في مؤتمر المطورين السنوي WWDC 2024، كشفت أبل عن ميزات الذكاء الاصطناعي التي طال انتظارها، والتي كان الجميع على علمٍ بأنها قادمة لا محالة. فالمسألة لم تكن سوى مسألة وقت، ولقد حدثت بالفعل. تحت مسمى "Apple Intelligence" جاءتنا ميزات أبل العاملة بالذكاء الاصطناعي، وسرعان ما عُقدت المقارنات بينها وبين الـ "Galaxy AI" الخاصة بأحدث هواتف سامسونج، المنافس الرئيس لأبل منذ سنوات طويلة. لقد رأينا ميزات الـ "Galaxy AI" بالفعل، إلا أننا حتى هذه اللحظة لم نُجرب ميزات "Apple Intelligence" كونها ستصدر في وقتٍ لاحق من هذا العام. ومع ذلك، ما أرته لنا أبل كان كفيلًا بإقناعنا بمدى قوة الذكاء الاصطناعي لديها وبأن نظامها سيكون ندًّا قويًّا لنظام سامسونج، الذي على الرغم من ظفره بالسبق، فإنه قد لا يكون على نفس مستوى "Apple Intelligence" بالنسبة للبعض. في هذا المقال، سنُجري مقارنة سريعة بين النظامين، مُستعرضين أوجه الشبه ثم أهم الاختلافات بينهما، تاركين الحكم النهائي للقارئ وتفضيلاته. يُقدم النظامان مجموعة مبهرة من المزايا القادرة على توليد النصوص من الصفر باستخدام الأوامر "Prompts". كما يمكنهما تعديل النصوص أو تحسينها من حيث الصياغة أو "النبرة - Tone" لتكون رسمية أو إبداعية أو غير ذلك. وإذا كان توليد النصوص لم يعد بالأمر الباهر نظرًا لوجود أدوات مثل ChatGPT و Google Gemini وغيرها، وبصرف النظر عن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهذه الهواتف تُنشئ النصوص على الهاتف نفسه دون تعريض خصوصيتك وأمانك للخطر، فإن "Apple Intelligence" و "Galaxy AI" يتميزان بالقدرة على تفريغ المقاطع الصوتية إلى نصوص وترجمتها، وهو ما يُغنيك عن المواقع المدفوعة التي تقدم هذه الخدمات. والمقصود بتفريغ المقاطع الصوتية هو تحويل الصوت إلى نص يمكن قراءته وتحريره بسهولة، وهذا مفيد في حالات عديدة. بشكل عام، يمكننا القول بتعادل النظامين في جزئية توليد النصوص والتعامل معها، سواء بتفريغها أو ترجمتها. بالنسبة لنظام Apple Intelligence: يستطيع "Apple Intelligence" توليد الصور بالكامل من الصفر عن طريق الأوامر "Prompts" أو باستخدام ميزة "العصا السحرية - Image Wand" التي تُحول الرسم الكروكي إلى صور واقعية بالذكاء الاصطناعي. كما يُنشئ "Apple Intelligence" الرموز التعبيرية المميزة أو ما يُسمى بـ "Genmojis"، وهي رموز تعبيرية يتم إنشاؤها وتخصيصها حسب الرغبة أو التصور. ناهيك عن إمكانية إزالة العناصر غير المرغوبة من الصور، والبحث السريع عن الصور في تطبيق "Photos"، وغيرها من الأشياء الأخرى المفيدة للغاية. بالنسبة لنظام Galaxy AI: يُتيح مميزات مُشابهة بشكلٍ أو بآخر من حيث التعديل التلقائي على الصور أو الفيديوهات. فعند التقاط صورة أو فيديو، يجري تحليلها ويجري اقتراح تعديلات عليها لتحسين جودتها. وتشمل هذه التعديلات إزالة العناصر غير المرغوبة مثل الظلال أو الانعكاسات، وغيرها. وبخصوص الفيديوهات تحديدًا، والتي نناقشها في جزئية الصور لأن الفيديو ما هو إلا مجموعة من الصور المتحركة، فإن "Galaxy AI" يتيح لك إبطاء الفيديوهات باستخدام ميزة "Slow-motion". وذلك من خلال إنشاء "فريمات" أو إطارات جديدة ليست موجودة في الفيديو الأصلي، بغض النظر عن سرعة التصوير الأصلية. ولعلّ الميزة الأهم، التي جذبت انتباه الكثيرين فور الإعلان عن ميزات الذكاء الاصطناعي في هواتف سامسونج، هي ميزة البحث عن الأشياء برسم دائرة حولها، أو ميزة "Circle to Search". وتعمل هذه الميزة كما يصفها اسمها تمامًا. فإذا رأيت صورة لرجل يرتدي ساعة فاخرة على سبيل المثال، وأردت البحث عن هذه الساعة على الإنترنت، فما عليك سوى رسم دائرة حولها لتظهر لك جميع المعلومات التي تحتاج إلى معرفتها على الإنترنت. وهذه جزئية مهمة للغاية، لكنّ الكثيرين يغفلون عنها. ففيما يتعلق بالتكامل مع الأجهزة الأخرى، يعمل نظام "Apple Intelligence" بسلاسة على أجهزة الشركة الشهيرة مثل iPhone