الأدوية طريقة علاج سهلة على الجميع، فما إن تتناول قرص الدواء إلاّ ويبدأ مفعوله في فترةٍ وجيزة، لكن قد يحتاج بعض الرجال إلى تناول الأدوية فترةً من الوقت، وبعضها يُقلِّل عدد الحيوانات المنوية ويُضعِف الخصوبة، مثل بعض أدوية ضغط الدم أو حتى المُسكّنات، فما أبرز تلك الأدوية وهل يمكن الحفاظ على خصوبتك رغم تناولها؟ كثيرةٌ هي الأمور المُؤثِّرة في خصوبة الرجل وعدد الحيوانات المنوية لديه، مثل الوزن أو التدخين، أو العوامل الوراثية، أو تناول بعض الأدوية. وقد تُؤثِّر بعض الأدوية في خصوبة الرجال من خلال تقليل عدد الحيوانات المنوية، أو التأثير في طريقة عمل الحيوانات المنوية، ما يرتد سلبًا على الخصوبة بنهاية المطاف. فمثلًا إذا كان عدد الحيوانات المنوية أقل من المُعدّل الطبيعي، فقد لا يُوجَد منها ما هو كافٍ لتخصيب البويضة، ومِنْ ثَمّ الإنجاب، كما أنّ الحيوانات المنوية لو لم تكُن قادرة على الحركة بطريقةٍ طبيعية، فقد يكون الإنجاب عسيرًا أيضًا. لكن مدى تأثير الأدوية في الحيوانات المنوية مُعتمِد على فترة استخدامها، وعمومًا لا يُتوقّع أن يكون هناك تغيير لمدة 2 - 3 أشهر على الأقل بعد التوقف عن تناول الدواء، لأنّ تلك المدة هي ما يستغرقه الحيوان المنوي كي ينضج ويكتمل نموه ويكون جاهزًا لتخصيب البويضة. جديرٌ بالذكر أيضًا أنّ بعض الأدوية قد تُؤثِّر في إنتاج الحيوانات المنوية من منبعها ابتداءً؛ ما يعني ضعف إنتاجها أو ربّما لا يُنتِجها الجسم على الإطلاق. كما قد يستغرق الجسم فترة أطول كي يستعيد القدرة الطبيعية على إنتاج الحيوانات المنوية مع تناول بعض الأدوية، مثل التستوستيرون، فقد يُحدِث تأثيرات تدوم فترة طويلة، يتطلّب التغلّب عليها شهورًا أو حتى سنوات. تشمل أشهر الأدوية التي قد تُقلِّل عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال: أظهرت دراسةٌ عام 2018 أنّ من يتناولون 1,200 مغم من إيبوبروفين أدّى إلى تطوّر حالة هرمونية؛ سبَّبت انخفاض الخصوبة، وقد وجد الباحثون أدلّة على ذلك بحلول اليوم الرابع عشر "14" منذ تناول إيبوبروفين يوميًا. وكانت أقصى مُدّة تناول خلالها المشاركون الدواء 44 يومًا، وليس واضحًا ما إذا كان الأشخاص الذين يتناولون جرعات أقل من إيبوبروفين يشتركون في خطر تأثُّر خصوبتهم أم لا. كما لا يُعلَم ما إذا كان بالإمكان عكْس تلك التأثيرات السلبية للخصوبة الناجمة عن تناول الدواء لفترة طويلة، لكن حسب الدراسة فإنّ تلك التأثيرات تزول مع التوقف عن استخدام الدواء بعد تناوله لفترةٍ قصيرة. ليست الأعشاب آمنة كما تعتقد، خاصةً أنَّ كثيرًا منها لا يخضع لاختبارات علمية تُوضِّح فوائدها الحقيقية وآثارها الجانبية، كما يجب توخّي الحذر عند تناول المكملات الطبيعية والعشبية التي تحتوي على هرمون التستوستيرون أو التي تُعزِّز مستوياته، لأنّها قد تُقلِّل عدد الحيوانات المنوية. قد يُوقِف التستوستيرون إنتاج الحيوانات المنوية تمامًا، بل إنّ ضرره خطير عليها، فقد أطلقت عليه المجلة العالمية لصحة الرجال "World Journal of Men's Health" "وسيلة منع حمل". فالحصول على هرمون التستوستيرون بأي صورةٍ كانت مُضعِف لإنتاج الحيوانات المنوية، بل قد يُوقِفه، خاصةً الرياضيين الذين يتلقّون هذا الهرمون في صورة مكملات أو حقن. فالتستوسترون الخارجي يُضعِف إنتاج هرمون التستوستيرون طبيعيًا داخل الجسم، المسؤول عن إنتاج الحيوانات المنوية، وربّما يستغرق جسمك سنوات إلى أن يستأنف إنتاج الحيوانات المنوية بعد التوقف عن الحصول على التستوستيرون كما ذُكر آنفًا. قد تُؤثِّر بعض أدوية ضغط الدم؛ تحديدًا حاصرات قنوات الكالسيوم، مثل فيراباميل، في إنتاج الحيوانات المنوية، وذلك