سعود الفيصل.. عميد الدبلوماسية وصوت الأمة

  • 4/26/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أسس رجل الدولة وعميد الدبلوماسية السياسي المحنك الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- لنفسه ولوطنه وأمته نهجاً دبلوماسياً فريداً ومتميزاً عن غيره في التعامل مع القضايا السياسية التي تثقل كاهل المنطقة وفي سبيل حلحلة تعقيداتها، هذا النهج أساسه الوضوح والصراحة في التعامل مع ساسة وقادة وزعماء العالم ومع شعوبها كذلك مهما كلف الأمر ورغم حساسيتها، فمع ان كثير من الدبلوماسيين تكتنف مواقفهم تجاه كثير من القضايا الغموض او الكيل بمكيالين او مراعاة طرف على حساب الاخر الا ان الفيصل -رحمه الله- تجاوز هذا الأسلوب القديم ورسم لنفسه نهجاً جديداً وغير مسبوق في ميادين السياسة وضع به لنفسه ولوطنه مكانه رفيعه لدى شعوب العالم وتقديرا كبيرا وأكسبه احترام العالم اجمع وكان ولايزال الجميع يستذكر بصماته في معالجة كثير من الملفات والصدع بكلمة الحق والعقل والحكمة في محافل السياسة ومؤتمراتها التي ظل متنقلا بينها طوال فترة حياته العملية في كل اصقاع العالم دفاعاً عن حقوق امته ومصالحها وكرامتها. مسيرة وعطاء وتضحيات الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- التي امتدت على مدى أربعة عقود في خدمة الوطن والأمة العربية والإسلامية، أسهم خلالها في وضع أسس الدبلوماسية الحديثة، وعايش فيها قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي والدولي بكل تفاصيلها، وعاصر أحداثاً مهمة على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وكان شاهداً على حقبة مهمة من التاريخ، قدم فيه الكثير وكان فيها الرجل المخلص والعلامة البارزة في تاريخ الدبلوماسية السعودية والعربية والدولية وهو أطول وزير خارجية خدمةً على مستوى العالم، وتمثل فترة عمله مرحلة مهمة في تاريخ الدبلوماسية السعودية والعربية والاسلامية. الحديث عن محطات عمل "عميد الدبلوماسية" الفقيد الراحل سعود الفيصل يتطلب توثيقاً لتاريخ هذا الرجل لتستلهم منه الأجيال وطلبة الجامعات في أقسامها السياسية والقانونية والدبلوماسية التجارب الثرية والخبرات والفريدة التي سطرتها تضحيات هذا الرجل حتى آخر يوم في حياته.. "ندوة الثلاثاء" تتناول لهذا الأسبوع جانباً من الجوانب المضيئة في تاريخ هذا الرجل المخلص لوطنه ولأمته ومحطات حياته المختلفة السياسية والشخصية والإنسانية.. بصمات وتجارب الفقيد لأربعة عقود في ميادين السياسة «تاريخ» تستلهم منه الأجيال معاني «التضحية والوطنية» يحمل هم الامة في البداية أكد الزميل سليمان العصيمي رئيس التحرير المكلف أن الفقيد الراحل الامير سعود الفيصل رجل من عظماء رجال هذا الوطن العزيز وله تاريخ طويل في السياسة السعودية وهو اقدم وزير خارجية بقي في هذا المنصب مايؤكد كفاءته وقدرته وامكاناته العالية ومحبة القيادة السعودية له من الملوك الذين قادوا هذا الوطن، موضحا ان الفقيد اعطى لبلاده وامته العربية والاسلامية الشيء الكثير وخلال سنواته الاخيرة رغم متاعبه الصحية الا انه استطاع ان يحمل الكثير من هموم هذه الامة وينقلها من عاصمة الى عاصمة ومن بلد الى بلد ومن مؤتمر الى مؤتمر، وقد شاركت في اكثر من مؤتمر صحفي واكثر من رحلة مع سموه وكنا نرى ماذا يقدم للدبلوماسية السعودية والدبلوماسية الاسلامية والعربية من دروس حتى انه اصبح يمثل جميع الدول العربية في تلك المهمات حيث كان يحمل هم الامة ولا ادل على ذلك الا التكريم و التقدير الذي حصل ويحصل عليه من وقت لآخر في كثير من الاقطار العربية . الهمة والجهد والاخلاص وحول مسيرة الاربعين عاما التي قضاها الامير سعود الفيصل في خدمة وطنه وامته في وزارة الخارجية، قال الامير خالد بن سعود الفيصل: ماذا يمكن ان اقول عن فترة سنة من العمل سوى الهمة والجهد والاخلاص في العمل وهذه النقاط كان سموه رحمه الله يتميز بها وقد تعلمت الكثير من سموه من خلال هذه النقاط الثلاث ولا استطيع ان اسرد عاما من عمل الفقيد في كلمة موجزة وربما المشاركون في هذه الندوة يعرفون اكثر مني عن عمله بحكم قربهم له في عمله وقد رافقته خلال الثلاث سنوات الاخيرة في عمله ورحلاته اكثر من السنوات الماضية. وفي سؤال عن محطات الفقيد والتحولات التي مرت سواء من خلال معاصرته لاربعة من قادة هذا الوطن او من خلال التحولات الجذرية والمهمة في المنطقة التي عاصرها الفقيد وكانت له بصمة واضحة في كل القضايا سواء الدولية او الاقليمية كالقضية الفلسطينية او لبنان والعراق واسهاماته بعد احداث سبتمبر ودوره في تأسيس مجلس التعاون الخليجي الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني واطلاق