تحت ضغط متزايد من حزبه، أعلن جو بايدن الأحد الانسحاب من السباق الرئاسي للعام 2024. ومع بقاء ما يزيد قليلا عن ثلاثة أشهر على إجراء الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر، يبقى أن نرى ما إذا كان الحزب الديمقراطي سيتحد سريعا حول خلفه من عدمه، ما يضفي المزيد من عدم اليقين على المشهد الانتخابي الأمريكي. --لماذا انسحب بايدن؟ منذ فترة يواجه بايدن البالغ من العمر 81 عاما شكوكا فيما يتعلق بلياقته العقلية. وقد تصاعدت الدعوات المطالبة بتنحيه بعد أدائه الكارثي في مناظرة 27 يونيو، وقد حثه أكثر من 30 مشرعا ديمقراطيا علنا على الانسحاب. كما بدأ بعض المانحين الرئيسيين للحزب الديمقراطي في القفز من السفينة، وتوقفوا عن دعمهم المالي لحملة بايدن. وتوقعت صحيفة ((نيويورك تايمز)) أن تنخفض تبرعات كبار المانحين لحملة بايدن بمقدار النصف في يوليو. وفي الآونة الأخيرة، نقلت تقارير إعلامية أمريكية عن مصادر مطلعة قولها إن شخصيات ديمقراطية بارزة، بينهم الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، عبروا سرا عن شكوكهم إزاء فرص نجاح بايدن في الانتخابات وحثوه على الانسحاب. وفي يوم الجمعة، بعد يوم من قبول الرئيس السابق دونالد ترامب رسميا ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، طالب عضوان ديمقراطيان بمجلس الشيوخ و10 أعضاء آخرون بمجلس النواب بايدن بالتنحي عن السباق الرئاسي. وفي الأسابيع التالية للمناظرة، حاول بايدن جاهدا التصدي لتلك الدعوات المتنامية داخل حزبه ضد خوضه الانتخابات، مؤكدا بشكل متكرر التزامه باستمرار حملته. وعشية إعلان انسحابه، قال على وسائل التواصل الاجتماعي إن هذه "أهم انتخابات في حياتنا"، معلنا أنه "سيفوز بها". ويسلط قرار انسحاب بايدن في مثل هذه المرحلة المتأخرة من الدورة الانتخابية الضوء على الأزمة الحادة التي واجهها بايدن منذ المناظرة الرئاسية الأولى. وقرر رئيسان ديمقراطيان فقط هما هاري أس ترومان وليندون جونسون عدم الترشح مرة أخرى خلال العام الانتخابي في السنوات الـ 75 الماضية، إلا أن "الظروف كانت مختلفة تماما"، حسبما ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) نقلا عن تيم نفتالي، المؤرخ والمدرس في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة كولومبيا. وكان ترومان يبلغ من العمر 67 عاما عندما قرر عدم السعي لولاية أخرى بينما كان جونسون يبلغ من العمر 59 عاما عندما أنهى حملته. وانسحب كلاهما في الأشهر الأولى من موسم الانتخابات بعد أن طفح بهما الكيل لإيجاد طريقة تنهي الحروب الطاحنة ضدهما. وبحسب بيانات موقع ((ريل كلير بوليتكس))، فإن ترامب حتى 18 يوليو كان يتقدم على بايدن بمتوسط 3 نقاط مئوية في استطلاعات الرأي الوطنية كما تقدم عليه في ولايات متأرجحة رئيسة مثل ويسكونسن وميتشيغان وبنسلفانيا. وبعد أن أعلن بايدن انسحابه، قال أوباما في بيان إن هذا القرار بلا شك هو أحد أصعب القرارات في حياة بايدن." أن ينظر بايدن إلى المشهد السياسي ويقرر أنه يجب أن يمرر الشعلة إلى مرشح جديد هو بالتأكيد أحد أصعب القرارات في حياته". -- الخطوة التالية للحزب الديمقراطي لم يسبق لمرشح رئاسي مفترض لحزب أن انسحب من السباق في مثل هذه المرحلة المتأخرة، ما يضيف حالة من عدم اليقين إلى آفاق الحزب الديمقراطي الانتخابية ويهز المشهد العام للانتخابات الأمريكية. وبعد إعلان انسحابه، قدم بايدن دعمه الكامل لترشيح نائبته كامالا هاريس للرئاسة وحث الديمقراطيين على الاتحاد لهزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب. كما أعرب آل كلينتون عن دعمهما لهاريس كمرشحة للحزب. ومع ذلك، فإن شخصيات ديمقراطية من الوزن الثقيل مثل أوباما وبيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز لم يؤيدوا هاريس في بياناتهم. وأشارت صحيفة ((ذا هيل)) إلى هذا "الإغفال الملحوظ بينما يتجه الديمقراطيون