كان للأمير سعود الفيصل وقفات في مجلس الشورى عند زيارته، لا ينساها أعضاء المجلس السابقون والحاليون، ويستذكرون مواقف عدة معه تحت "قبة المجلس". ويقول عضو المجلس الدكتور أحمد عمر الزيلعي في حديثه إلى "الوطن" إن الأمير سعود الفيصل من أعظم الشخصيات التي شهدها تاريخنا العربي المعاصر، ومن أكثرهم تأثيرا على الشؤون الخارجية للبلدان العربية، ومن أبرزهم حضورا على المستوى الدولي، وذلك لما يتمتع به من شخصية فريدة قلّ أن تجدها في الكثير. أوضح الزيلعي أن الأمير سعود الفيصل يتحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة، ويمتاز بسرعة بديهة قل أن تجدها، وأيضا له القدرة على استحضار أفكاره وامتلاكه قاموسا لغويا، ويصل إلى الهدف من أقصر الطرق. وأشار عضو الشورى إلى أنه لاحظ عندما كان يحضر لدرجة الدكتوراه في إنجلترا إعجاب الكثيرين من الإنجليز بلغة الأمير سعود الفيصل الإنجليزية الجميلة. وأضاف: أذكر أنني كنت في إحدى المرات جالسا مع مجموعة من الأجانب ليس بينهم عربي واحدـ وكان التلفاز مفتوحا دون أن نلقي له بالا، وما إن لاحت صورة الأمير سعود الفيصل حتى نادى الجميع باسمه وبدؤوا ينصتون له". رجل السلام يتحدث عضو الشورى الدكتور صدقة فاضل عن شخصية الراحل قائلا: الأمير سعود الفيصل رحل عن دنيانا حزينا من تداعيات هذا العصر العربي الرديء. ولكنه قرير العين بما بذله من جهود إيجابية، أثمر بعضها، وتعثر الآخر. كما أنه ترك أفكارا ومبادئ، يمكن الاهتداء بها في التعامل مع الأشقاء، ومع بقية دول العالم. وأضاف: بحكم تخصصي وعملي، تشرفت باللقاء به عدة مرات، والاستماع إلى بعض آرائه، والتي أعتبر بعضها دروسا في ممارسة الدبلوماسية، وفن خدمة الأوطان على الساحة الدولية، الملتهبة غالبا. أذكر، في هذه العجالة، قوله (أو : نظريته، إن شئت): لا يوجد كاسب في الحروب.. الكل يخسر في أي حرب. حتى "المنتصر" عسكريا يخسر غالبا ــ ماديا ومعنويا، وإنسانيا. وتابع: إنها نظرية حكيمة، وصحيحة، في أغلب الأحوال والظروف. والمغزى هنا هو: لا بد من تجنب الحرب، واللجوء إلى بديلها الأهم، وهو "الدبلوماسية"، ومبدأ "حل الخلافات بالطرق السلمية"، كبديل للحرب التي لا يكسب أحد من خوضها. وإن تم اللجوء إلى الحرب اضطرارا، فلتكن محدودة، ومنحصرة في تحقيق الهدف الذي عجزت الدبلوماسية بالفعل عن تحقيقه. فأحيانا "لا يمكن إجراء الحوار على طاولات التفاوض فقط، بل في ميادين القتال أيضا" ــ كما قال ذات مرة. وأختتم كلمتي الموجزة هذه بالدعاء: رحمك الله يا محب الاستقرار والسلام، وأسكنك فسيح جناته يا فارس السياسة الخارجية، وفن تحقيق الأهداف سلما وبالحسنى أولا.
مشاركة :