المبادرة العربية، علق الامير خالد بن سعود الفيصل قائلا: إن الذي يمكن أن أقوله وخصوصاً عن عمله والذي رأيته منه بصفة شخصية هي الهمة حيث كان مهموماً بقضايا الدول العربية على أن تعتمد على نفسها وان تنظم نفسها بنفسها وأن هذه الدول العربية مسؤولة عن مصيرها لذلك كانت دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى من أهم اهتماماته ويركز عليها بشكل فعال، وكان يؤكد دائما على ان الدول الإسلامية والعربية يجب عليها أن تتعاون أكثر وأكثر في جميع المجالات. اربعة عقود من العمل بدوره تحدث السفير أسامة نقلي قائلا: تبوأ الفقيد منصب وزير الخارجية عام م واستمر فيها على مدى أربعة عقود، ومنذ عام إلى أن توفاه الله في هذا العام م لم تكن فترة عمله مريحة بكل المعايير سواء من ناحية الأزمات الدولية أم من ناحية المشكلات التي تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط ومنطقتنا والعالم خصوصاً تلك الفترة التي أعقبت حرب م ثم جاءت الثورة الايرانية ثم اعقبتها الحرب العراقية - الإيرانية ثم احتلال العراق لدولة الكويت، بعدها جاءت الأزمات الأخرى التي تعرضت لها المنطقة بما فيها الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما ترتب على ذلك من الانقسامات الفلسطينية، وعملية السلام في مدريد، وقضايا الإرهاب التي مازالت تهدد الأمن السلمي في المنطقة، وقد كان الأمير سعود الفيصل رحمه الله في حراك مستمر في اللحاق بهذه القضايا من أجل وضع علاج لها. وأضاف :إن كل هذه الأزمات التي كانت تتعرض لها المنطقة والعالم أجمع دائماً ما تجد حلولها ببصمات الفقيد سعود الفيصل في السعي وراء ايجاد الحلول لهذه المشكلات والقضايا من خلال الاصرار والتصميم الشديد في ضرورة ايجاد الحلول بالرغم من أن هنالك العديد من الأطراف الدولية كانت ترى أن هذه عصية على الحل، ولكنه برؤيته الثاقبة كان دائماً يرى بأنه لا توجد مشكلة وإلا معها الحل وعلينا فقط الوصول إلى هذا الحل وذلك عن طريق الجهد المتواصل، وأعتقد ان مسيرة الأمير سعود الفيصل رحمه الله في مجال الدبلوماسية خلال الأربعة عقود كانت مسيرة مسكونة بهموم الوطن ثم الأمة العربية، فالأمة الإسلامية، ومسكونة كذلك بهموم الأمن والسلم الدوليين، وهذا يبرز حقيقة من خلال جهود الأمير سعود الفيصل على المستوى الثنائي سواء كان ذلك في توثيق العلاقات بين المملكة ودول العالم، أو من خلال المنظمات الاقليمية والدولية مثل الجامعة العربية، والأمم المتحدة والمنظمات الدولية مثل منظمة التعاون الإسلامي ومن خلال كل المؤتمرات المتعددة التي شارك الأمير سعود، حيث كنت أحد الذين صاحبوا الأمير سعود الفيصل في تلك المؤتمرات وبالعودة إلى ذاكرة التاريخ ستجدون هذا الجهد موجوداً ومسجلاً ومدوناً ولا يمكن للتاريخ أن ينسى هذا الانجاز الذي قام الفقيد الأمير سعود الفيصل رحمه الله. القضية الفلسطينية وحول جهود الفقيد في ترسيخ الأمن الاقليمي ودعم السلام العالمي، قال السفير علاء الدين العسكري: في الحقيقة وبصفة عملي قريباً من الأمير سعود الفيصل سواء من خلال عملي مديراً للادارة الفنية للاتصال والحاسب الآلي، حيث كان لي دور في المؤتمرات التي اقيمت في المملكة أو الاجتماعات التي عقدت في المملكة سواء في الطائف مثل مؤتمر الصلح بين اللبنانيين والمؤتمرات التي عقدت خارج المملكة سواء في مصر أو غيرها، ومن خلال عملي رئيساً للمراسم في وزارة الخارجية ووكيلاً للوزارة لم أكن مشاركاً فحسب في أعمال الوزارة وإنما كنت شاهداً على جهود وأعمال الأمير سعود وكما ذكر الأمير خالد بن سعود الفيصل والسفير أسامة نقلي عن جهود سموه رحمه الله حيث كان مثابراً جداً ولا يهدأ له بال في مجال أعماله وكان كذلك حريصاً وصبوراً بشكل كبير، وهمه الأكبر في جميع الاجتماعات التي حضرتها كمراقب وبحكم عملي هي القضية الفلسطينية إذ كانت القضية الفلسطينية تشغل جزءاً كبيراً من تفكير الأمير سعود، وجميع الاجتماعات الثنائية التي كانت تجمعه مع المسؤولين كان يتصدر فيها القضية الفلسطينية، وقد حضرت معه ما يزيد على اجتماعاً كان أكثر حرصاً فيها لإثارة القضية الفلسطينية، ومن الأشياء التي لا يعرفها كثير من الناس ما شاهدته خلال تلك الاجتماعات حيث كان يطرح وبكل حرص القضية الفلسطينية وطرحه لهذه القضية كان مختلفاً من اجتماع إلى آخر، وكان دائماً يطرح القضية حسب الشخص الذي يجلس أمامه والدولة التي جاء منها مع حرصه الشديد على سرد تاريخ هذه الدولة مما يدل على أن الأمير سعود لم يكن مطلعاً فقط وبارزاً في النواحي السياسية وإنما كان مطلعاً كذلك على الجوانب التاريخية وموثقاً لها إذ يعد قارئاً بامتياز، ويقرأ عن الدول قبل أن يحضر للاجتماعات، ويتعرف