إلى مسار مجهول قدما". وعلى الرغم من أن هاريس هي وريثة بايدن، إلا أن بيلوسي أعربت سابقا عن تفضيلها لتحديد مرشح الحزب من خلال عملية مفتوحة. ويهدف المؤتمر الوطني الديمقراطي، المقرر أن يعقد في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس في شيكاغو، إلى تسمية المرشح رسميا. ويبقى أن نرى ما إذا كان الحزب قادرا على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن مرشحه قبل ذلك. وفي الوقت الحالي، لا تتفوق هاريس بشكل كبير على بايدن في استطلاعات الرأي ضد ترامب. ووفقا لموقع ((ريل كلير بوليتكس))، فإن ترامب يتقدم على هاريس بمعدل 1.7 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي الوطنية حتى 18 يوليو. من آخر يمكن أن يكون مرشحا محتملا؟ وفقا لتحليلات وسائل الإعلام الأمريكية، فإن هناك قائمة طويلة تشمل حاكمة ميتشيغان غريتشن وايتمير، وحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكم كنتاكي آندي بيشير، وحاكم إلينوي جي بي بريتزكر، ووزير النقل بيت بوتيغيغ، الذين شارك في الانتخابات التمهيدية للعام 2020، غير أن وايتمير أعلنت أنها لا تنوي الترشح. كما يأتي عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ساوث فيرجينيا جو مانشين، الذي غير صفته من مرشح للحزب إلى مستقل في مايو، كمرشح محتمل. وغلقت صحيفة ((واشنطن بوست)) في مقال عن ذلك قائلة: "من ناحية، حصل الديمقراطيون على ما أراده الكثيرون في الحزب وهو انسحاب بايدن. من ناحية أخرى، العملية المتعلقة بمن سيأتي بعد ذلك تمثل سؤالا كبيرا-- ربما يكون صعبا". وقال موقع ((أكسيوس)) إن المؤتمر الوطني الديمقراطي قد يصبح "رحلة برية وحشية". --انتخابات فوضوية بعد انسحاب بايدن من السباق، قد يؤدي الصراع على خليفته داخل الحزب الديمقراطي إلى استمرار الفوضى. وفي المعسكر الجمهوري، بدأ بعض المشرعين في حث بايدن على الاستقالة من منصبه. وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون في بيان "إذا لم يكن جو بايدن لائقا للترشح للرئاسة، فهو غير لائق للعمل كرئيس. يجب أن يستقيل من منصبه على الفور". وقال سوط الأغلبية في مجلس النواب توم إيمر "إذا اعتبر الحزب الديمقراطي أن جو بايدن غير لائق للترشح لإعادة انتخابه، فهو بالتأكيد غير لائق للسيطرة على رموزنا النووية. يجب أن يتنحى بايدن عن منصبه على الفور". وادعى ترامب أن فريق حملته اضطر إلى إنفاق الوقت والمال لمحاربة بايدن، والآن بعد انسحابه، عليهم البدء من جديد. وقال المرشح الجمهوري "ألا ينبغي تعويض الحزب الجمهوري عن الاحتيال لأن كل شخص حول جو ... هل كان يعرف أنه غير قادر على الترشح أو أن يكون رئيسا؟" ويعد انسحاب بايدن هو أحدث تطور في الانتخابات الأمريكية الفوضوية للعام 2024. وقبل أسبوع واحد فقط، نجا ترامب بأعجوبة من محاولة اغتيال خلال تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا، حيث اخترقت رصاصة أذنه اليمنى. وفي الأيام القليلة الماضية، مع تزايد الدعوات المطالبة بانسحاب بايدن داخل الحزب الديمقراطي، بدأ المانحون في التخلي عنه. ويحصل ترامب، الذي يتصدر استطلاعات الرأي حاليا، على تبرعات كبيرة. وأعلن الملياردير بيل أكمان دعمه لترامب بعد محاولة الاغتيال. وقبل ستة أشهر، دعم أكمان عضو الكونغرس عن ولاية مينيسوتا دين فيليبس، الذي خاض الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا أيلون ماسك مؤخرا عن دعمه لترشح ترامب للرئاسة، متعهدا بتقديم 45 مليون دولار شهريا إلى لجنة العمل السياسي المستقلة التي يمكنها جمع مبالغ غير محدودة من الشركات والنقابات وكبار المانحين. وفي المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأخير في ميلووكي، قال داستن ويفل، مؤسس "شركة دي ار دبليو كامبينز" من ميشيغان، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التمويل سيتبع المرشح الذي سيفوز على الأرجح.
مشاركة :