إلى جانب تأثيرها في الرغبة الجنسية للرجل وكذلك الانتصاب. وحسب المجلة العالمية لصحة الرجال، فإنَّ بعض أدوية ضغط الدم قد ارتبطت بتقليل حجم السائل المنوي، وتركيز الحيوانات المنوية وحركتها. قد تؤثر بعض المضادات الحيوية في إنتاج الحيوانات المنوية، فمثلًا "كيتوكونازول" مضاد حيوي مُقاوِم للفطريات يُؤثِّر سلبًا في إنتاج التستوستيرون ومِنْ ثَمّ الحيوانات المنوية، كما قد يكون للمضادات الحيوية الأخرى تأثيرات خفيفة على إنتاج الحيوانات المنوية. لكن قد يكون تناول المضادات الحيوية ضروريًّا للحفاظ على صحة الحيوانات المنوية، فلو كُنت تُعانِي ارتفاع درجة الحرارة نتيجة عدوى بكتيرية، فأمثل طريقة للقضاء عليها بالحصول على مضادات حيوية؛ إذ الحرارة العالية تُضعِف إنتاج الحيوانات المنوية في الخصيتين، بما قد يصل إلى شهرين، وهنا تكون المضادات الحيوية ضرورية للقضاء على السبب الجذري لتلك الحمى إلى جانب الأدوية الخافضة للحرارة وغيرها. قد تحمل أدوية الاكتئاب - تحديدًا مُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية "SSRI"، مثل فلوكسيتين - آثارًا سلبية على خصوبتك، خاصةً مع تناولها لفترةٍ طويلة. فحسب بحثٍ نُشِر عام 2022 في "Frontiers Pharmacology"، فإنَّ مضادات الاكتئاب قد تُقلِّل إنتاج الحيوانات المنوية، وتُضعِف حركتها، وتخفض أعدادها. بل قد يمتد أثر تلك الأدوية ليُؤثِّر سلبًا في رغبة الرجل. أيضًا قد تضر أدوية البروستاتا خصوبتك، لكن تلك الأدوية ليست نوعًا واحدًا، فالأول حاصرات ألفا، مثل تامسولوسين، الذي يساعد على تخفيف أعراض التبول المصاحبة لتضخم البروستاتا. لكنّه قد يُؤدِّي إلى نقصٍ حاد في حجم السائل المنوي المقذوف، أو ربّما يُثبِّط القذف تمامًا، حسب ما ذكره "Cleveland Clinic". أيضًا تُوجَد فئة أخرى من أدوية البروستاتا؛ مثُبِّطات مختزلة الألفا 5- قد تُستخدَم أحيانًا لتساقط الشعر أيضًا- لكن تأثيرها على الخصوبة خفيف ومؤقت؛ إذ يستعيد الجسم طبيعته بعد التوقف عن تناولها، لكن في أثناء تناولها قد يكون الإنجاب أمرًا صعبًا، فقد تخفض حجم السائل المنوي، وكذا عدد الحيوانات المنوية. وما يقرب من 5% من الرجال الذين يتناولون تلك الأدوية سيشهدون انخفاض عدد الحيوانات المنوية لديهم، لذا يجب استشارة الطبيب حال مواجهة صعوبة في الإنجاب مع تناول تلك الأدوية. أدوية تُستخدَم في علاج السرطان أو منع تفاقمه من خلال قتل الخلايا السرطانية، فهي تستهدف الخلايا سريعة الانقسام في الجسم، وعلى رأسها الخلايا السرطانية، لكنّها قد تستهدف أيضًا خلايا الحيوانات المنوية، ومِنْ ثَمّ قد يُعانِي بعض الناس انعدام الحيوانات المنوية في السائل المقذوف بعد العلاج الكيميائي. وقد تعود الخصوبة بعد مرور 1 - 5 سنوات من التوقف عن العلاج الكيميائي، حسب جمعية السرطان الأمريكية "American Cancer Society". قد يكون تناول بعض الأدوية ضروريًّا لعلاج أمراضٍ ما أو الوقاية منها، ومع ذلك فليس من الممكن تلاشي ضررها على الحيوانات المنوية، ومِنْ ثَمّ لا ينبغي اتخاذ أي إجراءٍ بشأن ذلك الدواء دون استشارة الطبيب أولًا: ولا ينبغي التوقف عن تناول أي دواءٍ وصفه لك الطبيب - حتى لو أثّر على خصوبتك - دون الرجوع إليه أولًا، فقد تكون هذه الأدوية الطريقة الوحيدة للحفاظ على حياتك وحمايتك من خطر الأمراض. كذلك ينبغي استبعاد الأسباب الأخرى لضعف الخصوبة، فقد لا تكون بسبب الأدوية، بل عادات أخرى كالتدخين أو قد يكون بسبب بعض الأمراض المزمنة التي تتلقّى لها علاجًا بالفعل. كيف تؤثر الأدوية في خصوبة الرجال؟ أشهر الأدوية التي تقلل عدد الحيوانات المنوية نصائح للحفاظ على خصوبتك رغم الأدوية
مشاركة :