بات من الملاحظ الاتجاه نحو طرح المزيد من المشاريع العقارية السكنية من الفئات الفاخرة لدى دول المنطقة والعالم، في الوقت الذي نشهد فيه ارتفاع قيم وأحجام الصفقات العقارية التي ينفذها مستثمرون من دول المنطقة في بعض الأسواق الخارجية، والتي غالباً ما تتركز على شراء العقارات الفاخرة. وبغض النظر عن الأهداف الكامنة وراء قرارات الشراء هذه، إلا أن ذلك يمكن تفسير تأثيره من زاويتين، الأولى أن هذا الاتجاه سيدفع بالمطورين العقاريين إلى الاتجاه نحو المشاريع العقارية الفاخرة وإهمال المشاريع والمنتجات العقارية الأخرى، ويعني أيضاً أن الاستثمار الأجنبي هو استثمار يقتصر على فئة الأثرياء في المجتمع، الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأن السوق العقاري يتجه نحو المشاريع والمنتجات العقارية الفاخرة مع إهمال المنتجات الأخرى، وبخاصة لدى مشاريع القطاع الخاص، وبعيداً عن المبادرات والخطط التي تقوم بها حكومات الدول في سبيل إيجاد حلول طويلة الأجل لتحديات السكن. حيث تتركز المشاريع الحكومية على المنتجات العقارية من فئة المتوسط والعادية التي تتناسب والفئات المستهدفة من المنظور الحكومي. حسبما جاء في التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا. ويرى التقرير أن هذا الاتجاه يحمل في طياته الكثير من المخاطر، ليس فقط لكونها تتركز على المنتجات العقارية الفاخرة، وإنما تعارضها مع مؤشرات الطلب والدورات المالية والاقتصادية، التي يمكن لها ألا تخدم مؤشرات الطلب الفعلية في ظروف التراجع، والعكس صحيح. ولاحظ تقرير المزايا استحواذ المشاريع العقارية من فئة الفاخرة على كل الأطروحات من المشاريع في المعارض والفعاليات العقارية الجاري تنظيمها على مستوى المنطقة، وتلك التي تقوم بتنظيمها العديد من شركات التطوير العقاري خارج دول المنطقة، ويندرج الأمر كذلك على طبيعة المشاريع المعروضة من قبل الشركات الأجنبية خلال المعارض والفعاليات التي تستضيفها دول المنطقة، وكان لافتاً خلال فعاليات معرض سيتي سكيب أبوظبي 2016، الذي اختتم فعالياته قبل عدة أيام، إطلاق عشرات المشاريع الجديدة تصل تكاليفها الإجمالية إلى مئات المليارات وتركزت على مشاريع الإسكان الفاخر في الجزر المحيطة بإمارة أبوظبي والتي تستهدف المستثمرين من المواطنين والمقيمين والأجانب، كما برزت خلال المعرض مشاريع التملك الحر في الإمارة والتي أيضاً تتركز على المشاريع الفاخرة وتستهدف الاستثمارات الأجنبية بشكل خاص. إلى ذلك فقد نالت مشاريع الفلل والأبراج الفاخرة في مناطق جزر السعديات والريم والمارينا إعجاب زوار المعرض، وحققت المبيعات وفق ما تم تداوله نسباً تراوحت بين 40% و90% خلال أيام المعرض، فيما كان الخاسر الأكبر ضمن فعاليات المعرض المشاريع والمنتجات العقارية من فئة الإسكان المتوسط التي غابت تماماً عن المشهد. سوق أبوظبي أشار تقرير المزايا إلى أن السوق العقاري في إمارة أبوظبي سجل ارتفاعاً على المعروض من المنتجات العقارية الفاخرة التي جاءت كنتيجة مباشرة لتسليم المشاريع العقارية الجاهزة، إضافة إلى وجود اتجاهات وقرارات من قبل الشركات العاملة في الإمارة بتخفيض بدل السكن، الذي كان يتناسب وأسعار الوحدات السكنية من الفئة الفاخرة ومع التطورات الجديدة بات من الواضح أن يرتفع المعروض من الوحدات الفاخرة، ويرتفع الطلب على الوحدات السكنية ذات الأسعار المناسبة التي يقل المعروض منها خلال الفترة الحالية، الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأن السوق العقاري في الإمارة بحاجة إلى طرح المزيد من المنتجات العقارية ذات الأسعار المناسبة، ومن فئة الفاخرة التي تنسجم وكل فئات المجتمع في الإمارة، والتي تميل نحو الخيارات السكنية الميسرة تضاف إليها التوقعات المستقبلية