على كل تفاصيل الدول وما دار فيها من مشكلات وقضايا مماثلة للقضية الفلسطينية، وبعد ذلك يقوم بطرح القضية الفلسطينية، من هنا يتضح لنا ان الرجل كان على ادراك واسع تاريخياً ومعرفة ويطلع ومن ثم يحضر لأي اجتماع ولأي لقاء للشخصيات أو لأي مؤتمر، ومن أهم نجاحات الأمير سعود الفيصل رحمه الله هو قدرته على اختيار الرجال الذين يحيطون به وهم رجال قادرون على اعطائه المعلومة الصحيحة. وأضاف: اذكر عندما كنت رئيسا للمراسم سألني سؤالا وقلت له اعتقد ان الموضوع هو كذا ولكن ارجو من سموك السماح لي بالتأكيد من صحة المعلومة وعندما تأكدت وجدت المعلومة عكس ما ذكرته له و كنت اجلس معه ومعنا الدكتور نزار مدني فنظر الي قائلا: لا تقل لي مرة اخرى كلمة اعتقد ابدا كن دقيقا فاذا كنت لا تعرف المعلومة اذهب وتأكد منها ثم اعطني معلومة صحيحة، وهذا يدل على حرصه رحمه الله ودقته في المعلومة التي يطلبها. وعلق السفير أسامه نقلي: فعلا القضية الفلسطينية كانت من اهم القضايا التي كان يحرص عليها ويعطيها جل وقته وجهده وكانت القضية المحورية في جميع اجتماعاتها ولقاءاته ولم يكن يجتمع مع احد الساسة الا وتكون القضية الفلسطينية هي المحور الاساسي في الطرح والنقاش. مؤتمر القمة الاسلامي وعلق السفير علاء الدين العسكري: انا شخصيا رافقت الامير سعود الفيصل لمدة خمس سنوات الاخيرة اثناء مرضه حيث كنت رئيسا للمراسم واهم حادثة مازلت اذكرها انه في جميع الاجتماعات خاصة الخليجية التي تجمعه مع وزراء دول مجلس التعاون وتستمر لساعات طويلة قد تزيد على ست ساعات وترى عليه التعب والارهاق وانه منهك الا انه بالرغم من ذلك فإن تعبه الجسدي لا يؤثر على نشاطه العقلي حيث يكون حاضرا في جميع ما يقال في تلك الاجتماعات وبعد مرور ساعة او ساعتين يطلب اتاحة الفرصة له للتحدث ويقوم بتلخيص ما قيل طوال ساعتين في خمس دقائق وبالترتيب دون ان يكون مسجلا شيئا امامه ويرد على جميع الحاضرين سواء الوزراء او غيرهم، حيث كانت لديه سرعة البديهة في طرح الحلول والمعالجات لكل القضايا المطروحة للنقاش، واهم شيء رأيته شخصيا خلال مؤتمر القمة الاسلامي الذي عقد في مكة المكرمة ولسوء الحظ تقرر ان يذهب سموه الى اجراء عملية في المستشفى التخصصي في مدينة جدة في الامعاء حيث نقل الى المستشفى وهو في شبه غيبوبة لفترة طويلة وعندما نجحت العملية وفاق من العملية وفتح عينيه طلب مشاهدة التلفزيون من اجل ان يتعرف على ما تمخضت عنه القمة الاسلامية وكان يتساءل عن المؤتمر وكيف سارت خطواته وكيف صارت المعاملات.. انظروا الى رجل بعد عملية جراحية صعبة كيف يفكر؟ اذ كان كل حرصه ان يعرف ما فاته من مداولات المؤتمر خلال علاجه في المستشفى. عملية نيويورك وعلق السفير اسامة نقلي: كنا نرافقه في حله وترحاله في الطائرة وفي الفنادق وفي قاعات الاجتماعات وكان سموه رحمه الله يعاني من آلام الظهر واجرى عدة عمليات جراحية ليست بالسهلة بل كانت عمليات صعبة ولكنه لم يكن يعاني من امراض عضوية مستعصية مثل الضغط والسكري ولعلكم كنتم ترونه في التلفزيون يتحرك ببطء وبالرغم من ذلك كان كله اصرارا للمشاركة في كل المؤتمرات والقمم والاجتماعات، ومن الامور غير المعروفة للناس انه قبل اجراء العملية الاخيرة التي تم اجراؤها في نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية كان الامير سعود الفيصل شبه مشلول حيث كان يتحرك بصعوبة ولم يستطع احد ان يلاحظ ذلك على سموه وقد كان مقررا له ان يسافر بشكل عاجل لاجراء العملية الا انه مع ذلك باشر عمله في الوزارة واستقبل ضيوف الوزارة وعقد اجتماعا مع الكتاب والمفكرين في الوزارة ولم يلاحظوا عليه معاناته مع المرض كذلك كان لدينا مؤتمر في بروكسل مع حلف الناتو مع الدول المتحالفة لمحاربة داعش وقرر ان يسافر بالرغم من اننا طلبنا منه ان يكلف شخصا آخر ينوب عنه في المؤتمر لان حالته الصحية لم تكن تسمح له بالسفر ولم يكن يستطيع التحرك داخل اروقة المؤتمر الا انه رفض وقال لا بل سأسافر واشارك حتى ولو كنت على كرسي متحرك وهذا بالفعل ما حدث في المؤتمر، واتذكر كذلك قصة اخرى وهذه القصة حدثت عندما اجرى سموه العملية الجراحية الاخيرة تحدثت اليه بعد ان حمدت الله على سلامته فاذا به يبادر ويسأل عن اوضاع العمل وعن اوضاعنا بالرغم من انه يحتاج الى ان نسأل عن حالته وصحته بعد العملية فرد سموه انه الحمد لله وان كل الامور الصحية لديه على ما يرام وقلت له يا سمو الامير لا نريد ان نراك في الوزارة الا بعد اكمال مراحل العلاج وما يليه من العلاج الطبيعي ويجب ان تطمئن ان كل الامور بخير وان رجالك العاملين معك كلهم بخير ورد سموه قائلا ان ما رأيته في هذه العملية يجعلني مصرا على ان اكمل العلاج