يُشير علم المناعة الإنجابية إلى تخصص طبي دقيق جديد ناشئ يُركز على كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع الأعضاء المختلفة في الجهاز التناسلي لدى المرأة خلال فترة تلقيح البويضة بالحيوان المنوي، وأيضًا طوال مدّة الحمل، وهو علم جديد ومعقد يهدف إلى تحديد ما إذا كان الجهاز المناعي لدى الأم قد تم استعداده لقبول ومنع رفض جسم غريب جزئيًّا، وهو عبارة عن جنين مخصب. إن استشاري المناعة الإنجابية هو طبيب متخصص في فهم دور الجهاز المناعي في الخصوبة والحمل، وهو حاصل في المقام الأول على شهادة معتمدة في تخصص الطب الباطني، ثم شهادة معتمدة في الحساسية والمناعة السريرية، يليها تدريب إضافي وشهادة معتمدة في علم المناعة الإنجابية، وفيما يلي بعض الأساليب التي يمكن لأطباء المناعة الإنجابية استخدامها لمساعدة النساء المصابات بالعقم غير المبرر أو غير المعروف السبب: • التعاون والعمل الجماعي مع متخصصين آخرين: غالبًا ما يعمل استشاري المناعة الإنجابية بشكل وثيق مع متخصصين آخرين في مجال الخصوبة والعقم، بما في ذلك أطباء النساء والتوليد والعقم، وأطباء الغدد الصماء التناسلية، لتوفير رعاية شاملة للنساء المصابات بالعقم غير المبرر، ويضمن هذا النهج تعدد التخصصات المهتمة بمعالجة جميع جوانب الخصوبة والحمل. • فحص وتشخيص العوامل المناعية: يمكن للطبيب الاستشاري في المناعة الإنجابية تشخيص العوامل المرتبطة بجهاز المناعة التي قد تُسبب العقم غير المبرر لدى النساء، ويمكنهم إجراء مجموعة من الاختبارات المعملية المناعية المتخصصة لاستكشاف أي حالات في اضطرابات جهاز المناعة وخصوصًا المناعة الذاتية المخفية، والتي تكون بدون أعراض وقد تتداخل مع الخصوبة، ومن أشهرها متلازمة مضادات دهون الفوسفات، واضطرابات الغدة الدرقية المناعية الذاتية، والأمراض المرتبطة بالأجسام المضادة للنواة، والأمراض الهضمية، وغيرها. • وضع خطة العلاج: بمجرد تحديد العوامل المناعية، يمكن لاستشاري المناعة الإنجابية وضع خطة علاجية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المرأة الفردية، وقد يشمل ذلك مجموعة علاجات لتثبيط المناعة أو تعديل الاستجابة المناعية مثل: حمض الساليسيليك (الأسبرين)، الكورتيزون، أدوية مثبطات المناعة، العلاج الدهني الوريدي، والجلوبولين المناعي الوريدي. • الإشراف على حالات فقدان الحمل المتكرر: يمكن لاستشاري المناعة الإنجابية أن يطلب إجراء فحوصات مخبرية متعددة لاستكشاف ما إذا كانت العوامل المناعية تُساهم في الحالات المرضية التالية: فقدان الحمل المتكرر، الإجهاض المتكرر، ولادة جنين ميت، والولادات المبكرة المتكررة، ويمكن لاستشاري المناعة الإنجابية التوصية بالتدخلات العلاجية المناعية لتحسين فرص نتائج الحمل الناجحة. • استشارات ما قبل الحمل: يمكن لاستشاري المناعة الإنجابية تقديم استشارات ما قبل الحمل للنساء اللاتي يُعانين من اضطرابات مناعية معروفة أو لديهن تاريخ من مشكلات الخصوبة وتأخر الإنجاب المتكرر وغير المبرر، ويمكن لاستشاري المناعة الإنجابية تقديم المشورة بشأن تجويد نظام جهاز المناعة الصحي؛ وذلك قبل بضعة أشهر من الحمل لتقليل مخاطر العوائق المرتبطة بالمناعة خلال فترة الحمل بأكملها. وعلى مدار سنوات ممارستي الطبية في تخصص أمراض الباطنة والحساسية والمناعة السريرية، قمت بالكشف على عدد كبير من النساء اللاتي يُعانين من عقم غير مبرر. وقد تمَّ إحالتهن لي من قبل مجموعة من الاستشاريين في النساء والتوليد والعقم من الذين لديهم قناعة بأهمية دور جهاز المناعة في الحمل والإنجاب؛ وذلك لاستكشاف أي أسباب اضطرابات مناعية محتملة واستخدام علاجات تعديل المناعة التي أدت وبحمد الله إلى نتائج حمل ناجحة وإنجاب أطفال سليمين. وبفضل الله ثم بدعم ولاة الأمر والرؤية الطموحة شهدت المملكة العربية السعودية مؤخرًا وصول طلائع من الأطباء السعوديين المتخصصين في المناعة الإنجابية، والذين عادوا للوطن بعد الانتهاء من دراستهم وتدريبهم، والحصول على شهادة معتمدة عالميه في تخصص المناعة الإنجابية من خارج المملكة. ختامًا، إن الاستشاريين في المناعة الإنجابية يقومون بدور مهم في تشخيص وعلاج وإدارة العوامل المرتبطة بجهاز المناعة التي قد تساهم في حل مشاكل العقم وتأخر الإنجاب. وذلك بإذن الله سيُساعد النساء على تحقيق حمل ناجح وأطفال أصحاء وإطفاء السعادة لكل المتزوجين والمحرومين من الإنجاب. – استشاري الباطنة والحساسية والمناعة السريرية قسم الطب الباطني – كلية الطب – جامعة الملك عبد العزيز
مشاركة :