يتمسك وانغ يون بوه، البالغ من العمر 65 عاما والمقيم في بكين، بأسلوب حياته "الذكي" بكل إخلاص. وقال بارتياح: "عندما أقوم بتشغيل التلفزيون في المنزل، تظهر قائمة مخصصة بقنواتي المفضلة على الشاشة. ويعرض الشريط الذكي الموجود على معصمي مستويات ضغط الدم اليومية ومعدلات ضربات القلب، ويذكرني بتناول الدواء. عندما أستقل الحافلة، يمكن لهاتفي المحمول تحديد موقعي تلقائيا، وينبثق رمز الدفع". وبالنسبة لوانغ وما يقرب من 300 مليون مواطن صيني تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر، وكثير منهم يفتقرون إلى الرفقة الدائمة ويكافحون من أجل استخدام الأجهزة الإلكترونية، يتم بشكل متزايد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتبسيط وإثراء حياتهم في العصر الرقمي. وتشير الأرقام الرسمية إلى أنه بحلول نهاية عام 2023، كانت هناك أكثر من 490 ألف شركة صينية، مملوكة للدولة وخاصة، تعمل في مجال رعاية المسنين، مع التركيز بشكل أساسي على قطاعات الصحة الذكية، والسياحة الصحية، والتمويل، ومكافحة الشيخوخة. وأشار وانغ هاو تيان، الباحث في أكاديمية أبحاث الاقتصاد الكلي التابعة للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، إلى أن التكنولوجيات الجديدة ونماذج الأعمال ظهرت في السنوات الأخيرة لتلبية متطلبات الاستهلاك الأكثر تخصيصا وتنويعا وتركيزا على الجودة لكبار السن. ووفقا للجنة الصحة الوطنية، من المتوقع أن يكون لدى الصين أكثر من 400 مليون شخص تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر بحلول عام 2033، مع اقتراب العدد من 500 مليون بحلول عام 2050 تقريبا، وهو ما يمثل ما يقرب من 35 في المائة من إجمالي السكان. ويعيش حوالي 90 في المائة من هؤلاء السكان في المنزل، ويعتمد سبعة في المائة على الدعم المجتمعي، ويعتمد الباقون على المؤسسات التجارية للحصول على الرعاية اليومية. وبالتالي، فإن تلبية مطالب أولئك الذين يعيشون في المنزل هي أولوية. وقال فنغ ون منغ، الباحث في مركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة، إن التقنيات الذكية والرقمية الجديدة خلقت منتجات أكثر تخصصا وأمانا وراحة لكبار السن. وتشمل هذه المنتجات الأجهزة التي تراقب الظروف الصحية، والأحذية المزودة بأنظمة تحديد المواقع، والملابس المزودة بأجهزة استشعار مدمجة ووسائد هوائية قابلة للنفخ عند اكتشاف السقوط، مما يخفف من تأثير السقوط ويقلل من مخاطر الإصابة. حتى أن إحدى سكان شانغهاي ولقبها ليو، وهي في السبعينات من العمر، باتت تربطها علاقة قوية مع روبوتها "ناني"، حيث تتحدث إلى الروبوت كل يوم وتعتمد على مساعدته في الأعمال المنزلية والمشورة الصحية. وقالت: "لا أستطيع العيش بدونه الآن". ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن الشركات الصينية تطبق حاليا تقنيات الذكاء الاصطناعي في المقام الأول على خدمات رعاية المسنين الأساسية، ولا تلبي بعد الاحتياجات المتنوعة بشكل فعال مثل الخدمات الطبية عن بعد، مما يترك مجالا كبيرا لمزيد من التطوير. وفي العام الماضي، أصدرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب 16 إدارة حكومية أخرى، خطة عمل لزيادة دمج الروبوتات في سيناريوهات رعاية المسنين المختلفة لتعزيز مستوى ذكاء هذه الخدمات. ويتوقع الخبراء دمجا أعمق لتقنيات الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، لا سيما في المنتجات المنزلية الذكية والأجهزة القابلة للارتداء والروبوتات، من خلال استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات المتقدمة لتحقيق دقة وتفاعل أعلى بين البشر والروبوتات. ودخل بنك شانغهاي، أكبر وكالة لدفع المعاشات التقاعدية في المدينة، في شراكة مع SenseTime، وهي شركة رائدة لبرمجيات الذكاء الاصطناعي، لتطوير موظفي ذكاء اصطناعي على شكل بشر يقدمون خدمات صوتية على تطبيق البنك الخاص بالهواتف المحمولة. وجاءت هذه المبادرة في أعقاب ردود الفعل التي أفادت بأن العديد من مستخدمي الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول لا يزال يتعين عليهم زيارة الفروع بسبب الصعوبات الفنية. ومع هذه الخدمة، اكتشف مستخدم يبلغ من العمر 82 عاما ويدعى شيوي، رصيد حساب معاشه التقاعدي على هاتفه باتباع التوجيهات الصوتية لموظفي الذكاء الاصطناعي. وقد اختار الاتحاد الدولي للاتصالات مؤخرا هذه الحالة من بين الدفعة الأولى المكونة من 40 حالة من قضايا "ذكاء اصطناعي من أجل الخير" على مستوى العالم. وتخطط SenseTime لزيادة الاستفادة من موظفي الذكاء الاصطناعي من خلال تعزيز استجاباتهم العاطفية وتعديل صورهم لتكون أكثر توافقا مع طرازات الهواتف المختلفة. بيد أنه مع نمو صناعة رعاية المسنين بسرعة على نحو يتضمن حضورا متزايدا للذكاء الاصطناعي، نشأت مخاوف. ويجد بعض كبار السن أن منتجات الذكاء الاصطناعي باهظة الثمن وأحيانا لا يمكن الاعتماد عليها، بينما تشعر أسرهم بالقلق من انتهاك الخصوصية ومخاطر الاحتيال التي تستهدف الفئات الضعيفة. واقترح هو تسو تشيوان، الباحث في المركز الوطني للمعلومات، أن الصين يمكن أن تتعلم من تجارب دول مثل هولندا واليابان والمملكة المتحدة في تطوير "اقتصاد الشعر الفضي" بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وأعربت جوستين كولسون، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الصين، عن أملها في أن يكون استكشاف الصين لـ"اقتصاد الشعر الفضي" في العقد المقبل بمثابة نماذج قيمة للاقتصادات الناشئة الأخرى.
مشاركة :