الطبيعي وبعد ثلاثة اسابيع هاتفني سموه فاذا هو في باريس واتضح انه لم يكمل العلاج الطبيعي بل احضر معه فريقا متخصصا في العلاج الطبيعي ولم يكمل اسبوعا فاذا هو معنا في مدينة الرياض. وعلق الامير خالد: قبل اتصال الفقيد وحديثه للسفير اسامة باسبوعين تقريبا كنا نقنعه ونطلب منه عدم استعجال السفر الى السعودية والرجوع الى استئناف عمله حيث كنا نلح عليه يوميا بعدم مغادرة المستشفى الا انه كان مصرا حتى عاد. بروتوكول استقبال الوزراء وتداخل السفير علاء الدين العسكري: من القصص التي مررت بها مع سموه الذي كان سموه حريصا ان يستقبل جميع الوزراء عندما يكون لدينا مؤتمر او اجتماع وهو من اشد الشخصيات حرصا على البروتوكول الخاص باستقبال الوزراء بالرغم من انه كان متعبا ومتأثرا بالمرض الا انه كان يؤكد لي باحضار الكرسي ووضعه في اقرب موقع من الباب اثناء استقبال الوزراء ويستقبل الضيوف هو شخصيا وانا كنت اطلب منه بأن يبقى داخل الصالة واستقبل الضيف واحضره اليه في الصالة الا انه كان شديد الحرص على استقباله خارج الصالة ويقول انه لا يجوز استقبال الضيف داخل الصالة ولم يكن يفرق بين الدول لا دولة عظمى ولا دولة صغيرة ولا دولة اسيوية ولا افريقية كل الدول لديه رحمه الله سواء يعاملها كلها بذات المعاملة فقد كان يخرج ويقف تحت اشعة الشمس حتى لو كان الجو مغيرا يقف وينتظر نزول الضيف من الطائرة ليستقبله شخصيا. القضية السورية والموقف السعودي وطرح الزميل سالم الغامدي المداخلة التالية: في الحقيقة كلنا نعرف ان الامير سعود الفيصل رحمه الله كان قويا في مواقفه وقويا بايمانه وقويا بدولته وقويا بصدقه وامانته تجاه قضايا امته اريد ان اسأل عن تعامله مع الجانب السوري وتحديدا تعامله مع القضية السورية خصوصا انه شخصية قوية صادقة حريصة على الامتين العربية والاسلامية حيث اتسم سموه بدفاعه القوي عن الشعب السوري الذي انهكته الحرب التي مازالت منذ خمس سنوات مع تواصل القتل عبر الصواريخ وبراميل النظام وما يعانيه الشعب من التشريد والمجاعة وهدم المباني وهدم كل ماله علاقة بالانسان السوري فما هي مواقف سمو الامير سعود الفيصل رحمه الله تجاه الشأن السوري وتجاه الشعب السوري. وأجاب السفير اسامة نقلي: بلا شك عندما تتحدث عن المواقف السياسية للامير سعود الفيصل رحمه الله فاننا نتحدث عن مواقف معلنة وواضحة وليست له مواقف خفية خصوصا في المشكلة السورية ولكن كما تعلمون انه عندما بدأت المشكلة السورية المملكة لم تتخذ موقفا لفترة سبعة اشهر تقريبا حيث كانت هناك محاولات من الملك عبدالله رحمه الله من اجل لملمة الموضوع داخل سورية وحل المشكلة قبل ان يتوسع النزاع وبعد عدة مكالمات من الملك واتصالات الامير سعود الفيصل رحمهما الله مع بشار الاسد الا انه كان يرفض كل النصائح وهو ان يحاول الاقتراب اكثر من شعبه وان يحاول تحقيق العدالة بين شعبه وان يعالج المشكلات قبل تفاقمها ولكن بعد مرور ستة اشهر على احداث سورية وبدأت المشكلة السورية تأخذ في الاتساع من هنا بدأت المملكة باتخاذ موقف معلن وهو موقف قوي جدا في التعامل مع القضية السورية واصبح الامير سعود يحمل هذا الموقف وبصورة معلنة وواضحة حيث كان هذا الموقف مبنيا على عدة امور منها: سلامة سورية اقليميا والحفاظ على وحدة سورية الوطنية وعدم السماح لتفاقم الامور داخل سورية حتى لا تصل الى مرحلة المأساة الانسانية وهذه هي الرسالة التي كنا نحملها في دول العالم سواء على الصعيد العالمي او الصعيد العربي او الخليجي ومواقف المملكة في هذا الشأن واضحة وكذلك مواقف سمو الامير سعود الفيصل في هذه القضية كانت معلنة وصريحة. مواقف واضحة وصريحة وتداخل الزميل هاني وفا قائلا: بالتأكيد ان الامير سعود الفيصل رحمه الله ليس قامة محلية وعربية وانما قامة دولية، وفي الحقيقة لدي بعض الاقوال التي قيلت في الامير سعود الفيصل يقول غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي الاسبق: لو كان لدي وزير خارجية مثل سعود الفيصل لما تفككت الاتحاد السوفياتي ويقول وزير خارجية فرنسا: ان سعود الفيصل من اكبر الساسة في العالم واقدرهم حكمة ويقول وزير خارجية بريطانيا مليباند: الامير سعود يستطيع ان يحصل على ما يريد.. اضافة الى العديد من الاقوال التي قيلت في سموه رحمه الله، ولكن نريد ان نعرف اراء العالم من خلال هذه الاقوال في شخصية سمو الامير سعود الفيصل كأحد صانعي القرار الدولي وليس القرار المحلي والعربي فقط؟ وعلق الامير خالد بن سعود: ان الامير سعود الفيصل يمثل بالنسبة لي شخصيا ولافراد الاسرة العزة والشرف خصوصا عندما نشاهد الجميع يتقبل شخصية سموه رحمه الله وينظرون اليه بنظرة جادة لما له من ثقل كبير في علاقاته مع رؤساء ووزراء دول العالم اجمع العربية والاسلامية والدولية ولا نستطيع ان نقول اكثر مما قيل عنه من قبل الشخصيات العالمية ولعلكم تعلمون ذلك اكثر مما نعرف بحكم عملكم، وتأكيدا على ما ذكره الضيوف فان كل مواقفه كانت واضحة وصريحه ولم تكن له مواقف مخفية وانه بهذه المواقف محل عز وافتخار بالنسبة لنا نحن ابناءه. شخصية الفيصل داخل المنزل وقال الزميل سليمان العصيمي: نريد من سموكم ان تتحدث بالتفصيل عن الامير سعود الفيصل وعن الامور داخل الاسرة بين ابنائه وبين بناته وكيف كان تعامله معكم وكيف كان يقضي اوقاته وكيف كنتم تلاحقونه في الاجواء وهو يعبر من دولة الى دولة ومن بلد الى بلد ومن عاصمة الى اخرى وكيف كنتم تنتظرون الوقت الذي يكون مخصصا لراحته ليوم او يومين ويلتقي فيه باسرته كيف كان لقاؤه معكم ومانوع الحوارات التي تتم بينكم وبينه هل كان يحدث عن احواله ومعاناته مع المرض؟ ام كان يتحدث عن اعماله ورحلاته؟ ام كان يتحدث عن شؤون الاسرة واولاده وبناته واحفاده؟ وعلق الامير خالد بن سعود الفيصل: فيما يتعلق بسفراته كنا ننتظره حتى يأتي الينا ولم نكن نستطيع ملاحقته من دولة لاخرى او من عاصمة لاخرى ونحن الاولاد والبنات كنا ننتظر بشوق التقاءه في وقت تناول وجبة العشاء وهو الساعة الثامنة مساء وهذا الوقت الوحيد الذي نجتمع فيه معه في المنزل دون ان نذكر شيئا عن السياسة بالرغم من اننا نحاول ان نناقش بعض القضايا السياسية ونبدي فيها اراءنا ولكنه حريص الا نتناول القضايا السياسية لانه طول اليوم يتحدث في القضايا السياسية في الوزارة لذلك كان يتحدث معنا في امور الحياة الاخرى وكان يسأل مثلا عن القضايا الرياضية وعن الفريق الفائز والفريق الخاسر وبعض المواضيع التي يتم مناقشتها بعيدا عن السياسة، وبالنسبة لمعاملته لافراد اسرته الابناء والبنات هي نفس معاملته للموظفين في العمل كان صريحا وجادا ومهتما بشؤون الحياة الصغيرة والكبيرة ويهتم كذلك بقضايانا الشخصية ويضعها بالقرب من القضايا السياسية التي تشغل باله كثيرا وتأخذ كل وقته، وكان حريصا ان يعطينا من وقته وكنا نعتز بذلك ونحمد الله على انه اعطانا شيئا من وقته الثمين لاننا نعلم ان عمله مهم واكثر اهمية من اهتمامه بنا ولكنه بالرغم من ذلك كان حريصا على ان يلتقي بنا وان يتفقد احوالنا واحوال افراد الاسرة، وفي المنزل كان سموه خفيف الدم ويحب ان يمزح معنا ومع افراد الاسرة ويحاول ان يبعد الاسرة والعائلة جميعا من المواضيع المليئة بالهم . توثيق سيرة الفقيد ايمن الحماد: كثيرا ما نرى ان السياسة مهنة لا تجد لها محبين والسياسة لا تجذب محبين بل تأتي بكره الناس بعكس الامير سعود الفيصل حيث اتفق الناس على حبهم له ومؤخرا كان هناك منتدى مغردون وشارك فيها السفير اسامة النقلي ووجدنا فيه احتفاء كبيرا بسمو الامير سعود الفيصل من قبل ابناء الوطن واغلبهم شباب، ولكنني ارى ان ما يؤسف له ان تجربة الامير سعود الفيصل التي امتدت ل سنة لم يستطع ابناء الوطن ان يقرأوا تجربة الامير سعود الفيصل وهي سنة من الدبلوماسية وهي حق للشعب ان يقرأ تجربة رجل دولة بحجم الامير سعود الفيصل رحمه الله فهل هناك مشروع مثلا لسيرة ذاتية ليست بالضرورة ان تكون عميقة بل ان تكشف بعض ملامح هذه التجربة التجربة للامير سعود الفيصل؟ واجاب الامير خالد بن سعود: لا شك ان هناك اكثر من مشروع قام به مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث وكذلك المعهد الدبلوماسي باعداد مشروع عبارة عن فيلم وثائقي تحدث فيه كثير من زملاء العمل الدبلوماسي وبعض افراد العائلة وهناك كذلك فيلم وثائقي لسرد حياة الفقيد والمهم ان مركز الملك فيصل يقوم باعداد ارشيف كامل عن حياة الفقيد منذ صغره الى ان توفاه الله رحمه الله، وفي الحقيقة الفقيد كان يفكر ان يكتب سيرته الذاتية لذلك تقدم بالاستقالة اكثر من اربع مرات.. وفي الايام الاخيرة عندما تم تعيينه في الديوان الملكي قال اخيرا وجدت وقتا اقضيه مع اهلي وبالتالي اكتب كتابي ولكنه للاسف لم يستطع ان يبدأ كتابة سيرته الذاتية، والان مركز الملك فيصل يركز على اعداد ارشيف كامل عن حياته وقد يكون هذا الارشيف بداية لكتابة سيرته الذاتية. وعلق السفير اسامة نقلي على ذلك قائلا: ان الامير سعود الفيصل في حياته كان يرفض فكرة كتابة السيرة الذاتية بالرغم من اننا طلبنا منه وبالحاح وعلى كل المستويات وكان يرفض وبعد إلحاح شديد في احدى المرات وافق على مضض وبدأنا في كتابة مشروع السيرة الذاتية وعندما اكدنا له عزمنا على ذلك رفض وقرر وقف كتابة السيرة الذاتية، اما الكتاب الاخير الذي اراد سموه ان يكتبه ليس كتابا عن السيرة الذاتية وانما عبارة عن رؤيته للاحداث في اطار فلسفي سياسي تاريخي او من خلال السرد التاريخي للاحداث. مخرجات المؤتمر وفي سؤال حول مخرجات مؤتمر سعود الاوطان ورؤية الفقيد رحمه الله التي ستقدم من خلال كتاب وهل يمكن ان تقدم الى الجامعات؟ قال الامير خالد بن سعود: لا شك ان هذه المخرجات اضافة الى ما يصدر من كتاب عن رؤية الامير سعود الفيصل ستقدم الى الجامعات وان الهدف الاساسي هو ان يتم تقديم المخرجات الى الجامعات وكذلك حرصنا خلال اليومين الثاني والثالث على اشراك طلبة الجامعات في المحاور حيث تم تقديم الدعوات لهم للمشاركة في النقاشات. الفقيد داخل أسرته وفي مكتبه وتداخلت الزميلة اسمهان الغامدي: عرفنا الامير سعود الفيصل رحمه الله كشخصية سياسية ولكن نود ان نعرف شيئا من عاداته الاسرية وكيف كان يقضي يومه العائلي ؟ وأجاب الامير خالد بن سعود : فيما يتعلق بعاداته الاسرية كان اهم وقت نجتمع فيه معه هو وقت وجبة العشاء، اما عن تعامله مع الابناء والاحفاد فلم يكن يميل الى احد منا او الى احد الاحفاد بشكل واضح بل كان حريصا ان يعاملنا معاملة متساوية، ولم يكن لديه طعام خاص مختلف عن الاخرين. دروس في الدبلوماسية وتداخل الزميل عبدالله الحسني: ان ماذكر من مواقف وقصص ادارية للفقيد تدرس من حيث القيم والاخلاق والاخلاص في العمل فهل هناك فكرة لتوثيق هذه القصص حتى تكون دروسا في مجال الادارة والدبلوماسية فهو رحل وبقي هذا الارث حبيس الصدور والعقول وانه من حق الاجيال ان تتعلم قيم العمل والنبل واحترام الوقت عبر هذه القصص التي تستدعيها الذاكرة الان؟ وعلق الامير خالد بن سعود: باذن الله نحن نعمل على توثيق حياة الفقيد عبر فيلم وثائقي وارشيف ومثل هذا العمل يحتاج الى وقت لانه لم يمض عام على وفاته رحمه الله. وفي سؤال عن "مؤتمر سعود الاوطان" واهدافه ومحاوره وابرز الشخصيات المشاركة فيه، قال الامير خالد بن سعود: بالنسبة للمشاركين فهم شخصيات من جميع انحاء العالم والمدعوون حوالي شخص والمشاركون في الندوات حوالي شخص ومن ابرز القيادات الملك خوان كارلوس ووزراء خارجية دول مجلس التعاون، الرئيس الحريري والسنيورة من لبنان والسيد عمر موسى من مصر، اما فيما يتعلق بالمحاور فهي ذات المحاور التي ذكرت في المقدمة مثل القضية الفلسطينية وتحرير الكويت ومواقفه مع الدول العربية ودول مجلس التعاون. مواقف صحفية وتداخل الزميل سليمان العصيمي قائلا: اذكر مشاهد قصيرة سبق ان عايشتها مع سموه رحمه الله ففي احدى السنوات كنا في دولة تونس للمشاركة في مناسبة عربية وطلبنا موعدا مع الامير سعود الفيصل انا وزميلي محمد الجحلان رحمه الله حينما كان نائبا لرئيس تحرير جريدة «الرياض» حيث كنا في تلك المناسبة نمثل الصحافة السعودية وقد وافق ان يقابلنا وعلم عدد من الصحفيين بهذا الموعد وتوقعوا ان يكون هناك مؤتمر صحفي للامير سعود الفيصل وقابلوا المسؤولين عن المراسم في ذلك الوقت وقالوا لهم ان هذا لقاء خاص بجريدة «الرياض» فاصبح بعض الزملاء الصحفيين وقالت صحفية نريد فقط رؤية الامير سعود الفيصل ومصافحته وسمع سموه صوتها وطلب من السكرتير ان يسمحوا لها بالدخول وبالفعل دخلت وسألها ماذا تريدين قالت اريد ان اصافحك والتقط صورة معك فلبى طلبها وخرجت، وقصة اخرى وفي مناسبة اخرى في اليمن عندما ذهبنا في رحلة برفقة الامير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله وفي مدينة صنعاء كانت المسافة طويلة بين الصالة والطائرة وكانت الحالة المرضية بدأت تشتد لسمو الامير سعود الفيصل وكان متعبا جدا يسير على قدميه مترا ثم يجلس وطلب منه جميع الذين كانوا معنا من صحفيين وغيرهم ان يجلس ويبقى في مكانه حتى تحضر عربة الا انه اصر على ان يسير ويصل الى الموقع فهذه من المواقف التي شاهدتها عن قرب ومعي عدد خمسة او اربعة اشخاص ونطلب منه الجلوس الا انه واصل المسير الى ان وصل الى الطائرة واستقبل الامير سلطان، وموقف ثالث قبل وفاته بسنة ونصف تقريبا عندما طلب لقاء مع رؤساء التحرير وتشرفت بحضور اللقاء نيابة عن الاستاذ تركي السديري ودخل سموه علينا وهو في حالته المرضية وكنا جلوسا ومن المفترض لشخص مثله ان يجلس ونحن نقوم بالسلام عليه ولكن بالرغم من ذلك اصر على ان يسلم على كل الجالسين حول الطاولة فردا فردا من الزملاء رؤساء التحرير ومن ثم عاد الى الجلوس في المكان المخصص له، وكل ذلك يدل على ان الرجل بقامته واصالته ورجولته كان يتصف بالتواضع الجم والحرص كذلك على احترام الاخرين على مختلف مناصبهم ووظائفهم ومكانتهم. أكد أن الفيصل أحد رجالات الدولة الكبار الذين قدموا للوطن والأمة الكثير من التضحيات رئيس التحرير المكلف يستقبل ضيوف الندوة استقبل الزميل سليمان بن تركي العصيمي رئيس التحرير المكلف في مكتبه صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود الفيصل مستشار سمو رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث، والسفير علاء الدين العسكري وكيل وزارة الخارجية سابقا، والسفير أسامة نقلي رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية، لدى مشاركتهم في «ندوة الثلاثاء» التي تناولت جوانبا من حياة الفقيد الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السابق ومسيرته الدبلوماسية الحافلة بالعطاء والعمل. وأكد الزميل رئيس التحرير المكلف خلال اللقاء على ما يحظى به الفقيد سعود الفيصل من تقدير محلي وعربي وعالمي كواحد من رجالات الدولة العظماء الذين لهم تاريخ طويل في السياسة إضافة إلى كونه أقدم وزير خارجية في العالم، مؤكدا أن الفقيد أعطى لوطنه وأمته الشيء الكثير ويستحق من الجميع صادق الدعوات وأن تحفظ سيرته الثرية وتوثق ويستفاد منها للأجيال المقبلة. وأثنى ضيوف الندوة على مبادرة «الرياض» في عقد هذه الندوة تزامنا مع المؤتمر الدولي «سعود الأوطان» لإبراز جزء من الجوانب المضيئة في حياة الامير الراحل. «الوجه الآخر» لسعود الفيصل..! علق السفير علاء الدين العسكري على ما ذكره الامير خالد بن سعود الفيصل قائلا: تعقيبا على ما ذكره الامير خالد، فالامير سعود كان يتصف بصفة الاستماع للمتحدث سواء كان في عمله او في بيته مع الاسرة حيث سبق لي ان حضرت معه عدة مناسبات ويكون فيها مستمعا اكثر من كونه متحدثا ومتكلما ويعطيك فرصة لتتكلم الى ان تنهي كلامك بدون ان يقاطعك ولم يحدث ان رأيته يقاطع شخصا يتكلم امامه. وأضاف السفير أسامة نقلي: إضافة الى ما ذكر فانني اذكر انه في إحدى المرات كان هناك برنامج تلفزيوني اسمه "الوجه الآخر" وطلب مني المسؤولون عن البرنامج استضافة الامير سعود الفيصل في هذا البرنامج، وأبلغته بذلك وان البرنامج بعنوان "الوجه الآخر للمسؤول" ورد علي سموه قائلا: انا ليس لدي الا وجه واحد، وبالفعل انه لم يكن يتعامل الا بوجه واحد حتى توفاه الله، وعندما تعيش وتتعامل مع سعود الفيصل في عمله هو نفس سعود الفيصل امام الكاميرات وليست له شخصية اخرى غير الشخصية التي يعرفها الناس عنه. تقدير قادة العالم للفيصل.. وقصة الزعيم الذي كسر البروتوكول أكد السفير علاء الدين العسكري على تقدير قادة العالم للامير سعود الفيصل رحمه الله، وقال: انا شخصيا تشرفت بمرافقة الفقيد لفترة طويلة من الزمن والتقينا بالعديد من قادة وزعماء دول العالم وبالعديد من وزراء خارجية العالم وقد كنت استشعر هذا الاحترام والتقدير الكبير الذي يكنه قادة وزراء العالم للامير سعود الفيصل رحمه الله الى درجة ان بروتوكولات استقبال سموه تختلف عن بروتوكولات استقبال وزراء الخارجية الاخرين ولا تستغرب حينما تجد زعيما من زعماء العالم يقف في الباب لاستقبال الامير سعود الفيصل ومن ضمن تلك المواقف التي لاحظتها في زعيم من الزعماء الدوليين عندما زرناه في مكتبه وهو يعد من الزعامات الكبيرة حيث جرت العادة دائما بروتوكوليا ان يكون الكرسي الذي يقع على اليمين خاصا بالزعيم او الرئيس والكرسي الذي يقع على يساره يجلس فيه دائما الشخص الاقل وعندما زرنا هذا الزعيم في مكتبه وقفنا حوالي خمس دقائق والرئيس يجر الامير سعود وباصرار على ان يجلس في مقعده وهو يجلس على يمين الامير سعود ورفض الامير سعود هذا الطلب وقال له ان ذلك مخالف للبروتوكولات فقال الرئيس اذن سنتحدث واقفين اذا لم تجلس وفي نهاية الامر جلس الامير سعود على مقعد الرئيس وجلس الرئيس على يمين الامير سعود الفيصل رحمه الله. عندما يغضب سعود الفيصل..! تميز الأمير سعود الفيصل رحمه الله بالعديد من الصفات التي تفرد بها عن غيره كالوضوح والرزانة ووضع الأمور في إطارها الصحيح رغم ان الساسة دائما يحيط مواقفهم كثير من الغموض بعكس الفقيد الذي تميز بنهج سياسي ودبلوماسي فريد من نوعه وهو الوضوح في كل المواقف مهما كلفه ذلك. وعلق على ذلك السفير علاء الدين العسكري: في الواقع ان الذي كنت ألاحظه خلال عملي وتنقلاتي مع سموه على مدى عاما لم ار الأمير سعود الفيصل يفقد السيطرة على أعصابه أو يرفع صوته بل كان يحرص على معالجة الأمور والقضايا بهدوء تام وبمنتهى الرزانة ولا ينطق بكلمة نابية وطيلة عملنا معه لم نشاهده يرفع صوته ويوبخ موظفا حتى ولو اخطأ بل نظرة منه تكفي حيث كان رحمه الله يعاملنا كأبنائه لا كموظفين. وأضاف السفير أسامة نقلي: ان اقصى ما يمكن ان يقوله سموه للتعبير عن استنكاره أو غضبه من تصرف ما (الله يهديك) وهذه العبارة تعد أكبر توبيخ يخرج من سموه رحمه الله وهذه كانت تدخل ضمن معالجته للأمور الدولية، اذ كان يحرص الا يشعر الجانب الاخر انه يتدخل في شؤونهم الداخلية انما كان يطرح القضية مع