الحرب الأهلية السورية تُفضي إلى تغييرات محلية وإقليمية ودولية

  • 4/25/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فقد أكثر من 350 ألف سوري حياتهم خلال فترة الأربع سنوات ونصف السنة من الصراع المسلح في سورية، الذي بدأ باحتجاجات مناهضة للحكومة قبل أن تتحول إلى حرب أهلية واسعة النطاق. واضطر أكثر من 11 مليوناً آخرين إلى ترك منازلهم في الوقت الذي اشتبكت فيه القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، والمعارضين لحكمه في معركة حامية الوطيس، ومن بينهم الإرهابيون المسلحون أو ما يسمى بـداعش. وبعد انقضاء هذه الفترة الطويلة من النزاع دون أن يلوح في الأفق بصيص أمل للحل في هذا البلد الذي مزقته الحرب، يرى كثير من المراقبين أن هذه الحرب الأهلية غيرت العالم إلى غير رجعة، وأفضت إلى عدد من التغييرات السياسية وظهور قوى على المسرح الدولي لم تكن موجودة أو فعالة من قبل، وتمخضت عن توازنات وإعادة توازنات إقليمية، وزعزعت استقرار أوروبا جراء تدفق اللاجئين، وأدت إلى ظهور جماعات تعمل بالوكالة عن قوى إقليمية، ودخول قوى دولية لاعباً رئيساً، بعد أن ظلت تجلس في مقاعد المتفرجين، لفترة طويلة، وهي تشاهد الولايات المتحدة تدير اللعبة وحدها في الشرق الأوسط. إرهاب داعش فرضية المناخ في الحرب السورية أغرب فرضية تتعلق بأسباب الحرب الأهلية السورية، هي أن هذه الحرب ناجمة جزئياً عن تغير المناخ، إذ يعتقد الأمير تشارلز أن هناك أدلة منطقية تجعل التغير المناخي واحداً من الأسباب الرئيسة لهذا الرعب في سورية. وزعم لشبكة سكاي نيوز أن الجفاف الذي استمر لسنوات في سورية كان له تأثير كبير في الصراع والإرهاب في المنطقة. ليس الأمير وحده الذي يعتقد في ذلك، فهناك مجموعة من الأصوات تذهب في ادّعائها هذا المذهب، فهناك الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ونائب الرئيس الأميركي السابق، آل غور، والمرشحان الرئاسيان الديمقراطيان، مارتن أومالي، وبيرني ساندرز، الذين تحدثوا عن وجود صلة بين تغير المناخ والصراع في سورية. في عام 2014، أكمل تنظيم داعش سيطرته على مدينة الرقة السورية، واحتل الموصل في العراق، وغنم جراء ذلك أسلحة، وأموالاً طائلة، وأثار صعود داعش قلقاً عميقاً في المنطقة وحول العالم جراء قضائه على الأقليات، وإضفاء طابع مؤسسي على استرقاق النساء، وقتاله جيوش الدول الإقليمية والدولية، والقضاء على الخصوم بطرق إرهابية بشعة، من ضمنها الحرق والإغراق والذبح، ودمر المواقع التراثية، مثل المعابد في مدينة تدمر الأثرية، وساعد على ترويج تجارة الآثار العالمية. ويقول وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، إن هناك رجلاً واحداً على هذا الكوكب، الذي يمكنه إنهاء الحرب الأهلية في سورية فقط عن طريق إجراء مكالمة هاتفية، وهذا هو، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بوتين الذي أمر بانسحاب الجيش الروسي من سورية. واستطاع بوتين أن يؤسس موطئ قدم له في الشرق الأوسط، بعد أن ظل يراقب من بعيد ولسنوات عدة كلما قررت الولايات المتحدة أمراً ما في المنطقة. في سبتمبر الماضي، بعد أن حشد الأسلحة والمستشارين، والمساعدات الاقتصادية لدعم الرئيس السوري، بشار الأسد، أرسل قواته الجوية لقصف المعارضين للحكومة السورية. الانحسار الأخير لأعمال العنف في سورية كان لروسيا يد فيه إلى حد كبير. وعلى الرغم من أن الوضع الذي ترغب روسيا إسباغه على سورية لم يتضح بعد، إلا أن من يقود سورية في المستقبل سيصبح مديناً، إلى حد كبير، لبوتين. الأزمة واستقرار أوروبا عندما رسمت الدول