عبير البكر.. مواسم الحب رقصة الموت الأخيرة

  • 7/12/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في هذه الزاوية سنطوف حول قامات سعودية لم نجد لهم كتباً في المكتبات، ولم توثق تجربتهم. بقي إنتاجهم طي الصحف والمجلات رغم أنهم ساهموا في بدايات الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية من شعر ونثر ورواية نستذكرهم هنا في كلمات بسيطة لا توفيهم حقهم، نلقي الضوء عليهم، ومن هنا نضع أسماء من تجود الذاكرة باستدعائه علّ يكون هناك من يلم شتات أعمالهم ويجمعها تثميناً لما قاموا به من جهد على امتداد عقود عبير بنت عبدالرحمن البكر رغم غيابها الأبدي منذ ستة عشر عاماً مازالت عبير البكر (1972 -2008) حاضره في وجدان محبيها وعشاق قلمها بما كانت تقدم وتكتب وتؤلف رغم عمرها القصير، رحلت وهي تنشد السفر الطويل في مدن الكلمة وعواصم الضياء قالت عن نفسها ذات يوم "أنها تنشد الانتشار في طرقات الروح أعشاب خضر تنمو وأوراد تعبق وشعوب لهفى للعطاء وفي أنحاء القلب تورق الشجر ظليلة وتعلو مدن من سكر وماء يهمي من غيم الحياة". الراحلة حصلت على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة الملك سعود 1994م عملت معلمة في إحدى مدارس العاصمة، مارست الكتابة الإبداعية وهي على مقاعد الدراسة الجامعية كتبت في صحف الرياض والجزيرة والمسائية وأصدرت عام 1997م كتابها الأول "مواسم الحب" مزيج من القصص القصيرة وفي عام 2003 أصدرت مؤلفها الثاني مجموعة قصص قصيرة "من يقص شعر ليلى". الأديب والناقد الدكتور إبراهيم التركي قال عنها "إن قلمها وردي ومدادها أبيض وأوراقها خضر، عبير لاتزال في أولى خطواتها وقادمها بالإنفكاك من إسار المفردة المجنحة إلى آفاق المفردة السائرة بثقة على أرض الحقيقة مزودة برصيد ثقافي قادر على تقديم كاتبة مختلفة لا تتمحور حول نفسها حين تحترق آماد المسافات الواهمة إلى خطوط البحث الحقيقي في مدار الآتي الأجمل بعد أن ينهزم "أنصاف الرجال" "وانصاف النساء" و"أنصاف الابتسامات" و"انصاف الحلول". تميل الراحلة في كتاباتها للحديث عن الروح الإنسانية والوجع والبوح الذاتي، حيث تكتب بمشاعرها لتصل إلى قلب قرائها، صارعت مرض السرطان أصرت على ان تهزمه سافرت للعلاج بالولايات الأمريكية لكنها في نهاية المعركة هزمها وهزم ماتبقى لها من أمل في الحياة ومشروع كاتبه فاضت روحها عن عمر 36 عاما رثت نفسها في مجموعتها "من يقص شعر ليلى". قد يأتي الخبر ليلا أو ربما على حدود الفجر أو ربما في أثناء نهار منكسر يقولون ماتت؟ وينتشر الخبر ويكون الضوء أحمر.. وسيطرق أبي حزينا باكيا مفجوعا بصمته.. ولن يذبل حزنه مع الوقت أو مع إطلالة فرح وسيرثيني بقصيدة تشرح عاطفته وسيذكر حضوري كلما مرت ذكراي، وسيقف أحبابي عند باب الدار معزين يمدون أيدي الضراعة لله، وستخلو الشوارع التي عرفتني من خطواتي.. وسترثيني أقلامي ومحبرتي وسيهجم عليها الموت بشراسة ويجف حضوري من المطابع.. لن يتذكروني.. وإن حدث!! سيقولون فجع الوسط الأدبي بوفاة. وانتهى الخبر وانتهى حزني على نفسي؟ وستفتح أبواب دارنا لسيل المعزين في وفاتي سيفدون وأجفانهم متقرحة من البكاء علّي. وبعضهم سيأتي يشارك في الخطب الجلل يفرق ابتسامات تحتية من بين يدي الحزن.. وربما حين تلتقي الجموع سيقول بعضهم بعد لقيا لغيبة طويلة لم تحن ّ إلا بعد وفاتي.. فرصة سعيدة.. فرصة أليمة.. لتلك الروح.. وسينتحبن إخوتي وستبكي جواهر ذاك القلب الأحن على فقدي وسيظل جرح فراقي لا يندمل وستجمع ثيابي.. حلييّ أوراقي وستبكي كل الوجوه من نحيبها الصامت.. وسيذبل بعدي ذاك الصغير محمد وسيظن أن ابواب السعادة أقفلت في وجه الأخوة بعد رحيلي.. وبقية باقية من أخواتي سيبكين حتى يستحيل الدمع إلى كرة من نار تلتهب.. وستقف صديقة عمري يتيمة بعدي وستكتب عن السنبلة الصغيرة عن النخلة الباسقة عن ثمرة الصدق والعطاء، هذه كنت أنا في غرفتي بين أوراقي وملفاتي ودفاتري.. هذه أنا أموت بصمت ألقى ربي.. بتقصير وإساءتي.. هذه أنا أترك الدنيا التي بها ركضت تعلمت عرفت وما جنيت إلا اسما يمر بأنفاس طيبة وملامح بدأت تزول، وإرث أدبي قد يموت بموتي فكيف أشيع جثماني بصمت وكلام أفكاري يقتل كل الصمت!!

مشاركة :