مراعاة مصلحة الجانب الاخر وليس من اجل تحقيق مآرب شخصية. واستطرد السفير نقلي قائلا: الذاكرة تستدعي بعضها واذكر مرة اننا كنا نناقش ما جاء عبر وسائل التواصل مثل تويتر والفيسبوك وكنت اعد ما يقال ومن ضمنها كانت هناك نكتة متداولة في موضوع الخطأ في توقيع اسم سموه بدلا من سعود الفيصل جاء سعود الفيل وكيف مر الخطأ الى ان وصل الى كذا وحينما قرأت عليه النكتة لم يبتسم لها الأمير سعود وامتعض اشد الامتعاض وشعر بانزعاج قوي ونظر الي بنوع من الاسى والحزن كيف يصدر مني هذا الكلام؟! اتصالات الرابعة فجراً..! بالحديث عن اسلوب الفقيد في العمل داخل مكتبه، علق السفير اسامة نقلي قائلا: طيلة الفترة التي عملت فيها معه الى ان توفاه الله لم تكن له عادات مكتبية محددة وخلال ساعة لا يتوقف عن العمل بل كان العمل يطارده وعندما كان يحضر الى المكتب يدخل مباشرة في اجتماعات مبرمجة، اما اجتماعات خارجية او اجتماعات مع وزراء خارجية او اجتماعات مع مسؤولي وزارة الخارجية، ولا ابالغ ابدا عندما اقول لكم انه كان يعمل طوال الساعات الاربع وعشرين حيث كنت اتلقى منه مكالمات طوال الوقت الساعة الثانية او الثالثة صباحا او الرابعة صباحا وكان لا يدخل في الموضوع مباشرة؛ لانه يعرف انني مستيقظ من النوم بل يداعبنا ببعض الكلمات الجميلة كنوع من الاعتذار يقول مثلا (متى الفجر يؤذن؟) ثم يقول ما دام صحيتك صل ركعتين قبل الفجر وبالمرة شوف الموضوع كذا وكذا.. وهذا كان اسلوبه مع الكل وليس معي فقط رحمه الله وكان رحمه الله لطيفا مع الكل واحيانا يتصل الساعة الثالثة صباحا ويقول: (انا صحوني من اليوم ومالقيت غيرك اصحيه) كنوع من المداعبة. وأضاف: في إحدى المرات اتصل الساعة صباحا حيث كتب احد الصحفيين مقالا انتقدني فيه شخصيا وذكر أن مدير الادارة الاعلامية لم يقم بعمله كما يجب وانا المسؤول عن الادارة الاعلامية في الوزارة وكان ذلك يوم الخميس عندما كانت الاجازة الاسبوعية يومي الخميس والجمعة وقد اتصل سمو الامير سعود الفيصل الساعة صباحا وايقظني من النوم وقال لي: "الاعلام كله قايم عليك وحضرتك نايم؟!! "، وقال لي اقرأ الصحيفة الفلانية وانظر ماذا كتبوا عنك. وتداخل الامير خالد بن سعود: من اهم صفاته الشخصية اهتمامه الشديد بالوقت وليس في مجال العمل بل في جميع حياته الشخصية فمثلا كان حريصا على وقت العشاء من الساعة - ، لا يزيد على ذلك مهما كانت الظروف، وكان كذلك يهتم بممارسة الرياضة بشكل يومي خصوصا في السنوات العشر الاخيرة بسبب حالته المرضية. واجه المرض بنفس الهمة والمسؤولية..وطلب إعفاءه أربع مرات! وفي سؤال للامير خالد بن سعود حول ملازمته الفقيد في سنواته الاخيرة في رحلات العلاج وكيف كان يتغلب على معاناة المرض في سنوات عمره الاخيرة وماذا كان يشغل بال الفقيد خلال رحلاته العلاجية، قال سموه: في الحقيقة انه كان يواجه المرض بنفس الهمة التي كان يواجه بها مسؤوليته وبنفس القوة وكان يشغل باله جميع القضايا التي تعاني منها الامة العربية ولم يكن يكثر الكلام عن مرضه ولم يكن كذلك يشغل باله بالمرض ولا بحالته النفسية والجسدية بل اهم شيء كان يهتم به هي قضايا الامتين الاسلامية والعربية ولم يتخل عن هذه القضايا في أي وقت من الاوقات الى آخر يوم في حياته. وفي سؤال عن المواقف الشخصية التي كانت للفقيد مع قادة المملكة خصوصا خلال رحلات العلاج وطلبه اعفائه من العمل كوزير للخارجية خلال مرضه، اجاب الامير خالد: اعتقد انه طلب اعفاءه من العمل اكثر من اربع مرات خلال مرضه وتم رفض طلبه وبالرغم انه والدنا فاننا لم نكن نجلس معه كثيرا. موقف الفقيد مع الرئيس بوتين في مؤتمر شرم الشيخ تحدث السفير أسامة نقلي عن موقف من مواقف الامير سعود الفيصل في مؤتمر شرم الشيخ، وقال: كنت ضمن الوفد الحاضر في ذلك المؤتمر وكان الموقف يتعلق بتلك الكلمة الشهيرة التي القاها سموه بشكل ارتجالي ردا على رسالة الرئيس الروسي بوتين ومن المعروف ان الامير سعود عادة لا يذهب الى اي مؤتمر او منتدى الا بعد اعداد الموضوع الذي يريد الحديث فيه وتمحيصه ودراسته وان يكون مغطيا لجميع المواقف الا انه في ذلك المؤتمر ارتجل حديثه ويبدو ان له من ذلك هدفين الهدف الاول هو ابراز موقف المملكة والعالم تجاه القضية السورية بقوة وخصوصا تجاه التدخلات الدولية في سورية والهدف الثاني الذي اعتقد انه غاب عن الكثيرين واحسست بهذا الموقف بالرغم ان الامير سعود لم يفصح عنه وهو ان البيان الختامي للمؤتمر كان ضعيفا في تناول الازمة السورية لذلك عندما جاءت كلمة سمو الامير سعود رحمه الله القوية على شاشات التلفزة العالمية اعادت القضية السورية الى مقدمة القضايا التي كان يبحثها المؤتمر. المشاركون في الندوة

مشاركة :