بارتفاع أو انخفاض الطلب على مشاريع التملك الحر. سيتي سكيب في السياق، يقول تقرير المزايا إن فعاليات سيتي سكيب مصر أظهرت الحاجة إلى التنوع أيضاً والحاجة إلى إنشاء مئات الآلاف من الوحدات السكنية، حيث تتجه الأنظار نحو شركات القطاع الخاص للقيام بدور متقدم لإنجاز هذه المشاريع الطموحة، ذلك أن الموازنة العامة للدولة لن تكون قادرة على إنجاز هذه المشاريع منفردة، وبالتالي لابد من مشاركة القطاع الخاص الذي يتطلع إلى الاستحواذ على مزيد من المشاريع الحكومية، سواء كانت مشاريع التطوير العقاري السكني، أو العقارات الإدارية، وكذلك الخدمية التي من خلالها يمكن جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة على المستويين المحلي والأجنبي، مع التأكيد هنا على أن الطلب على المشاريع السكنية في ازدياد ويتوقع أن تستمر بنفس الوتيرة في المستقبل. ويقول تقرير المزايا إن الفجوة بين العرض والطلب في السوق المصرية تتزايد يوما بعد يوم نتيجة ازدياد عدد السكان، وان الفجوة تصل إلى ما يزيد على 600 ألف وحدة سكنية سنوياً، الأمر الذي يعكس معه حجم التحديات والفرص الاستثمارية أمام شركات التطوير الخاص. وعلى الرغم من الزخم والتركيز الاستثماري المحلي والعربي إلا أن العديد من المشاريع العقارية التي تقوم الشركات الأجنبية بإنشائها تخدم فئة معينة ولا تستطيع سوى طبقة بعينها الاستفادة منها نظراً لارتفاع أسعارها. عقارات لندن تطرق تقرير المزايا إلى طبيعة وهيكل الاستثمارات الخارجية التي يقوم بها المستثمرون الخليجيون والعرب في الخارج، وبشكل خاص تلك الاستثمارات التي تتجه نحو السوق العقاري اللندني والتي تصل إلى 4 مليارات جنيه استرليني سنوياً، حيث يلاحظ تركزها على عقارات لندن الرئيسية الفاخرة. وتواصل أسعار العقارات الفاخرة في لندن ارتفاعها من دون أن تتأثر بالقرارات الخاصة بفرض ضريبة على الأرباح، ذلك أن سوق العقارات الفاخرة في لندن قوي وزبائنه الأثرياء يأتون من كل أنحاء العالم، يضاف إلى ذلك أن المستثمرين في هذه العقارات يستثمرون للأجل الطويل لحفظ ثرواتهم، مع الإشارة هنا إلى أن أية أزمة عالمية تكون مفيدة للعقارات البريطانية الفاخرة، لكونها ملاذاً استثمارياً آمناً. ويؤكد تقرير المزايا ضرورة تنويع المشاريع العقارية وبما ينسجم وشرائح الطلب في الوقت الحالي وفي المستقبل، سواء كانت محلية أو أجنبية، من دون التركيز على منتج واحد نظراً لعمق التأثيرات السلبية لهذه الاتجاهات على واقع ومستقبل السوق العقاري الأساسي والاستثماري. عوائد التأجير يعتبر السوق العقاري القطري في مقدمة الأسواق التي شهدت، وستشهد دخول المزيد من المشاريع العقارية من فئة الفاخرة خلال الفترة القادمة، وان المؤشرات الحالية ما زالت تشير إلى ارتفاع عوائد التأجير والتي - بحسب البيانات المتداولة - وصلت إلى 15% خلال العام الماضي، نتيجة استمرار الطلب على قطاع العقارات الفاخرة من قبل الأفراد، يشار إلى أن معطيات السوق القطري ترجح استمرار الطلب على الوحدات العقارية من كل الفئات ومن ضمنها الفاخرة مع التأكيد مجدداً على خطورة وجود خلل نوعي في الاستثمار العقاري في الدولة، حيث يستمر التركيز على المشاريع والمباني والمنتجعات الفخمة والقصور والفلل الفخمة على حساب المنتجات العقارية المتوسطة التي تتناسب وشريحة كبيرة من الطلب لدى السوق، وأكد تقرير المزايا ضرورة تفادي حدوث نقص في المعروض من المنتجات المتوسطة الذي يؤدي غالباً إلى تسجيل ارتفاعات كبيرة في أسعار الإيجارات، ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي، وبالتالي صعوبة القيام بإنشاء مشاريع المساكن المتوسطة لعدم ربحيتها وجدواها وتفضيل الاستثمار في المشاريع الفاخرة وفي مقدمتها المشاريع السياحية والمنتجعات.
مشاركة :