أوروبا تخوض مباراة جيوسياسية عالية المخاطر

  • 7/13/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في لعبة الشطرنج الجيوسياسية عالية المخاطر، تجد أوروبا نفسها عند منعطف حرج، فالولايات المتحدة تهيمن بسياساتها الاقتصادية والصناعية واسعة النطاق، وتأثيرها التكنولوجي والثقافي يمتد عبر القارات، والصين تتقدم بشكل منهجي مدعومة بقوتها الاقتصادية واستثماراتها الحاسمة ونهجها الحازم، ما يجعلها أكثر نفوذاً من أي وقت مضى. أما أوروبا، التي كانت الملكة يوماً ما، فتجد نفسها الآن بيدقاً يتحرك بحذر، فهي تكافح لتحقيق الوحدة اللازمة لإثبات نفسها، لكنها غالباً ما تجد نفسها عالقة في صراعات المصالح الوطنية والتعقيدات البيروقراطية لذلك، لكي تنجح أوروبا يجب عليها أن تكون أكثر جرأة. سيكون لدينا قريباً مفوضية أوروبية وبرلمان أوروبي جديدين، وأنا أؤمن بشدة أن أوروبا يمكنها أن تتغير، وتفاجئ كل من على الرقعة. لكن أساس النجاح هو أن تتحكم أوروبا في مصيرها. فالجائحة وعدم اليقين الجيوسياسي والحرب وأزمة المناخ، تعني أن الأمن والسلامة والمرونة، التي لطالما اعتبرناها أموراً مفروغاً منها، لم تعد أمراً مسلماً به. وقد أصبح الاستثمار في دفاعنا والبنية التحتية الحيوية أولوية غير قابلة للتفاوض، وكذلك ضمان السيطرة على شبكات الطاقة والنقل وسلاسل التوريد وأنظمة الاتصالات. لكن ما الذي يجب على أوروبا القيام به حتى تتكيف بسرعة مع الرقعة دائمة التغير؟ أعتقد أن زيادة تحفيز التحول نحو الطاقة الخضراء، وتسهيل تطبيق التقنيات الجديدة، وجعل المنطقة مرة أخرى قاعدة قوية للابتكار للشركات، سيكون من بين أكثر الخطوات اللازمة للتغيير. فيما يتعلق بالأجندة الخضراء، شهدنا تقدماً كبيراً في السنوات الخمس الماضية، من خلال لوائح ذات تفكير مستقبلي ترسم الطريق إلى تحقيق الحياد الكربوني. رغم ذلك، فإن المنافسين العالميين يتقدمون علينا، ففي الصين، تدخل حلول الوقود الأخضر القابلة للتطوير إلى السوق بخطى تحسد عليها، كما تساعد الحوافز المالية والبيروقراطية الأقل الشركات على تعزيز ريادتها. بموازاة ذلك، يتزايد الزخم في الولايات المتحدة بعد صدور قانون خفض التضخم. ورداً على ذلك، تحتاج أوروبا إلى استراتيجية طاقة موجهة تتجاوز الانقسامات الوطنية، وتترجم البحوث وأطر العمل والرؤى السياسية إلى واقع ملموس. وقد أظهر اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا خطر التبعية في مجال الطاقة. لذلك، يجب على أوروبا الآن الاستفادة من التحول في مجال الطاقة لخلق استقلالية استراتيجية. إن إطار خفض الانبعاثات «فيت فور 55» في الاتحاد الأوروبي يضع أساساً متيناً. لكن حان الوقت الآن لتقديم المزيد من «المغريات»، مثل الحوافز والاستثمارات في الصناعات التي ستهيمن في المستقبل. إن تبسيط صرف الأموال والانتقال من تمويل المشاريع التجريبية لمرة واحدة إلى مشاريع أكثر طموحاً ستكون بمثابة أدوات واضحة تساعد في إنتاج الطاقة المتجددة والوقود الأخضر على نطاق واسع، وهناك شركات أوروبية مثل ميرسك تضخ استثمارات ضخمة في التقنيات والأصول الجديدة، والتي من شأنها تسريع التحول الأخضر. لكن أوروبا الملتزمة تلعب دوراً رئيساً على الساحة العالمية. على سبيل المثال، يمكن الضغط على المنظمة البحرية الدولية للموافقة على آلية تسعير تفرض تكاليف إضافية على من يبحرون بالوقود الأحفوري، بينما تدعم من يبحرون بالوقود الأخضر. على مر التاريخ، كانت أوروبا مركزاً مزدهراً للابتكار ومع ذلك تجاوز نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة نظيره في منطقة اليورو والمملكة المتحدة بأكثر من الضعف خلال العقدين الماضيين، كما أن الاستثمار الأمريكي في الابتكار والأبحاث يقارب ضعف استثمارات الاتحاد الأوروبي. بينما المنافسون عبر الأطلسي يحرزون تقدماً بفضل القوى العظمى في سيليكون فالي وبيئة الشركات الناشئة المزدهرة. كما تستثمر الصين من جانبها بكثافة في الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والحوسبة الكمومية. ورغم تمتع أوروبا بتاريخ غني من الاختراعات العلمية، لا تزال المنطقة تتعامل مع التكنولوجيا بحذر، وتصارع البيروقراطية والقواعد التنظيمية الصارمة. وتعد السيطرة على التقنيات الجديدة أمراً بالغ الأهمية لأي طرف يطمح إلى إمالة كفة الميزان لصالحه. وبدلاً من زيادة القيود التنظيمية، يجب على أوروبا تعزيز التمويل والحوافز للبحث والتطوير، وخلق ظروف أكثر جاذبية للاستثمار. وإذا أرادت أوروبا أن تحقق «استقلالية استراتيجية مفتوحة»، فعليها أن تتوجه إلى قطاعها الخاص. ويمكنها أن تبدأ بتقوية السوق الموحدة وإزالة الحواجز التجارية الداخلية والتوجه نحو تكامل أعمق. كما يجب أن تنتقل أوروبا من الموقف الدفاعي عن اللوائح والتعريفات الجمركية إلى تطوير شركات تنافسية. ونحن نرحب بالرغبة في معالجة العقبات البيروقراطية التي تعيق الأعمال التجارية، ويجب أن نتجنب التخريب الذاتي من خلال التشريعات التي تضع شركاتنا في وضع غير مواتٍ وتثبط الاستثمار. في الوقت الحالي، أوروبا ليست في وضعية «كش»، ناهيك عن «كش مات». ولكن افتقارها إلى التصميم يجعلها ضعيفة. ويجب عليها توحيد «قطعها» وتبسيط اللوائح وتعميق التكامل والاستثمار بجرأة، وإلا فإننا نخاطر بأن نصبح مجرد متفرجين في مباراة جيوسياسية عالية المخاطر. الرئيس التنفيذي لشركة إيه بي مولر - ميرسك تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :