1 - مصطلح (السيرة) في اللغة العربية يعني طريقة أو سلوك أو منهج الشخص في حياته اليومية.. واقتصر استخدام هذا المصطلح في القرون الإسلامية الأولى على وصف سيرة الرسول الكريم حتى القرن الرابع الهجري حينما ظهر كتاب سيرة أحمد بن طولون.. وتم التفريق بين سيرة الرسول وسير غيره بإضافة (ال) التعريف.. فيقال (السيرة) لسيرة الرسول و(سيرة) لسيرة غيره.. أما مصطلح (ترجمة) والذي يقصد به السيرة الذاتية فقد ابتدعه ياقوت الحموي.. وكان العرب يستخدمون كلمة (أخبار) للإشارة إلى سير الأدباء ومشاهير زمانهم.. أما في العصر الحديث فقد زادت المفردات لذات المعنى مثل: يوميات، ومذكرات، واعترافات، وشهادة.. وغيرها. 2 - تم تعريف كتابة السيرة الذاتية على أنها: تسجيل استعادي صادق.. لخبرات وتجارب مر بها صاحب السيرة خلال عمره أو مرحلة من عمره.. وصار لها تأثير إما فوري وإما بعيد المدى على الشخص أو المحيط الذي يعيش فيه. 3- لأن مصطلح «السيرة الذاتية» مصطلح مراوغ فقد أوهم كثيراً من الدارسين.. وجعلهم يضمون أعمالاً حَوَتْ بعض المعلومات الشخصية للكاتب فعدوها (سيرة ذاتية).. ولو اعتبرنا أن أي نص فيه معلومة شخصية نوعاً من السيرة الذاتية لعُدَّ كل التراث الأدبي تقريباً سيراً ذاتية.. فمثلاً كتب الرحلات وإن كانت تحكي قصة الكاتب في رحلته إلا أنها تركز على وصف العالم الخارجي وليس حالة الكاتب.. هذا إضافة إلى أنها مقصورة على زمن الرحلة ذاتها وليس عمر المؤلف.. أيضاً كتابات (الرسائل الإخوانية) التي تحكي مشاعر الكاتب تجاه أصناف من الناس بعينهم.. أو كتب النصائح والوصايا.. إلخ. 4 - وقد فصَّل دارسو هذا الجنس الأدبي في تحديد الفروقات بين مصطلحات السيرة الذاتية والمذكرات واليوميات.. فالسيرة الذاتية تركز الاهتمام على الذات.. بينما المذكرات تركز الاهتمام على الآخرين.. أما اليوميات فهي رصد للأحداث اليومية للكاتب وللآخرين. 5 - السيرة الذاتية ليست دراسة.. وكتابة السيرة الذاتية ليست ترجمة أو سيرة علمية أو أدبية أو فنية.. فالسيرة الذاتية هي لون من السرد القائم على الحالة الشخصية بكل أبعادها. 6 - السيرة الذاتية هي نص مكتوب من القلب ويمكن أن يبرز على شكل قصة أو قصيدة أو لوحة تشكيلية.. يُظْهر فيها الكاتب صوراً من حياته ويعرض أفكاره أو يرسم محيطه.. نجد هنا أن تعريف السير هو أقرب إلى تعريف طريقة كتابة السيرة.. ويكون في ثنايا التعريف نصح وحث على الصدق والأمانة في التدوين.. أي أننا لسنا أمام تعريف محدد ثابت إنما تعريفات وصفية وعظية تبين الأهمية لكنها لا تعرَّف بدقة. 7 - لأن كتابة السيرة الذاتية عملية شخصية فهي بلا حدود.. وشكلها الفني أقل وضوحاً من الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والشعر مثلاً.. لذلك يصر مؤرخ فن السيرة (جورج مش) أن إعطاء تعريف محدد لفن السيرة يعد أمراً مستعصياً.. من هنا يظهر ذلك الاضطراب الكبير في تعريفها سواء لدى الغرب أو الشرق. 8 - السير الذاتية هي حديث عن الذات.. حتى وإن كانت حديثاً عن المحيط، أو عن آخر، أو عن جغرافياً، أو عن حدث، أو عن تاريخ، أو عن سياسية، أو علوم.. فمذكرات «روسو» اعترافات.. ومذكرات طه حسين (الأيام) وصف فكري.. ومذكرات أحمد السباعي (أبو زامل) وصف مجتمعي.. ومذكرات حسن القرشي (تجربتي الشعرية) عن الشعر.. ومذكرات غازي القصيبي (حياة في الإدارة) عن الإدارة.. ومذكرات سعيد الطيب (السجين 21) عن المعارضة.. وهكذا. 9 - كما أن للسير الذاتية أغراضاً خارج الذات.. مثل مذكرات اللواء الطيار عبدالله السعدون (عشتُ سعيداً من الدراجة إلى الطائرة) فغرضها التحفيز.. ومذكرات منصور الخريجي (ما لم تقله الوظيفة) فغرضها الإبداع الأدبي.. وهناك مذكرات كتبت عن بطل بعد وفاته وهذه يكون غرضها التأريخ.
مشاركة :