«هيئة الأدب والنشر والترجمة» - ناهد الأغا

  • 7/7/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما نتحدث عن الأدب لشعب ما.. فإننا نرمي من خلال حديثنا الروح والهوية لذاك الشعب.. فهو الروح لأنه ليس مادة جامدة وأما الهوية فنعني بها خصائص ذاك الأدب ومميزاته التي نقلت بكل أمانة ودونت كهوية في سجل التاريخ وكانت سفرا خالدا بين ثناياه.. تروي حكاياه؛ وتقتفي آثاره لكل من يريد أخذ العبر من سردها.. أما الترجمة فقد قيل عنها إنها الرسالة التي تحمل بين طياتها السلام والمودة بين الأمم والشعوب.. وراح آخرون يصفونها بأنها اقتران ثقافي للغة من اللغات مع لغة أخرى بعد ترويض محبب يتم على أثره تزويجهما.. وبالمعنى الدقيق للترجمة هي البوابة الاستثنائية لتقريب معارف الشعوب بين بعضها وبالتالي الاطلاع بكل إمعان وترو على أدب بعضهم البعض.. ونخلص من هذا النثر العطر بأن الترجمة تحمل رسالة متفردة أدبية وثقافية ملؤها الرقي والتميز.. فعندما يترجم كتاب إلى لغات غير لغة تأليفه يتاح فرصة ذهبية للمتكلمين بتلك اللغات من قراءة وفهم محتوياته.. وكل ثقافة من ثقافات العالم لا تترجم إنتاجها المعرفي إلى لغات أخرى؛ والعكس كذلك لا تترجم الإنتاج الثقافي والمعرفي العالمي إلى لغتها الأم فإنها بالنتيجة ستكون أمام خيار ضيق وهو التقوقع على ذاتها وبالتالي ستكون جاهلة بالمخزون الثقافي لغيرها.. والترجمة دائما مرتبطة بازدهار وحضارة الأمم لأنها حين تكون في ذروة حضارتها وأوجها قطعا أنها تكثر من ترجمة المؤلفات وأدب الثقافات الأخرى إلى لغتها؛ وحين تكون عكس ذلك فإنها وقتذاك يدل على ضعفها وانحطاطها ويكون مكانها الحضيض ليس إلا.. ومن هذا المنطلق الحضاري لمعنى الترجمة والأدب جاء اهتمام المملكة اهتماما بالغا بهذا المجال الثقافي والفكري والمعرفي بعلوه وسموه.. حيث أطلقت وزارة الثقافة مشروع هيئة الأدب والنشر والترجمة.. وهي واحدة من الهيئات الثقافية الـ11 التي أسستها وزارة الثقافة؛ للنهوض بتنمية القطاعات وتعزيز كل ما من شأنه دعم المملكة؛ ليكون لها قصب السبق في كافة المجالات الحضارية في زمن التقنية والتطور المتسارعين؛ وتحت عباءة الرؤية الطموحة رؤية العز والمجد والفخر 2030؛ وما ستحققه في جعل المملكة على أعتاب مصاف الدول المتقدمة.. وهيئة الأدب والنشر والترجمة هي الجهة المسؤولة عن جميع مهام قطاعات الأدب والنشر والترجمة وإدارتها وتنظيمها في المملكة؛ حيث تأسست عام 2020م والغاية من تأسيسها وضع الأدب السعودي في مقدمة الريادة الذي ينعكس إيجابا على ملكات الأدباء وجعلهم أكثر إبداعا؛ والعمل بكل اهتمام على جودة المنتج ليلاقي استحسانا مثريا لدى المتلقي؛ وتعزيز دور النشر لأهميته في خلق بيئة استثمارية يؤهل المملكة في دخول مضمار التنافس العالمي.. كما تعمل على إثراء المحتوى الفكري العربي؛ ورفد عجلة الترجمة بنشاط ذي زخم ثقافي معزز بمعايير الجودة الدولية.. وتأتي حزمة من الأهداف إضافة لما ذكر؛ تعمل الهيئة على نشر ثقافة القراءة بدءا من الفرد فالمجتمع؛ جذب الكفاءات وتأهيلها وفق جو تنافسي مستدام للنهوض بالكفاءة التشغيلية الذي ينتج عنها استدامة مالية مميزة.. والسعي الحثيث لتوظيف التقنية وتعزيز التحول الرقمي مما يسرع في عقد شراكات محلية ودولية وفق التوأمة مع القطاعين