رندة تقي الدين: تحصين وحواجز باريس عشية الألعاب الأولمبية

  • 7/23/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ حوالي اكثر من أسبوع تحولت العاصمة الفرنسية الى سجن واسع للمقيمين فيها والذين لم يغادروا العاصمة قبل افتتاح الألعاب الأولمبية مساء الجمعة المقبل. وسط العاصمة وأهم الشوارع فيها مغلقة للسيارات بالحواجز الحديدية وعددها ٤٤٠٠٠ مع انتشار أكثر من ٤٠٠٠٠ شرطي مدعومين من قوات أمنية من قطر والإمارات لضمان وحماية أمن الرياضيين ومراكز المباراة. تتخوف السلطات الفرنسية من عمليات إرهابية خصوصا بحضور الرئيس الإسرائيلي هيرزوغ ومشاركة رياضيي إسرائيل إضافة إلى إقامة ذكرى للرياضيين الإسرائيليين الذين قتلوا في ميونيخ. فالسائح الذي يزور العاصمة الفرنسية لا يستطيع ان يرى كل معالم جمال مدينة النور إما لأنها مغطاة بالمدارج لاستقبال المشاهدين مثل ساحة لا كونكورد وباحة لي زانفليد Invalides. من يعيش في العاصمة وهو يقود سيارة يكاد يعتقد ان السلطات الفرنسية تختبر خلال أسابيع من هذه الألعاب منع التجول الذي يفرض في وقت الحروب. كان المفروض ان تكون هذه الألعاب مناسبة عيد فرح لكن العاصمة أصبحت محصنة كـ fort knox حسب صحيفة لو فيغارو. التجار الصغار والمطاعم يتذمرون من وضع أساء لهم إذ أن حجوزات الزبائن ألغيت وأصبحوا يتكبدون خسائر من جراء هذه الإجراءات الصارمة. ارتفعت كلفة النقل العام المتاح مع بعض خطوط المترو الباريسي التي أوقفت واتجاه الباصات تغير أو ألغي. أما سماء باريس فهي باستمرار مراقبة من طوافات وطائرات مكافحة للدرونز. واقع الحال ان سكان باريس الذين لم يغادروا المدينة في هذه الفترة يعتقدون انهم في حصار، فلقد أعطت سلطات المدينة لمطالبي التنقل نوع من اذن مرور لمناطق صنفت بالأحمر التي هي خارج أماكن الألعاب، اما المناطق التي صنفت بالرمادي حيث تقام فيها الألعاب فتحتاج إلى إذن مرور خاص واستثنائي. اما أسعار بطاقات الألعاب الباهظة فهي رادع حقيقي للشخص العادي تبدأ من مستوى ٩٠٠ الى ١٠٠٠ يورو الى اكثر بكثير حسب الألعاب والمحلات. انها فعلا ليست العاب للشعب الذي عليه ان ينظر اليها على شاشات التلفزيون لعدم التمكن من دفع مبالغ باهظة لهذه الألعاب. كان ينبغي ان تستضيف فرنسا الألعاب في مكان ليس في وسط البلد لان الخسائر كبرى. فحسب الإحصاءات رقم السواح اقل بكثير مما كان متوقعا واعمال المحلات والمطاعم تراجعت حسب رئيس مصلحة التجار الصغار. كما ان الأوضاع السياسية الداخلية في البلد تقلق السلطات خصوصا بالنسبة للانقسام بين الذين في اليسار ينتقدون الحرب الإسرائيلية في غزة وهم ضد استقبال الرياضيين الإسرائيليين والرئيس الإسرائيلي والحرب قائمة في غزة وغيرهم من مؤيدي إسرائيل وهم كثر في البلد. الجو مشحون بالتوتر والانقسام على الصعيد السياسي، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني في حكومة غبريال اتال المستقيلة يجيب على الذين ينتقدون استقبال اللاعبين الإسرائيليين ورئيس الدولة الصهيونية ان هؤلاء مرحب بهم. أما الذين ينددون بمشاركة الإسرائيليين في حين ان الرياضيين الروس منعوا عن المشاركة تحت العلم الروسي بسبب حرب أوكرانيا فترد عليهم الأوساط الإعلامية الفرنسية المؤيدة لإسرائيل بأن هناك اختلاف بين المسألتين، في حين ان في الواقع المبدأ هو نفسه بالنسبة لهجوم دولة على ارض ليست لها. مساء الجمعة يستقبل الرئيس الفرنسي ماكرون اكثر من مئة رئيس دولة وحكومة في قصر الايليزيه بمناسبة الافتتاح الذي سيجري على نهر السين مع بواخر وسفن مع العاب نارية ورقص أرادته فرنسا استثنائي لإظهار للعالم انها افضل بلد لتنظيم مثل هذه المناسبات. ولكن التهديد الأمني والقلق من العمليات الإرهابية يحول دون تسهيل فكرة ان عاصمة النور باريس هي الأفضل لاستضافة هذه الألعاب. إن نجاح الافتتاح المتوقع ليلة الجمعة قد يثبت مهارة فرنسا في حسن إقامة الاحتفالات ولكن بكلفة كبرى على سكان المدينة وعلى قطاع الاعمال فيها وعلى الشرطة وقوات الامن المستنفرة أينما كان في العاصمة.

مشاركة :