قاسم حول: لم أجد بغداد في بغداد!

  • 4/24/2016
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

ظافر جلود (دبي) تستضيف مؤسسة العويس الثقافية منتصف مايو المقبل فيلم «بغداد خارج بغداد» للمخرج العراقي المغترب الفنان قاسم حول، بعد أن تعذر عرضه في دور العرض السينمائية المهدمة في بغداد. ويجسد الفيلم الواقع العراقي المرّ الذي رآه المخرج أثناء زيارته لوطنه، فقد ذهب باحثاً عن الأماكن والمعالم والذكريات فعاد حزيناً، يعتصره الألم الذي صبّه في هذا الفيلم عندما لم يجد بغدادَهُ في بغداد، وفق ما قال لـ «الاتحاد»، وأضاف: «ذهبت إلى وطني العراق ولم أجده، بل وجدت واقعاً مراً، وكأن التاريخ قد رحل خارج بغداد وخارج العراق. بعد عودتي لم أجد«بغداد»التي عرفتها وعشقتها في الخمسينات والستينات وما تركه لنا المثقفون الراحلون من حكايات ومذكرات. لم أجد شارع الرشيد ولا المقاهي ولا شارع أبو نواس ولا صالات السينما ولا إستوديوهات الموسيقا ولا ولا.. وجدت المدينة خاوية وكأنها رحلت؛ فأصبت بحالة نفسية متعبة، سطرت فيها مشاهد يجمعها الشعور بالغربة». وأضاف، بنبرة يغمرها الأسى: «عندما أنهيت الفيلم لم أجد صالة سينما في العراق لأعرضه. كل صالات السينما تهدمت، العراق معروف بجمال صالاته السينمائية وبثقافة التلقي العالية للأفلام الجميلة بكل اتجاهاتها، واليوم يتعذر عرض فيلمي فيه في صالة«نظامية». وعن عرض الفيلم في الإمارات قال إنه«حريص على معرفة الانطباع الذي سوف يحققه الفيلم لدى الجمهور المتلقي في الإمارات عن آخر ما كتبته ونفذته سينمائيا»، لافتاً إلى أن الفيلم قد يبدو وثائقياً لكنه فيلم روائي بصيغة غير تقليدية. وثائقية ذات نهج روائي يتسم بالجمالية العالية والفكر الواضح حيث الواقع ألقى بظلاله على حياة فنانين ومبدعين كبار وذوي مشاعر متقدة. فكرة الفيلم هي الغربة الوجودية، المثقف الواعي الجميل هو الذي يشعر بمعاناة وطنه. أردت أن أصور جانباً من ثقافتنا التي عاصرت جانبا منها، وصرت شاهدا ومنتجا في خضمها على الشاشة، الفيلم ليس معاصرا بالمعنى المعاصر للأحداث والأمكنة، هو فيلم يبدأ من غربة كلكامش وخوفه، مرورا بكل الذين تمردوا على واقعهم. أليس مثيراً أن يعرف الناس اليوم وهم يعيشون هذا الزخ الفضائي كيف شاهد العراقيون الصورة المتحركة، كيف دخلت السينما العراق أو كيف سمع العراقيون الصوت، صوت الأغنية على الحاكي؟ من كان يسجل أغاني العراقيين؟ من هو «الجق مق جي» الذي كان يعتقد العراقيون بأن اسمه «جقمقجي»؟ من هو مسعود عمارتلي ومن هو جعفر لقلق زادة؟ ماذا حصل لكل العراقيين المبدعين؟ لماذا ماتوا في منافيهم وفي أي درب نحن سائرون؟ هي أسئلة ستجيب عنها حكايات صورتها ونفذتها بطريقة أعتقد أنها شيقة وجميلة جدا وإنسانية، إنها التراجيديا الإبداعية أي تراجيديا مشوبة بالشاعرية والابتسامة الحلوة والمرة». وأضاف قاسم حول متحسراً على إهمال التاريخ السينمائي المصور في بلاده:«مثلما تهدم «داعش» الآثار التاريخية، فإن التاريخ السينمائي والرقمي المصور الذي يمثل ذاكرة الشعوب يهدمه أو يخربه التخلف الذهني والفكري، والفهم السلفي المتأخر عن العصر يتسبب في إعدام الذاكرة المصورة. ذهبت إلى العراق في عام 2008، لأجد تاريخ العراق المصور بأشرطة السينما السليولودية متروكاً ومرمياً تحت أنقاض البناية التي سقطت عليها قذيفة وهدمتها.. منذ بدأ الفلسطيني الراحل الكاتب «جبرا إبراهيم جبرا» في أربعينات القرن الماضي يوثق العراق بأشرطة السينما السليلويدية صورت مئات الآلاف من الأمتار السينمائية تضم تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وتصور الحروب والانتكاسات وتصور الموسيقا والأغنيات، وفيها أسرار خطيرة تخص فترات استثنائية من تاريخ العراق. هذه الأشرطة بصيغتها السالبة والموجبة وجدتها مرمية تحت الإنقاض متروكة لثماني سنوات تحت الأتربة والغبار والحر والرطوبة فيما كان العراق «يبذخ» في صرف المال.

مشاركة :