يصنف بأنه أحد أهم الرسامين عبر التاريخ، أسس المدرسة الفنية الانطباعية، وتفوق على الاكتئاب والفقر ، وتخطى عائق إصابته بمرض إعتام عدسة العين، فنحت اسمه في تاريخ الفن التشكيلي، إنه الرسام الفرنسي كلو مونيه الذي اشتُق اسم المدرسة الانطباعية من لوحته “انطباع شروق الشمس”. تزخر مسيرة مونيه الفنية بآلاف اللوحات ومن أبرزها “نساء في حديقة” سنة 1867، و”الزهور والفواكه” سنة 1869، و”زنابق الماء الأبيض” سنة 1899، كما بيعت بعض لوحاته بأسعار خيالية، وصنّفت ضمن قائمة أغلى اللوحات الفنية بالعالم مثل لوحة Le Bassin Aux Nymphéas والتي رسمت ما بين عامي 1913 و1917 وقدّر سعرها عام 2018 بنحو 84.7 مليون دولار، ولوحة “كومة الحبوب” والتي تجاوز سعرها بالمزاد العالمي 81 مليون دولار. واشتهر مونيه في فرنسا وأوروبا كأحد رواد الحركة الانطباعية التي كانت أول حركة فنية رائدة في القرن التاسع عشر والتي ركّزت على المواضيع المستوحاة من الأساطير القديمة والتراث الإغريقي الروماني. وعلى الرغم من كل هذا النجاح، عانى كلود مونيه خلال حياته من عدة مشاكل لعل من أبرزها تراجع قدراته البصرية، حيث فقد بشكل تدريجي القدرة على ملاحظة توهج وبريق الألوان، وخلال العام 1912، عانى كلود مونيه من ألم بعينيه وأصبح يتحسّس الإنارة المبهرة والقوية وبعدها بعام زار مونيه طبيب العيون الألماني ريتشارد ليبريتش الذي نصحه بإجراء جراحة في عينه اليمنى، ولكنه رفض الأمر قطعيا، على الرغم من توسلات الوزير الفرنسي كليمونصو، فقد كانت رغبته المحافظة على بصره الضعيف لمشاهدة المناظر التي يحبها بدل فقدانه بشكل تام، وفي محاولة يائسة منه للتعرف على الألوان أثناء الرسم، اعتمد مونيه ترتيبا دقيقا للألوان على اللوح ، وعمد لكتابة أوصاف على أنابيب الألوان للتعرف عليها، وعلى الرغم من كل ذلك، لم يكن راضيا عن رسوماته التي اتخذت طابعا داكنا مقارنة بالسابق. وبعودة لمدرسته الفنية فقد أسّست الانطباعية لجمالية جديدة تجسّدت في أمور كثيرة منها التركيز على تدرّجات الألوان والضوء، وقد ألغت الحدود التي تفصل بين اللون والرسم، كذلك خرج الفنانون الانطباعيون إلى الطبيعة والهواء الطلق بدلاً من العمل في المحترفات الفنية ورسموا مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية ومن تحوّلات الطبيعة، واستوحى النقاد الفنّيون اسم الحركة الانطباعية من لوحة أنجزها مونيه عام 1872 وكان عنوانها “انطباع شمس مشرقة”. غير أن أهمية مونيه لم تكن محصورة فقط في كونه رائداً من رواد الحركة الانطباعية إلى جانب مبدعين آخرين ومنهم رونوار، وإنّما أيضاً في قدرته الكبيرة على التجدّد الفنّي مشفوعاً بعمله الدائم الذي لم يتوقّف على الرغم من تقدمه في السن، وكذلك بانفتاحه على الحضارات والفنون غير الأوروبية ومنها الشرق- أوسطية واليابانية، وبطرحه أسئلة أساسيّة حول معاني الفن وحول الإضافة التي يمكن أن يقدمها كمبدع عاش حتى الربع الأول من القرن العشرين وعرف التحوّلات الاجتماعية والثقافية الكبرى التي ساهمت في نشوء حركات الحداثة الفنية والفكرية. تجدر الإشارة إلى أن موسم جدة يستضيف معرض “تخيل مونيه” التفاعلي الذي يعد الأضخم ويحوي 200 لوحة ويقدم تجربة فنية فريدة تجمع بين أصالة الفن وتطور التقنية الحديثة، وسط أجواء تحاكي لوحات مونيه، وذلك من خلال (تخيل مونيه) الذي يبدأ بلوحة “انطباع، شروق الشمس” (1872) الشهيرة، ويختتم بسلسلة”زنابق الماء” (1914- 1926). ، وتمثل أقسام الذي يمثل رحلة عبر الزمن لاستكشاف عبقرية الفنان وفهمه العميق للضوء واللون؛ كونه يُقدم تجربة أصيلة محبي الفن الأصيل، حيث صمم مبدعو المعرض (غرفة اكتشاف) بمثابة رحلة تعليمية تبدأ باللوحات المعروضة قبل الدخول إلى الفضاء الغامر، وإتاحة الرؤية بزاوية 360 درجة للوحات الفنية، إلى جانب تجربة سمعية بصرية مبتكرة باستخدام تقنية Image Totale .
مشاركة :