاحد. . عندما دعا جنرالات أميركيون سابقون إلى إقامة منطقة حظر جوي في أوكرانيا خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحرب، رفض «الناتو» ذلك باعتباره خياراً غير واقعي. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :