تعاني المستشفيات ومرافق القطاع الصحي في قطاع غزة نقصاً حاداً في الوقود اللازم لتشغيل المولدات ومحطات الأكسجين وثلاجات حفظ الأدوية، ما يهدد بتوقفها عن العمل خلال الأيام المقبلة. وحذر خبراء ومسؤولون أمميون من نقص الوقود، وعدم توافره في المرافق الصحية المتبقية، مؤكدين أن ذلك يهدد حياة مئات الآلاف من المرضى، وعمل المستشفيات التي تكابد من أجل الاستمرار في العمل بعد توقف معظمها خلال الفترة الماضية. وبحسب مصادر فلسطينية، تتبع المستشفيات والمرافق الصحية إجراءات تقشفية وقاسية في استخدام الوقود لضمان استمرار تشغيل مولدات المستشفيات ومحطات الأكسجين وثلاجات حفظ الأدوية، مؤكدةً إيقاف العمل في العديد من الأقسام داخل ما تبقى من المستشفيات العاملة. وأكد المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، رائد النمس، أن نقص الوقود له تداعيات خطيرة على المدنيين في غزة بصورة عامة، خاصة المستشفيات والمرضى، موضحاً أن كميات الوقود التي تدخل القطاع لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية للمستشفيات التي خرج معظمها عن العمل بالفعل. وأوضح النمس، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن شح الوقود يعوق الجهود الإنسانية والإغاثية في قطاع غزة، حيث إن الكميات التي تدخل القطاع لا تمثل سوى 14% من الوقود الذي كان يدخل شهرياً قبل أكتوبر الماضي. وخرجت 30 مستشفى عن الخدمة من أصل 36 مستشفى في غزة، بحسب النمس، الذي طالب بضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي لفتح المعابر المطلة على قطاع غزة، كونها شريان الحياة والسماح بنفاذ الوقود والأكسجين وأدوات التخدير والتعقيم والجراحة من أجل تمكين الطواقم الطبية وإسنادهم وإزالة خطر الموت عن حياة مئات الآلاف من المرضى والمصابين. وحذر متحدث الهلال الأحمر الفلسطيني من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة جراء إغلاق المعابر، مضيفاً أن استمرار الإغلاق، وخاصة معبر رفح الحيوي كونه الشريان الرئيس الذي يغذي القطاع برمته، وصعوبة دخول الوقود بشكل كامل ينذران بكارثة إنسانية وصحية وشيكة. وتُخصص في الوقت الحالي كميات محدودة من الوقود للمستشفيات التي ما زالت قيد العمل، مثل مركز ناصر الطبي ومستشفى الأمل والمستشفى الميداني الكويتي، بالإضافة إلى 21 سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني. وحذرت منظمة الصحة العالمية من نقص الوقود، مؤكدة أنه يشكل خطراً كارثياً على النظام الصحي، وأن القيود المفروضة على معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد المفتوح حالياً، وانعدام الأمن وصعوبة التنقل، أدت إلى تآكل قدرة المنظمة على الحفاظ على إمدادات الوقود للعمليات الصحية والإنسانية. ويعرض نقص الوقود حياة المئات للخطر، بمن فيهم المرضى والجرحى، بحسب الدكتور محمد صقر، مدير التمريض مجمع ناصر الطبي، مؤكداً أن الخدمات الطبية في العديد من الأقسام توقفت بسبب نقص الوقود الذي يغذي المولد الكهربائي الوحيد بالمستشفى، وأن حياة ما يصل إلى 15 رضيعاً في وحدة رعاية الأطفال حديثي الولادة تعتمد على إمدادات الكهرباء المستمرة. وفي السياق، أوضح هشام مهنا، متحدث الصليب الأحمر في غزة، في تصريح لـ«الاتحاد» أن الوقود عامل رئيسي لتقديم الرعاية الطبية لآلاف المرضى، وأن النقص الذي يحدث نتيجة إغلاق المعابر ومعوقات إدخال الوقود يؤدي إلى مخاطر حقيقية تطال المرضى والجرحى، وكذلك الأطفال والرضع. وطالب مهنا بضرورة نفاذ الوقود بكميات تغطي احتياجات المستشفيات التي ما تزال قيد العمل، وتشهد ضغطاً كبيراً نتيجة زيادة أعداد المرضى والمصابين، مشدداً على ضرورة تغيير الوضع الحالي بشكل كلي وبصورة فورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح بشرية عبر نفاذ الوقود والمساعدات الإنسانية بوتيرة أكبر. واعتبرت مديرة إعلام «الأونروا» في غزة، إيناس حمدان، أن إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم أدى لقطع الإمدادات الإغاثية والتي تدخل للوكالة، وغيرها من المنظمات الدولية، موضحة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذه المساعدات تشمل الوقود والغذاء والماء والمواد غير الغذائية، مثل الخيام والأغطية والبطانيات. وأضافت أن «استمرار إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم يعوق الاستجابة الإنسانية».
مشاركة :