تسعى السعودية من خلال البرنامج الوطني للمعادن، الذي أقر أخيرا، إلى تعزيز استمرار سلاسل الإمدادات في ظل تنفيذ مشاريع كبرى، وحصر الاحتياجات المحلية من المعادن بشكل دائم، بحسب ما أكده لـ"الاقتصادية" المهندس خالد المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين. يقدم البرنامج الدعم الفني والمالي والدبلوماسي اللازم للقطاع الخاص للاستثمار خارج البلاد بهدف توفير المواد الخام وضمان استمراريتها للصناعات المحلية، وفقا للمديفر. قال المديفر إن من أبرز مهام البرنامج تحليل مؤشرات العرض والطلب العالمي، مع وضع خطط إستراتيجية لتأمين هذه الاحتياجات. السعودية تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لقطاع المعادن، مستفيدة من نمو اقتصاد ثرواتها المعدنية، التي تضاعفت قيمتها أخيرا لتصل إلى أكثر من 9.3 تريليون ريال. البرنامج الوطني للمعادن الذي أعلن تأسيسه من مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، سيعني بكفاءة وكفاية سلاسل الإمداد للمعادن الحالية والمستقبلية، ويكون مرتبطا بوزارة الصناعة والثروة المعدنية. جاء البرنامج في إطار جهود تعظيم القيمة المتحققة من قطاع التعدين، وتعزيز استمرارية سلاسل إمداد المعادن على المستوى الإقليمي والعالمي. قال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، إن المعادن تدخل في عديد من الصناعات المتنوعة والمشاريع الكبرى، الذي لا بد من استقرار سلاسل الإمداد فيها، والتأكد من تعزيز استمراريتها. المديفر لفت، إلى أن هناك جهود كبيرة في السعودية، ومن هذا الاهتمام تم العمل على كيفية تأمين سلاسل إمداد المعادن التي تكمن في أول خطوة بتأسيس شركة منارة للاستثمار التعديني التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة مع معادن للاستثمار في الخارج للتعدين لتلبية احتياجات السعودية. البرنامج سيعمل على تنسيق الجهود والأدوار المعروفة لكل جهة مشاركة، في حين ستعمل الوزارة على تجهيز اللوائح والأنظمة وتعيين القيادات، وكذلك العمل على عقد الاتفاقيات بين السعودية والدول الأخرى في هذا الشأن، بحسب المديفر. كانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، قد أطلقت مبادرة حاضنة الاستكشاف "نُثري" لتمكين المستكشفين الناشئين في قطاع الاستكشاف التعديني من الأفراد والشركات المحلية، بهدف الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية بالسعودية في أكثر من 5300 موقع. وأكد المديفر أن الطلب العالمي على المعادن في ازدياد كبير بسبب التغير والانتقال للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والبطاريات، مبينا أن هناك معادن متركزة بشكل كبير في مناطق محددة من الدول لديها ما يزيد عن 70 % و 90 % في دولة واحدة، حيث إن أي تحدٍ تواجهه سلاسل الإمداد سيكون تحديا للصناعات المحلية كذلك. أشار نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين إلى أن كثيرا من دول مجموعة العشرين بدأت تعمل على إستراتيجيات لسلاسل الإمداد، إذ إن الاقتصادات الكبرى تتطلب استمراريتها بشكل مستمر لتحقيق أهدافها. وأضاف أن قوة الاقتصاد السعودي ونموه بشكل كبير يتطلب ضمان أمن سلاسل الإمدادات وخاصة المعادن التي تعد أساسية في تنفيذ المشاريع الكبرى، حيث تعد السعودية رابع أكبر دولة في العالم لاستيراد المعادن نظير الاستهلاك في تلك المشاريع. ومع إستراتيجية الصناعة الجديدة في ظل تنفيذ مشاريع كبرى، سيكون الطلب السعودي أكبر بكثير مما هو عليه الآن، وعليه يجب التأكد من توافر المعادن المرتبطة بالمشاريع الكبرى مثل الحديد والنحاس وغيرهما، بحسب المديفر. فازت أخيرا 6 شركات في الجولة الخامسة للمنافسات التعدينية للحصول على رخص الكشف في 6 مواقع تحتوي على عدد من خامات معادن الأساس والمعادن الثمينة مثل الذهب، والفضة، والزنك، والنحاس، وذلك في عدد من مناطق السعودية. بدوره، أكد لـ "الاقتصادية" إبراهيم ناظر، رئيس اللجنة الوطنية للتعدين سابقا باتحاد الغرف السعودية، أن البرنامج الوطني للمعادن سيضمن تفعيل وتوحيد الدور الحيوي الذي يقوم به القطاع، ولا سيما في ظل زيادة الطلب الكبير على المعادن الخضراء، للحصول على الطاقة النظيفة. وأشار ناظر إلى أن قطاع التعدين يقوم بدور جوهري في تعظيم الأثر على الناتج المحلي الإجمالي، ورفع نسبة المحتوى المحلي للقطاعات غير النفطية، وتحسين ميزان المدفوعات التجاري. الأهداف غير المباشرة للقطاع بحسب ناظر تتمثل في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير احتياجات القطاعات الأخرى المتنامية من الإمدادات الصناعية، وتطوير العلاقات مع الشركاء العالميين. فيما اقترح محمد آل دليم، رئيس مجلس الأعمال السعودي الكندي، وعضو اللجنة الوطنية للتعدين، إنشاء هيئة عليا لتنظيم قطاع التعدين أو تفعيل دور المجلس التعديني الذي تم إنشائه مع إضافة الجهات الحكومية ذات العلاقة لإعداد إستراتيجية وطنية شاملة، مع أهمية التنسيق بين الجهات المعنية بالقطاع ومنحها صلاحية وضع السياسات العامة، وجذب الاستثمارات. ونوه بأهمية وجود إستراتيجية للبرنامج تقوم مبدئيا على الاستثمار في قطاعات خام الحديد والنحاس والنيكل والليثيوم، لسيسهم ذلك في ضمان أمن إمدادات المعادن المحلية ووضع السعودية كشريك رئيس في سلسلة التوريد العالمية. السعودية أقرت حزمة حوافز تتضمن تسهيلات مالية للشركات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار في أنشطة استكشاف الموارد المعدنية في السعودية بهدف دعم الشركات الحاصلة على رخص كشف سارية لأقل من 5 سنوات بقيمة تصل إلى 7.5 مليون ريال كحد أقصى لكل رخصة، كما يقدم صندوق التنمية الصناعية السعودي ما يصل إلى 75 % من تكاليف مشاريع الاستكشاف والتعدين المؤهلة.
مشاركة :