الأوروبية حدودها في وقت متأخر من القرن الماضي وجعلتها مفتوحة، لم تكن تتوقع أن يتدفق خلالها أكثر من مليون مهاجر، معظمهم من اللاجئين السوريين، في عام واحد فقط، كما حدث في عام 2015. وقضى الآلاف من هؤلاء اللاجئين غرقاً وهم يحاولون عبور البحر إلى أوروبا، وعكس تدفق اللاجئين، والذي لايزال مستمراً بلا هوادة، الكرم الأوروبي، كما تسبب في الوقت ذاته في تفشي الكراهية للأجانب، وهز في نهاية المطاف ترتيبات الحدود المفتوحة من أساسها. الهجوم الذي نفذته مجموعات من داعش في باريس، في نوفمبر الماضي، على الرغم من أنه من تدبير مواطنين فرنسيين وبلجيكيين، إلى حد كبير، أثار التحفز الأمني في جميع أنحاء أوروبا، وعزز دعاوى وفرضيات السياسيين الوطنيين المتطرفين. وفي الولايات المتحدة، صدم المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، مواطني بلاده والعالم عندما اقترح فرض حظر على دخول المسلمين إلى بلاده. قلق الجيران وتتضاءل أزمة المهاجرين إلى أوروبا مقارنة بموجة النزوح، التي يتعرض لها جيران سورية، من قبل مجموعات النازحين السوريين الذين شردتهم الحرب الأهلية المستعرة داخل بلادهم. حيث استضافت تركيا ولبنان والأردن وحدها نحو 4.4 ملايين لاجئ سوري. وفي لبنان صار هؤلاء اللاجئون يشكلون أكثر من خمس السكان. وحرك الصراع في سورية أيضاً نشاط الميليشيات والجهات الحكومية في جميع أنحاء المنطقة، وزعزع الاستقرار الهش في الدول المجاورة، مثل لبنان، وأيقظ التوترات العرقية في تركيا، حيث أثار مخاوف اندلاع حرب أهلية مع الأكراد. التدخلات الإيرانية أعاد الصراع في سورية نوعاً جديداً من التوازن بين القوى الإقليمية. وأخذ المد الشيعي يحرك الأحداث في الإقليم مدفوعاً بقوة من إيران ليمتد إلى العراق وسورية ولبنان واليمن، وأدى ذلك إلى ظهور قيادات عسكرية شيعية متنفذة، مثل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، الذي زار روسيا، ويدير المعارك البرية في سورية والعراق. ولدى إيران ميليشيات في كل من سورية والعراق، كما أن إيران صارت ممثلة بقوة في لبنان من قبل حزب الله، الذي ظلت إيران تقدم الدعم من خلاله للأسد وتمده بآلاف المقاتلين. وظلت إسرائيل تراقب بحذر شديد خصومها وهم يتدربون بالمدفعية الحديثة جنباً إلى جنب مع الوحدات الروسية والإيرانية. وتصر الولايات المتحدة منذ شهور على أنه لا يوجد حل عسكري للحرب الأهلية السورية، ويكمن الحل فقط في اتفاق سياسي بين الأسد والمعارضة المنقسمة على نفسها، والتي تحاول الإطاحة به. ولكن يبدو أنه بعد القصف المكثف الذي يمكن أن يعيد مدينة حلب مرة أخرى لحظيرة الأسد، أثبت الروس خطأ الولايات المتحدة باستحالة الحل العسكري، واعترف مسؤول أميركي كبير، الأسبوع الماضي، إن ذلك ليس حلنا، ويمضي قائلاً: بل هو حل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهذا هو المأزق الذي يواجه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وهو على وشك بدء مفاوضات حاسمة لوقف إطلاق النار وإنشاء ممر إنساني لتخفيف آلام الجوعى السوريين المحاصرين في أكثر من 10 مدن، معظمها تحاصرها قوات الأسد. ويبدو أن العمل العسكري الروسي غيّر الصراع الذي امتد لسنوات، وأن الأسد وحلفاءه يندفعون للأمام، ويطاردون الثوار المدعومين من الولايات المتحدة. وإذا تم التفاوض على وقف إطلاق النار، فمن المحتمل أن تأتي لحظة يستطيع فيها الأسد أن يكسب المزيد من الأراضي، وبالتالي سيكون لديه تأثير أكبر في المفاوضات، ويصبح في موقف قوة أكثر مما كان عليه الحال منذ اندلاع الانتفاضات في عام 2011.

مشاركة :