الحكومي والخاص مما يؤدي إلى فائض في رأس المال البشري ويهيئ بيئة عمل إبداعية؛ وتسهيل إصدار التصاريح ورخص الوكالة الأدبية للمنشآت عبر المنصة الخاصة بالتراخيص الثقافية «أبدع» التي تتبع وزارة الثقافة.. ولعل أهم أهداف الهيئة دعم صناعة المحتوى الإبداعي مرورا بالقطاعات التالية: قطاع الأدب ويقع على عاتقه مهام عدة؛ تبدأ من تمكين الأطفال والناشئين ورفع درجات الوعي بالأعمال الأدبية من خلال دعم وتطوير قدرات الأدباء؛ وتحفيز المتلقي بتحسين مهارات القراءة لديه ضمن بيئة تنافسية أدبية تعزز قيمة الأدب خلالها بالتواصل المثري فيما بينهم.. ثم يأتي قطاع النشر الذي يتولى صناعة النشر ويطورها بهدف دعم الكتاب السعودي على المستوى المحلي والعالمي لتشجيع الاستثمار؛ ويكون النشر بكافة صنوفه من كتب ورقية وصوتية وإلكترونية؛ والعمل على دعم الكتاب السعودي من خلال إقامة معارض الكتاب الدولية؛ والاهتمام بتنظيم سوق النشر المحلي ودعم كفاءات دور النشر السعودية محليا ودوليا.. أما قطاع الترجمة يقوم بمهمة نقل نصوص المحتوى لعدة لغات لأجل تعزيز التبادل الثقافي؛ والهدف الأسمى يكون خدمة المتلقي أينما وجد محليا وعالميا.. كما ينتهج قطاع الترجمة استراتيجية تطوير قدرات ومهارات المترجمين السعوديين؛ ليتميز الدور السعودي في التبادل الفكري والمعرفي من خلال إثراء محتوى الإنتاج العربي المترجم بشكل عام.. أما بشأن مبادرات وبرامج الهيئة فهي كثيرة ومتنوعة وأهمها: مبادرة الكتاب للجميع: التي تعمل على تعزيز قيمة القراءة وتسهل اقتناء الكتب لجميع الفئات.. مبادرة الأدب في كل مكان: هدفها دعم صناع المحتوى والمساعدة على تقديم نتاجهم الأدبي عبر منصة افتراضية لجميع من يؤم الأماكن التي تنشر فيها إبداعاتهم.. برنامج مسرعات أعمال النشر: تعزيز مهمة دور النشر السعودية الناشئة عبر إنشاء مسرعات لأعمالهم ومنح الفرصة للتواصل مع مستثمرين لدعم مشروعاتهم إضافة إلى منحهم برنامج تدريب دولي عند الفوز بالمراكز الأولى حالما تنتهي أعمال المسرعات.. برنامج النشر الرقمي: ومهمته دعم دور النشر ومنحها مخصصات مالية لتحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية رقمية تسهل من خلالها وصول الكتاب لكافة الشرائح لأنها أسهل من وصول الكتاب الورقي حيث وضعت خطة زمنية بدأت من عام 2021 حتى 2025م.. برنامج الشريك الأدبي: هدفه نشر الوعي على نطاق واسع من خلال الشراكة مع مقاه أدبية وينال الجائزة أفضل شريك وقيمتها 100.000 ريال.. مسرعة أدب الأطفال واليافعين: يتم من خلالها دعم شركات ناشئة تهتم باحتضان ودعم قدرات الأطفال واليافعين في كل مسارات الأدب ومهاراته وتقديم المنح المالية حافزا لها.. إضافة إلى فعاليتين لهما ما لهما من أهمية وهما.. مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة: يستضيف مختصي الفلسفة والمهتمين بها من كافة أنحاء العالم وهدفه عقد شراكات تدعم القطاع الحكومي والخاص للاستثمار.. وملتقى الترجمة: الذي يستعرض واقع الترجمة ويناقش المشكلات وتقديم الحلول للمترجم السعودي.. وبزخم تلك الفعاليات والأعمال الإبداعية للهيئة يمكن القول بكل ثقة إنها وضعت المملكة على خطى الدول المتقدمة جدا في مجال الأدب والنشر والترجمة وقدمت ثقافتها كهوية يشار لها بالبنان.

مشاركة :