عاود الاحتلال الإسرائيلي اقتحام خان يونس، وأمر نصف سكانها بمغادرة مناطقهم المصنّفة آمنة، في وقت أعاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اللعب بورقة التفاوض مع «حماس» قبل مغادرته إلى واشنطن في أول رحلة خارجية منذ بدء العدوان. مع دخول حرب غزة، التي تتطاير شظاياها إقليمياً باتجاه اليمن ولبنان على وجه الخصوص، يومها الـ 290، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عملية كبيرة في خان يونس، وأمر سكان نصف مناطق المدينة الواقعة بجنوب القطاع بالإخلاء أمس. وطلب الجيش من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الشرقية من خان يونس، والتوجه إلى منطقة المواصي، تمهيداً لشنّ العملية، زاعماً أن الأحياء التي أمر بالنزوح منها كانت مصنّفة على أنها منطقة آمنة، لكنّ الفصائل المسلحة استخدمتها لإطلاق صواريخ باتجاه البلدات والمستوطنات الإسرائيلية. وتزامن ذلك مع مواصلة الجيش الإسرائيلي عمليات القصف الجوي والبري لعموم مناطق القطاع، وسط اشتباكات مع عناصر «حماس»، التي طالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة «التحرك العاجل لوقف مسلسل القتل الصهيوني الممنهج ضد المدنيين». وتسبب القصف الإسرائيلي في مقتل 101، من بينهم 37 قرب خان يونس خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وبذلك ارتفع عدد ضحايا الحرب إلى 39 ألفاً و6 فلسطينيين و89 ألفاً و818 إصابة منذ 7 أكتوبر الماضي. وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل شخص يحمل جواز سفر كندياً حاول تنفيذ عملية طعن وهاجم حارس أمن وهو يصرخ «فلسطين حرة» في مستوطنة نتيف هاعسارا بغلاف غزة، شرعت سلطات الاحتلال بهدم منازل ومنشآت تجارية، في بلدة عناتا شرق القدس وفي الضفة الغربية. مغادرة وتفاوض وجاء التصعيد الميداني الكبير عقب ساعات من مغادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تل أبيب، متوجهاً إلى واشنطن في أول زيارة خارجية منذ بدء الحرب. وقبل مغادرته، وصف نتنياهو زيارته إلى الولايات المتحدة بأنها «مهمة جداً»، في مرحلة تشهد حالة من عدم اليقين السياسي الكبير»، وسط الضغوط الأميركية بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف الحرق التي تسببت في مقتل آلاف المدنيين. وقال إنه في خطابه المرتقب أمام «الكونغرس» الأميركي سيسعى إلى ترسيخ دعم الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة المهم للغاية لإسرائيل. وأضاف: «سأقول لأصدقائي في الجانبين إنه بغضّ النظر عمّن يختاره الشعب الأميركي رئيساً، فإن إسرائيل ستبقى الحليف القوي الذي لا غنى عنه للولايات المتحدة في الشرق الأوسط». وليل الأحد ـ الاثنين، أوعز نتنياهو بإرسال فريق تفاوض بعد غد الخميس، إلى قطر، لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار، وسط توقعات بأن تسفر هذه الجولة من المفاوضات عن التوصل إلى صفقة، خصوصاً أن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، كان قد قال إن «هناك انخفاضاً كبيراً في الخلافات مع حماس بشأن اتفاق تبادل المحتجزين»، مرجّحاً أن يجري التوصل إلى صفقة خلال الأسبوعين المقبلين. جاء ذلك في وقت أعلن منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين مقتل 2 منهم خلال احتجازهما لدى «حماس»، مؤكداً أن مقتلهما يمثّل «تذكيراً صارخاً بالحاجة الملحّة» لإبرام صفقة لإعادة بقية المحتجزين بالقطاع. تحذير السنوار في سياق قريب، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر معلومات تفيد بأن زعيم «حماس» بغزة، يحيى السنوار، بعث برسالة سرية إلى قادة تل أبيب قبل أسابيع قليلة من شن هجوم «طوفان الأقصى»، محذّراً إياهم بشكل غامض من توقّع تصعيد مرتبط بالفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيليية وفي قضية الأسرى الإسرائيليين. وأشارت المعلومات إلى أن القلائل من كبار القادة الذين رأوا الرسالة «لم يتمكنوا من تفسيرها وما زالوا غير قادرين على ذلك»، فيما ذكرت القناة 12 العبرية أن الرسالة سلّطت الضوء دراماتيكياً على أحداث «7 أكتوبر»، ووصفتها بأنها «ليست أقل من تاريخية في إدراك متأخر» للفاجعة التي أصيبت بها إسرائيل. ولفتت إلى أن الرسالة وضعت بـ «أرشيف السجلات» على أنها مرتبطة بالمعتقلين والأسرى الإسرائيليين لدى الحركة قبل الهجوم الواسع الذي شمل 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة، وتضمن أسر واختطاف نحو 250 إسرائيلياً. دعم روسي في هذه الأثناء، أكد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ضرورة وقف العدوان فوراً، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل مناطق غزة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع. وشدد عباس، خلال استقباله أمس بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، مبعوث وزير الخارجية الروسي الخاص للشرق الأوسط، فلاديمير سافرونكوف، على ضرورة وقف «الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية، وتنفيذ حل سياسي وفق حل الدولتين القائم على قرارات الشرعية الدولية». وأشار إلى أهمية الدعم الروسي لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. بدوره، أكد المبعوث الروسي مواقف روسيا الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال. مصالحة الصين وعلى صعيد محاولة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي للتعامل مع مرحلة مع بعد حرب غزة، تواصل لقاء وفدَي «حماس» و«فتح» لليوم الثاني على التوالي في العاصمة بكين، تلبية لدعوة من الصين، في محاولة لإنهاء الانقسام بين الفصيلين الرئيسيين. ويترأس وفد «حماس» عضو المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق، فيما يترأس وفد «فتح» نائب رئيس الحركة، محمود العالول، بمشاركة عضوي اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، وسمير الرفاعي. إلى ذلك، ندد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بإطلاق قوات إسرائيلية النار على قافلة إغاثة تابعة لوكالة أونروا في غزة، ووصف ما حدث بأنه «جريمة حرب»، مؤكداً أن «القطاع لم يصبح مقبرة للأطفال فحسب، بل أصبح مقبرة للقانوني والدولي، ووصمة عار على جبين النظام الدولي برمّته».
مشاركة :