ماذا يعني تصفير البيروقراطية في القطاع المالي؟

  • 7/7/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتمديد «عام الاستدامة» ليشمل العام الحالي 2024، يزيد مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي جهوده ويسرع مسيرته نحو مستقبل مالي مستدام معزز بتكنولوجيا المستقبل. وكان إطلاق المصرف المركزي لمبادرة «تصفير البيروقراطية» في القطاع المالي أحدث مظاهر هذه الجهود، والتي تأتي تحت مظلة برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية» الذي عممته الحكومة مؤخراً لدعم النمو الاقتصادي الوطني فوق مستوى توقعات البنك الدولي لعام 2024 عند 3.8%. وبينما تقع بيئة الأعمال بدولة الإمارات في مصاف بيئات الأعمال الدولية في سهولة ويسر معاملات القطاع المالي، مع حلولها في المركز الثاني عالمياً في الأداء الاقتصادي في تقرير التنافسية العالمي لعام 2024، فإن مزيداً من تيسير وتقليص الإجراءات المالية، وتسريع تقديم الخدمات المصرفية، وابتكار أنماط جديدة للإجراءات التأمينية ذات الكفاءة العالية، كل ذلك سيكون كفيلاً بإيصال هذا القطاع بحق لمستوى «صفر بيروقراطية» خلال العام الجاري 2024، ليعزز ذلك فرص حلول الدولة في المرتبة رقم واحد عالمياً في مؤشرات الأداء الاقتصادي في تقرير التنافسية العالمية لعام 2025. وفي الواقع، فإن نهج تصفير البيروقراطية ليس جديداً على القطاع المالي في دولة الإمارات في ظل القيادة المتميزة من مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي؛ إذ أن استراتيجية 2023-2026 التي يتبناها المصرف قد وضعت مبادرات التحول الرقمي على رأس أهدافها؛ وظهر ذلك في استثمارات المصرف في البنية التحتية الرقمية، وتطويره أنشطته بشأن قطاع التأمين، وابتكاراته المتميزة لحلول الدفع الرقمي، سواء من خلال منصة الدفع الرقمي «آني» أو المنظومة المحلية لبطاقات الدفع «جيون». ومع التحول المستمر بعيداً عن البيروقراطية المالية، حقق القطاع المالي في دولة الإمارات نمواً قوياً وصلت نسبته إلى نحو 11.1% في إجمالي الأصول بالقطاع، لتصل خلال العام الماضي 2023 إلى نحو 4 تريليون درهم، وأصبحت دولة الإمارات مركزاً عالمياً للدفع الرقمي. ويمكن القول إن الضمان الأول لنجاح مبادرة «تصفير البيروقراطية» في القطاع المالي أنها تنطلق وفق تصور استراتيجي واضح واستناداً إلى رؤية شمولية متكاملة، وتُنفذ بسواعد وطنية ذات كفاءة عالية. وما يؤكد ذلك أن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي قد سرع مؤشرات التوطين داخل القطاع بمعدل 8% خلال عام 2023، لتمثِّل الكوادر المواطنة نحو 31% من وظائفه القيادية. ومع انفتاح المصرف المستدام على الأفكار الابتكارية ودعوته لمشاركة الرؤى والمرئيات والمقترحات التطويرية من جانب الخبراء والممارسين، تزداد فرص نجاح هذه المبادرة في القضاء التام على كل مظاهر البيروقراطية داخل القطاع المالي في دولة الإمارات، ليرسخ ذلك بشكل أكبر عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة في القطاعات كافة. وبالتأمل في طبيعة الصورة المستقبلية للقطاع المالي الخالي من البيروقراطية في دولة الإمارات، فإن مؤشرات الازدهار المتوقعة ستظهر في ثلاثة جوانب أساسية: أولها: دعم عملية التطور السريع في الكفاءة والفعالية والإنتاجية المالية، وثانيها، تعزيز الاستقرار النقدي والمالي الوطني، وثالثها، زيادة مساحة تقديم الخدمات المالية في الاقتصاد الوطني مع النجاح في تصفير البيروقراطية المالية، ليس فقط كنتيجة لتحقيق الانتشار الفعال لفروع البنوك مع وصولها حالياً لعدد 556 فرعاً تنتشر جغرافياً في ربوع الاقتصاد، ولكن أيضاً في ظل طفرة متوقعة في الشمول المالي ليتفوق الاقتصاد الوطني مجدداً في مؤشرات المتعاملين مع المؤسسات المالية الوطنية. وفي جميع الأحوال، إذا كان تعزيز التمويل المستدام يمثل ركيزة جوهرية من ركائز مستقبل القطاع المالي الوطني المزدهر، فإن القضاء المبرم على البيروقراطية هو مفتاح المستقبل لهذه الاستدامة، وهو الرافعة القوية لتحقيق مستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031» بأن يصبح اقتصاد دولة الإمارات، بمكوناته وأجزائه المختلفة، الأكثر ريادةً وتفوقاً في العالم. * صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

مشاركة :