يمضي برنامج التحول الوطني العملاق ولاسيما التحول الاقتصادي الذي يمثل العصب والشريان الرئيس لعملية تحول إستراتيجي ناجحة قدما لتغيير جذري في مفهوم وفلسفة اعتماد المملكة في إيراداتها على النفط لتحويلها إلى بلد استثماري خصب بكل ثقة واقتدار، في وقت تبرز شركة (سابك) كملهمة في بزوغ برنامج التحول الاقتصادي للمملكة؛ حيث ارتكزت أسس البرنامج على تحويل اقتصاد المملكة من مجرد الاعتماد الكلي على النفط في عوائدها إلى قيام كيانات صناعية استثمارية لا تعتمد على النفط لتكون التجربة شبيهة بتجربة (سابك) الناجحة التي ارتكز تأسيسها قبل نحو 40 عاما على استغلال الغاز المصاحب للنفط الذي كان يحرق لقيام صناعات بتروكيماوية ضخمة تنوع من مصادر الدخل الوطني. وشقت (سابك) طريقها الوعر والشائك بتحديات ومصاعب جمة لتحقيق الحلم الذي تهكم في تحقيقه الخبراء العالميون، في ظل افتقار المملكة للتكنولوجيا والتقنية لقيام الصناعات البتروكيماوية التي لا يمكن أن ترى النور دون شركاء عالميين روادا في تقنيات التصنيع وهندسة وبناء المصانع وتسويق المنتجات، ولم يكن لسابك أن تنهض دون شركاء يمتلكون التقنية ومنافذ التسويق فضلا عن تدريب وتأهيل الكوادر البشرية لديمومة الاستدامة؛ حيث واجهت (سابك) صعوبات شديدة في إقناع الشركاء بهذا التحول ومنهم من انسحب بعد المفاوضات ومنها مشروع بتروكيميا الذي جازفت (سابك) بالمضي فيه لوحدها اعتماداً على جهودها الذاتية بعد انسحاب شركة داو لعدم ثقتها ذلك الوقت من أي بوادر لنجاح المشروع وقررت سابك المضي قدما بالمشروع دون شريك أجنبي، واليوم شركة بتروكيميا أصبحت من أكبر وأنجح شركات (سابك) إنتاجية وربحية نهضت وفرضت منافستها العالمية بملكية سعودية 100%. وأثبت قرار المملكة الإستراتيجي لتنويع مصادر الدخل اعتماداً على (سابك) التي وجدت كامل الدعم من الحكومة التي وفرت لها الاستقلالية في بناء وإدارة مجمعاتها الصناعية رغم ملكية الدولة ل 70% من أسهمها، أثبتت نجاحاً باهراً؛ حيث أصبحت أكبر شركة غير بترولية في الشرق الأوسط، والأولى عالمياً في تنوع حقيبة منتجاتها، والرابعة في حجم المبيعات والدخل والأولى في إنتاج أهم المنتجات البتروكيماوية، في وقت تضخ أموالا ضخمة في السوق المحلي بقيمة 24 مليار ريال سنويا من خلال رواتب الموظفين والزكاة والمشتريات المحلية والأصول في البنوك وغيرها تمثل دورة اقتصادية متكاملة. وساهم هذا الفكر الإستراتيجي الاقتصادي لتنويع مصادر الدخل الوطني للمملكة قبل 40 عاما باقتحام المملكة صناعة البتروكيماويات كمورد ورافد اقتصادي قوي لتنتزع المملكة المرتبة الأولى في إنتاج العديد من المنتجات البتروكيماوية، وانتزاع المملكة حصة 10% من إجمالي الإنتاج العالمي للمواد البتروكيماوية بطاقات تناهز 120 مليون طن متري سنوياً مع التوسعات الحالية في المدن الصناعية الجبيل وينبع ورأس الخير وجازان ورابغ وبلوغ استثماراتها نحو 2 ترليون ريال، واستحواذها على أكثر من 65% من حجم الاستثمارات الصناعية بدول مجلس التعاون، وتساهم في أكثر 12% من الناتج الوطني للمملكة. وحول رؤية "الرياض" باعتبار "سابك" مثالاً يحتذي به في برنامج التحول الوطني الاقتصادي للمملكة أكد صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، رئيس مجلس إدارة (سابك) بأن قصة (سابك) تتعلق دوما بالتحول المستمر منذ أن كانت منتجا محليا ناشئا إلى أن أصبحت عملاقا في إنتاج البتروكيماويات وواصلت هذه المسيرة التحولية؛ حيث أطلقت مبادرة التحول مع إستراتيجيتها لعام 2025 والتي تسعى من خلالها أن تصبح الشركة العالمية الرائدة والمفضلة في مجال الكيماويات؛ حيث تم تصميم هذا البرنامج الجديد لجعل (سابك) أكثر مرونة، وفعالية من حيث التكلفة، واستعدادا للعمل في بيئة أعمال سريعة الحركة والتغيير. وبين سموه بأن برنامج (سابك) التحولي سيقدم إسهامات كبيرة لتعظيم صافي الدخل، مع العمل في الوقت ذاته على تحقيق طموحات الشركة للعام 2025 دون الحاجة إلى استثمارات كبيرة، ولتحقيق ذلك، يركز البرنامج على التنفيذ الإستراتيجي للمهام، وتطوير القيادات والمواهب، والمضي قدما في دعم خطط المملكة التنموية، وبناء هوية الشركة العالمية. وسوف تعمل الشركة على تحقيق الاستثمار الأمثل لأصولها من أجل إنتاج مزيد من القيمة، وذلك عبر التركيز بقوة على التميز التشغيلي، وتحسين مستوى الاعتمادية لمنشآتها، والحد من عمليات التوقف غير المخطط لها، في الوقت الذي يعتمد أن نجاح إستراتيجية 2025 بشكل كبير على موارد الشركة البشرية، وخاصة القادة من ذوي المهارات والخبرة وذلك لاتخاذ قرارات كبرى وبناء فرق عمل ناجحة. ويحقق دعم (سابك) لخطط المملكة منفعة متبادلة ذات قيمة؛ حيث سوف تسهم خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة في عملياتها وتطويرها داخل المملكة في خفض تكلفة أعمال الشركة ودفع عجلة الجهود الوطنية لتحقيق الاستدامة. وتسعى (سابك) للتحول في مفهوم تطوير موارد المواد الخام الداخلة في صناعة البتروكيماويات في وقت أسست الشركة أصولاً ومنتجات وابتكارات بقيمة تزيد على 240 مليار ريال؛ حيث فتحت هذه الاستثمارات وأسست أنشطة تجارية متنوعة في قطاع الصناعات التحويلية وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بها في المملكة، وأسهمت هذه الاستثمارات في تطوير سلسلة قيمة قوية في مجال الصناعات التحويلية للبلاستيك، شملت 850 شركة تصنيعية وإتاحة الفرص لتوفير 65 ألف وظيفة، في وقت تتجه (سابك) لضخ استثمارات إضافية بقيمة 14 مليار ريال في غضون سنوات قليلة قادمة، وستكون هذه الاستثمارات بمثابة حافز لتطوير سلاسل قيمة جديدة في مجالات أخرى مثل المطاط والبلاستيكيات الحرارية الهندسية.
مشاركة :