و iPad و Mac، مع معالجة جميع البيانات محليًا دون الحاجة إلى القدرات السحابية إلا في نطاقات محدودة. وبالطريقة نفسها، يعمل "Galaxy AI" على تشغيل قدرات الذكاء الاصطناعي على شريحة NPU أو "وحدة المعالجة العصبية" الموجودة في هواتف سامسونج من الفئة العليا مثل Galaxy S24 وغيرها من الهواتف الداعمة للذكاء الاصطناعي، مع الحاجة أيضًا إلى القدرات السحابية في أوقات محددة. وتُدمج قدرات الذكاء الاصطناعي "AI" في هواتف سامسونج وأجهزة التابلت الخاصة بها، وحتى في سماعات earbuds، لكنّها لا تعمل على أيٍ من أجهزة الكمبيوتر المحمولة للشركة. بعد أن تحدثنا عن أهم مميزات النظامين المشتركة من حيث التعامل مع النصوص والصور والحفاظ على الخصوصية، حان الوقت لنتحدث عن أبرز الفروقات. الفرق الأول لصالح نظام أبل هو دعمه لنموذج ChatGPT-4o، وهو النموذج اللغوي الأكثر تطورًا من شركة OpenAI. وستتم جميع العمليات على الهاتف، ما يعني أن خصوصيتك وأمانك مضمونان. يجري استخدام هذا النموذج المشهور من خلال Siri، مساعد أبل الذكي الذي شهد تطورًا كبيرًا وبات يُقدم ردودًا أكثر واقعية وينفذ مهام معقدة. صحيح أنه لا يزال يفتقر إلى كفاءة ChatGPT و"روبوتات" الدردشة الذكية الأخرى، إلا أن مستواه قد تحسّن بشكل ملحوظ، وفكرة دمجه مع GPT-4o لا تعني أن نموذج OpenAI هو البديل، بل مجرد مساعد لـ Siri التي لن تتخلى عنها أبل. إذا كنت تجري مكالمة هاتفية مع شخص يتحدث لغة أجنبية ويصعب التواصل معه، فيمكن لنظام "Galaxy AI" حل هذه المشكلة بسهولة من خلال ميزة الترجمة الفورية للمكالمات. حيث يتم ترجمة كلام الطرف الآخر إلى لغتك والعكس، والمذهل في الأمر أن كل هذا يتم في الوقت الفعلي دون أي تأخير في المكالمة. بمعنى آخر، يركز نظام "Apple Intelligence" على المساعدة الشخصية والذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، بينما يركز نظام "Galaxy AI" على التواصل والإنتاجية. يُلخص كريج فيديريغي Craig Federighi، نائب الرئيس الأول لهندسة البرمجيات في أبل، توجه الشركة ورؤيتها للذكاء الاصطناعي على هواتفها بقوله: "يجب دمج نظام "Apple Intelligence" بتجربة الاستخدام طوال الوقت". ولهذا، اهتمت الشركة بتطوير Siri ودعمت هذا المساعد الذكي بـ GPT-4o، وقامت بتطويره ليقوم بمهام معقدة، بدءًا من جدولة المهام على تطبيق "التقويم" وصولًا إلى العثور على الصور بأسماء الأشخاص. تضرب الشركة مثالًا بشخص يطلب من iPhone استخراج صور لفتاة تدعى "ستايسي" موجودة في نيويورك وترتدي معطفًا ورديًّا: "Show me my photos of Stacy in New York wearing her pink coat". على الجانب الآخر، يتضح اهتمام سامسونج بالتواصل والإنتاجية من خلال العديد من ميزات نظام "Galaxy AI" مثل ترجمة محادثات كاملة إلى لغات مختلفة، وتغيير صياغة النصوص، وحتى تفريغ المقاطع الصوتية وتلخيصها على هيئة نقاط سريعة، وغيرها من الميزات المفيدة للغاية. لكن هذه الميزات لا تهدف إلى مساعدتك بالطريقة نفسها التي يعمل بها Siri. لا نستطيع حتى الآن الحكم بشكل قاطع، لأن ميزات "Apple Intelligence" لم تتوفر بعد على أجهزة أبل. لكن بناءً على ما شاهدناه في مؤتمر المطورين الأخير، فإن المنافسة قوية حقًا، وكل نظام يتمتع بميزات تجعله أفضل من الآخر. بشكل عام، وكما ناقشنا في وجه الاختلاف الأخير بين النظامين، إذا كنت تبحث عن مساعد ذكي متكامل، فإن "Apple Intelligence" سيكون الخيار الأفضل لك. أما إذا كنت تفضل الميزات المتعلقة بالتواصل والإنتاجية، فقد تجد ضالتك في "Galaxy AI". لكن لا تنسَ أن الأمر يعتمد في النهاية على نظام التشغيل المفضل لديك، سواء كان Android أو iOS. توليد النصوص وترجمتها إنشاء الصور والتعديل عليها الخصوصية والتكامل مع الأجهزة الأخرى 1. سيري وتكامل "Apple Intelligence" مع ChatGPT-4o 2. Galaxy AI وترجمة المكالمات في الوقت الفعلي 3. الهدف العام الخلاصة.. أيهما أفضل: Apple Intelligence أم Galaxy AI؟
مشاركة :